Saturday  04/12/2010 Issue 13946

السبت 28 ذو الحجة 1431  العدد  13946

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

في لسان العرب: بَطَلَ الشَّيءُ يَبْطُل بُطْلاً وبُطولاً وبُطلانا: ذهب ضياعاً، وخُسْراً، فهو باطل، ويقال: ذهب دمه بُطْلاً، أي: هَدْراً. وإنما أُطْلِق على السَّحَرة «البَطَلَة» لأنهم يأتون بالباطل، والتبطُّل فِعْلُ البَطَالَةِ، وهو اتباع اللُّهو، والجَهالَة.

وبَطَل الأَجير، يَبْطُلُ «بَطَالةً» - بفتح الباء - و»بِطَالةً» بكسر الباء، أيْ تعطَّل عن العَمَل فهو «بَطَّال».

والباطل نقيض الحقّ، قال تعالى: {وَيُرِيدُ اللّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ}.

ويذكر بعض المفسرين، كما ورد عن قتادة والسُّدِّي، أن المقصود بالباطل في قوله تعالى: ?قُلْ جَاء الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ? هو إبليس الذي لا يستطيع أن يبدأ خَلْق شيء، أو أن يُعيدَه، وإنَّما يقوم عمله على التهويل والتضليل، والإغواء، والوسوسة.

هكذا يتحرَّر - في لغتنا - مَعْنَى البَطالة؛ فنرى من معانيها العُطْلَةُ من العمل، والَفَراغُ منه، فما يوصف الإنسان بأنَّه بَاطِل، سواءٌ أكان رجلاً أم امرأة إلاَّ إذا تعطَّل من العمل الذي يُنْتَظَر من مثله.

ولا بدَّ لنا؛ لنكون منصفين مع أنفسنا، ومجتمعنا، من استخدام مصطلح البِطالة استخداماً صحيحاً؛ لأداء غرض صحيح، بعيداً عن المبالغة، والتهويل؛ حتى نستطيع أن نعالج موضوع «البِطالة» التي تعني «العُطْلَةُ والفراغ من العمل» معالجة صحيحة، نرضي بها ربَّنا سبحانه وتعالى، ونسهم بها في القضاء - قَدْر ما نستطيع - على مشكلة البَطَالة في بلادنا، سَعْياً إلى الإفادة من الطاقات البشرية بأقصى ما يمكن.

ومن أهم جوانب تحرير «مصطلح البَطالة» أنْ تُطْلَق على الشيء حقيقةً لا مجازاً، وواقعاً لا تخيُّلاً، وهو جانب مهم إذا كنَّا نريد مصلحة الوطن فعلاً.

في جانب الرِّجال نرى بَطَالةً واضحةً في هذه الأعداد الهائلة من الشباب التي لا تجد عملاً يحقِّق لها القدر المعقول من الحياة المستقرة، والأمن النفسي، والاستقرار الاجتماعي؛ فإطلاق مصطلح البطالة - هنا - إطلاق مُنْصِفٌ، وإبرازُه لوصف «واقع هؤلاء الشباب» دون مبالغةٍ مهمٌّ جداً لنتمكَّن من الإحساس بالمشكلة، ولنسعى إلى معالجتها بما نستطيع من البرامج والوسائل التي تفتح مجالات العمل المتعدِّدة.

إنَّ هذه الأعداد الكبيرة من الشَّباب التي تغدو كلَّ يومٍ وتروح دون ارتباطٍ بعملٍ تقوم به تشكِّل عبئاً اجتماعياً ثقيلاً، وخطورةً أمنيَّة كبيرة، مهما حاولنا أن نتجاهلها، أو نهوِّن منها، أو نسوِّغ لبَطالتها بمسوِّغاتٍ لا جدوى منها.

إنها مشكلةٌ واقعية تؤكِّدها تقارير الإحصاء الصادرة عن وزارة العمل، كما تؤكِّدها الجهات الأمنيَّة التي تعاني من بَطالة هذه الأعداد الكبيرة من الشباب.

وفي مقابل بطالة الرِّجال يأتي الحديث عن بَطالة النساء، وهنا يجب علينا - حرصاً على الأمانة - أن نحرِّر المصطلح تحريراً شرعياً - بالدرجة الأولى - ثم واقعياً واجتماعياً واقتصادياً وخلقياً.

هل المرأة «عاطلة» في مجتمعنا بهذه الصورة التي تعرضها وسائل الإعلام المختلفة، ويتحدث عنها بعض رجال ونساء الأعمال؟

وهل إطلاق مصطلح «البَطالة» على النساء إطلاقٌ دقيقٌ يجعلهنَّ فيه.. كالرجال تماماً؟ وهل المصلحة العليا للوطن أن نخلط دلالات هذا المصطلح بهذه الصورة؟

هنا يجب أن نراقب الله - عز وجل - وأنْ نغلِّب المصلحة الحقيقية لبلادنا إنساناً وأرضاً وكياناً سياسياً مهمَّاً؛ فنكون موضوعين في طرح المشكلة طرحاً معتدلاً منصفاً.

تؤكد دراسات غربية، قبل أن تكون عربية إسلامية، أنَّ ما حَدَث في العالم منذ بداية عصور النهضة الصناعية والاقتصادية من إقحام النساء في مجالات العمل المختلفة بدعوى المساواة بينها وبين الرجال في هذا المجال كان خَطَأً استراتيجياً كبيراً، وعثرةً حضاريةً لا ينكرها إلا من يجهلها أو يكابر فيتجاهلها.

المرأة ليست عاطلة في بلادنا، ومن حقِّ نسائنا القائمات بعملهنَّ الحقيقي في بيوتهنَّ ورعايتها ألا نؤذي مشاعرهن ونظلمهنَّ بوضعهن في دائرة «البَطالة».

وهذا ما يجعلني أطالب وزارة العمل بتحرير مصطلح البطالة بهدوءٍ وموضوعية؛ حتى نعالج المشكلة من جذورها، وحتى لا نسهم في صنع شكلٍ هُلاميّ لبطالة النِّساء في مجال الوظائف والأعمال العامة خارج المنزل؛ فنوجد «بطالةً» أخطر، تُفرِّغ بيوتنا من العمل الحقيقي للمرأة، وتشوِّش عليها أجواءَ وظيفتها الكبرى.

إنَّ معالجة «بَطالة الرجال» هي المسؤولية الوطنية الكبرى، وهي أساس القيام بواجب الأمانة التي يسألنا الله عنها.

إشارة:

بَطَالةُ الشَّباب هي القنبلة التي يمكن أن تفتِّت كيان المجتمع والاقتصاد العربيّين «جريدة البيان الإماراتية»

 

دفق قلم
تحرير مصطلح البطالة
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة