Sunday  05/12/2010 Issue 13947

الأحد 29 ذو الحجة 1431  العدد  13947

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

منذ عام 2004 ووزارة التربية والتعليم تشارك في مسابقة «توجهات الدراسات العالمية للعلوم والرياضيات»، وتعد هذه المسابقة أداة اختبار لتقييم التوجهات في مدى تحصيل الطلاب في العلوم والرياضيات على مستوى العالم، المسابقة تعرف اختصارا باختبارات ال»timss»، كما شاركت الوزارة في أولمبياد الرياضيات والعلوم، وأخيرا الحاسب الآلي، وكانت الغاية التعرف على المستوى التحصيلي لمادتي العلوم والرياضيات في المملكة، أسوة بما يتم قياسه في بقية دول العالم، فالمملكة يجب أن يكون لها مكانة لائقة بها في كافة مجالات العلوم والمعرفة، يليق بما يتوافر فيها من إمكانات مادية، وكفايات بشرية قادرة على تحقيق النجاحات، ولكن على غير ما كان متوقعا، جاءت نتائج المشاركة في كل المرات صادمة مخيبة، ودون المتوقع بمراحل، وفي هذا العام جاءت النتائج كسابقاتها، مخيبة للآمال، بل مثيرة للحزن والألم، على الرغم من تكرر المشاركات، والجهد الكبير الذي بذل استعدادا لهذه المسابقة والمشاركة فيها، حيث تمت الاستعانة - كما قيل - ببيوت خبرة عالمية في إعداد الطلاب المشاركين، وتم تدريب الطلاب على اختبارات المسابقة، عطفا على ما يفترض أن يكون قد تعلمته الوزارة من دروس المشاركات السابقة، إنه لأمر يدعو للعجب أن تبقى المملكة في ذيل القائمة، بل هو محزن مخجل لاسيما بعد أن مرت المشاركة بالعديد من التجارب والمحاولات التي يفترض أن تتمخض عن تطور وتمكن بل وإتقان يفضي إلى تحقيق مواقع متقدمة جدا على المستوى العالمي، ولقد عبرت عدد من الصحف عن هذا الشعور وعكسته في عناوين رئيسة كلها يشير إلى إحباط وألم، وتحسر على ما يبذل من جهود وما ينفق من مال لم يتمخض عنها أية نتائج حتى في الحدود الدنيا.

أذكر أنه عندما طرحت فكرة المشاركة في المرة الأولى في مسابقة اختبارات الtimss، على الطاولة في الاجتماع الدوري لمنسوبي وزارة التربية والتعليم، تردد البعض، واعترض آخرون، وكانت مسوغات المترددين والمعارضين واضحة ومنطقية، إلا أن خيار المشاركة رجح بعد عدة مداولات جلت الموقف، وتبين للحاضرين أهمية المشاركة، والتي لم يكن من بينها هاجس المباهاة أو التطلع إلى المصاف المتقدمة في نتائج هذه المسابقات عند أي من الحاضرين البتة، بل كان الهدف والغاية التعرف على أين نحن من بين دول العالم المشارك في هذه المسابقات، فالعلوم والرياضيات مواد علمية لا تختلف مضامينهما من دولة إلى أخرى، المفاهيم واحدة، والمصطلحات واحدة، لكن الاختلاف في كيفية تدريس هذه المفاهيم وهذه المصطلحات.

لقد كانت الغاية من المشاركة منطقية وعقلانية، وتعكس روحا وطنية مسئولة، إنها التعرف على المستوى الفعلي للتحصيل في الرياضيات وفي العلوم أولا، ومن ثم البدء في وضع خطة تطويرية شاملة لتحسن المستوى، ومن ثم المشاركة بصورة إيجابية مثمرة، تليق بالمملكة اسما ومكانة، الإخفاق الأول في تحقيق نتائج إيجابية في المسابقة مقبول ومسوغ، وكذلك في المرة الثانية إلى حد ما، لكن أن يستمر الفشل لاسيما بعد تلك الاستعدادات الكبيرة، والاستعانة بالخبراء وبيوت الخبرة فذاك أمر محير، وحتما ينبئ عن خلل واضح في تعليم الرياضيات والعلوم، والحال نفسها تنطبق على باقي المواد.

إن التوجه إلى تمكين عدد محدود مختار من الطلاب للمشاركة بهم في مسابقة العلوم والرياضيات أمر يجب مراجعته، فعطفا على عدم منطقية هذا الأسلوب الذي لم يحقق أية نتيجة مرضية، فهو لا يحقق الغاية المنشودة من المشاركة، فأساليب مربيي الدواجن الذي يجتهدون في تسمينها وبطرق غير أخلاقية، خلال مدة قصيرة، ثبت أنه أسلوب مضر بالصحة، والحال نفسها ينطبق على التمكين المصطنع المتكلف لعدد محدود من الطلاب، فعلى مظنة أنهم حققوا فوزا ما والحمد لله أنه لم يتحقق لكان ذلك أكبر كذبة وخدعة، لأنه سوف يفضي إلى حالة من التباهي والمباهاة لا تعكس واقعا، ولا تدل على حقيقة ما يجري فعلا في الميدان التعليمي من فشل ذريع في التحصيل العلمي في العلوم والرياضيات.

فهل من سبيل للتحسين الفعلي والحقيق لمستوى تعليم الرياضيات والعلوم وتمكين الطلاب منها بشكل صحيح بعيد عن هاجس المسابقات والدعايات الكاذبة التي لا تزيد الواقع إلا سوءا وتكريسا للإخفاق والبقاء في ذيل القائمة؟.

 

أما بعد
مسابقات الحزن
د. عبد الله المعيلي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة