Monday  06/12/2010 Issue 13948

الأثنين 30 ذو الحجة 1431  العدد  13948

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

متابعة

 

كان صموتاً وقوراً ... إبراهيم المديهش مثالاً
عبدالله بن حمد البريدي

رجوع

 

عصر يوم السبت الماضي الموافق للحادي والعشرين من شهر ذي الحجة أُديَتْ صلاة الميت على الشيخ الفاضل إبراهيم بن عبدالرحمن المديهش، ثم حُمل جثمانه ووري الثرى في مقبرة النسيم، رحمه الله تعالى وغفر له.

فيا لها من جنازة مهيبة لرجل مهيب، لم يكسب تلك الهيبة من مال زائد أو من سلطة أو منصب، أو من جاه ونفوذ كان له في دنياه، بل كسب هيبته ومحبة كل مَن عرفه من وقار تميَّز به، وصمت أكسبه سمتاً لازمه في كل مجلس يحل به، فلا تكاد تسمع منه إلا سؤالاً عن الصحة والأولاد والوالدين لمن حادثه أو دعوة صادقة يوجهها لمن سلَّم عليه!

وكسب المحبة والهيبة أيضاً من حُسن التعامل والصدق القولي والعملي ولا أزكي على الله أحداً. فيكفيك دلالة على ذلك ما تسمعه أثناء وبعد دفنه، ثم ما تسمعه أيام العزاء من قريب أو صديق أو جار منزل أو (جار سوق) أو غيرهم ممن كان لهم مع المرحوم تعامل في مختلف المجالات، فالكل أثنوا على المرحوم أبي عبدالله ذاكرين كثيراً من خصاله ومناقبه عليه رحمة الله.

إن سمح لي القلم ثم المكان وقبلهما القارئ الفاضل بالحديث أكثر تركيزاً عن خصلة معينة للفقيد رحمه الله، فإني سأقف وقفات عن صفتين متلازمتين له وإحداهما مسببة للأخرى وهما: الصمت والوقار.

فقد كان رحمه الله صموتاً وقوراً كما ذكرت، فهل هما صفتان يسهل الحصول عليهما؟

بالتأكيد لا، فحال أغلب الناس اليوم التعب والمعاناة ولا أبالغ إن قلت الآلام، وما السبب؟ إنها آفات اللسان، والحديث في زيد والكلام عن عمرو، والخوض في كل شيء، في صغير الأمور وعظيمها، فالكل يعلم والكل يعرف، والكل صادق، والكل مخلص، والكل ناصح أمين!

وما النتيجة؟ غيبة لفلان ونميمة، وهمز ولمز، وتقطيع لحم وتكسير عظم في القريب قبل البعيد، فلا الصالح من شرِّهم سلم ولا غير الصالح لنصيحة منهم غنِم، فأنى لهؤلاء وأولئك الوقار؟ عياذاً بالله من هذه الحال.

لاشك أن لكل إنسان نبراساً يهتدي به في سيره ومعيناً ينهل منه، فما كان نبراس أبي عبدالله ومعينه؟

كان يهتدي بما ورد في كتاب الله عز وجل وما جاء في سنة المصطفى صلوات الله وسلامه عليه في كل مافيه حث على الصدق ولزوم الصمت وعدم الكلام إلا مافيه رضى الله ومافيه الخير للإنسان ولمن حوله.

فمن نباريسه رحمه الله قول الله تعالى: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً}.

وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو ليصمت).

ومن معين الحكمة الذي كان ينهل منه رحمه الله:

ما دار بين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما عندما دخل الفاروق على الصديق ورآه يجبذ لسانه، فقال عمر: مه! غفر الله لك، فقال أبو بكر: إن هذا أوردني الموارد.

وقول الأحنف بن قيس رحمه الله: (الصمت أمان من تحريف اللفظ وعصمة من زيغ المنطق، وسلامة من فضول القول وهيبة لصاحبه).

وقول عمر بن قيس: إن رجلاً مر بلقمان الحكيم والناس مجتمعون حوله، فقال له: ألست عبد بني فلان؟ قال: بلى، قال: ألست الذي كنت ترعى عند جبل كذا وكذا ؟ قال: بلى، قال: فما الذي بلغ بك ما أرى؟

قال: (بصدق الحديث وطول السكوت عما لا يعنيني).

فهل نجعل مما سبق نباريس نهتدي بها ونجعل الصمت رفيقاً لنا عندما يكون الصمت أبلغ وأنفع وأرفع لنا وأشجع من كلام لايأتي بخير؟

رحم الله الشيخ إبراهيم المديهش الذي برحيله فقدنا علماً للحكمة والوقار، فغفرالله له وحرَّم وجهه على النار.

Al-boraidi@hotmail.com
 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة