Monday  13/12/2010 Issue 13955

الأثنين 07 محرم 1432  العدد  13955

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

ورود الأمل

 

كابوس الماضي وحصار الحاضر

رجوع

 

أنا فتاة على مشارف العشرين تحرش بي أحد أخوالي وأنا صغيرة فخلف ندبة في القلم ما برئ وما كان هذا إلا بسبب الإهمال والثقة الزائدة من الأهل. كرهت خالي وكبر معي كرهه -حتى أني الآن لا أكلمه- انقطعت علاقتي به ولا شيء سوى السلام في الأعياد إذا زرنا بيت جدتي ولكن ابتليت بخالي الآخر -متزوج- لكن ما إن تزوج حتى أعلن لي حبه غير الطبيعي -لا يرسل لي على الجوال سوى حبيبتي ومن هذه العبارات. للأسف الشديد أنا من عائلة يقال لها ملتزمة قد تصعق أي التزام هذا -يؤسفني ذلك دكتور خالد دائماً أدعو الله وأبكي والتجأ إليه أن يهديني ويصلح حالي أقوم في آخر الليل فزعة لأبكي وأبكي وأنام مرة أخرى حتى الصلاة يا دكتور قصرت فيها إلى أن أصبحت أصلي فرضاً وأترك الآخر- بعدت لعلي أجد نبعاً صافياً يرشدني ويكون لي عوناً بعد الله في إكمال مسيرة حياتي بلا ألم. انتظر الرد بفارغ الصبر دعواتك لي. وفقك الله لما تحب وترضى وأسعدك وجعل عملك في ميزان حسناتك.

ولك سائلتي الفاضلة الرد:

ربما يوّجه البشر أبصارهم وهم في غمرة أوجاعهم وشدة متاعبهم وآلامهم نحو محطات العناء وينفقون لحظاتهم في استرجاع تلك الذكريات المريرة والأحزان القديمة وما حفلت به رحلة الحياة من ساعات الغدر ومواطن الفشل ومنعطفات الهم، والمشكلة تكمن في الذهول التام والغفلة أحياناً المتعمدة عن إيمانهم العميق وقدرتهم العجيبة وصلابتهم المتناهية والتي مكنتهم من عبور تلك المحن واجتياز هاتيك الأهوال، ومن كانت تلك عادته الفكرية إنما يهيئ نفسه للانضمام إلى نادي الاكتئاب ومنتدى التعاسة، وتبعاً لهذا سيفقد هؤلاء مواهبهم وسيحرمون أنفسهم من حسن الاستجابة لمشاهد الحياة الجميلة وسيعكرون بأيديهم صفو ساعات الأنس والتي منحها الله لهم لينعموا بالأمان بعد طول العناء، ولا أجد وصفاً أصف به ما فعله قريبك إلا بالفعل السافل والسلوك الخسيس والأيام كفيلة برد الدين له فلا تقلقي وإن لم يكن في الدنيا فلن يفلت منها والله في الآخرة يقول الشيخ علي الطنطاوي: الاعتقاد بوجود الحياة الآخرة نتيجة لأزمة للاعتقاد بوجود الله، وبيان ذلك أن الإله لا يقرّ الظلم، ولا يدع الظالم بغير عقاب، ولا يترك المظلوم من غير إنصاف. ونحن نرى أن في هذه الحياة من يعيش ظالماً ويموت ظالماً لم يعاقَب، ومن يعيش مظلوماً ويموت مظلوماً لم ينصَف. فما معنى هذا ؟ وكيف يتم هذا ما دام الله موجوداً، وما دام الله لا يكون إلا عادلا ؟ معناه أنه لا بد من (حياة أخرى) يكافأ فيها المحسن ويعاقَب المسيء) . وليس مقصدي من هذا الرد أن أصب في روحك ووجدانك شجاعة وقوة ليست فيها! أبداً ولكن مرادي أن أثير كوامن القوة والشجاعة التي فترت في روحك وأيقظ الصلابة المتثائبة في نفسك, وأقول لن يعيد البكاء الأيام الخوالي لنقفز فوق تلك الحفر المظلمة التي كتب الله أن نقع فيها ولن يستطيع الحزن أن يغير من شريط الذكريات شيئاً ولكنك ستعيشين حاضراً جميلاً وستصنعين مستقبلاً زاهراً بإيمانك بالله وبثقتك بنفسك وباعتقادك أن البشر كل البشر ليس بمعزل عن التعرض للابتلاءات ولست الوحيدة أيتها الفاضلة وما أروع قول ذلك الحكيم لباكٍ أنهكته الذكريات المريرة حيث قال له: ابتسم فلست أشقى أهل الأرض! وتذكري دوماً وأبداً أن كل إنسان يملك حياته‏..‏ ومن علامات سيادة الحياة وجودة إدارتها أن يتقبل ما قدره الله له وأن يسعى إلى تغيير ما يمكنه تغيره ولقد كان أحد الحكماء يدعو الله قائلاً يقول‏:‏ رب أعني على تغيير ما ينبغي لي تغييره‏..‏ وعلى تقبل مالا أستطيع تغييره وهبني التفريق بينهما‏.

والحق أنك أيتها الفاضلة في أمس الحاجة إلى تلك المهارة الخاصة للتفرقة بين ما تملكين ومالا تملكين تغييره من ظروف الحياة‏!‏ وبين ما لك يدٌ فيه ومالا يد لك فيه، الآن انهضي ولا تستسلمي وانفضي عنك غبار القلق, واستعيني بخالقك وانطرحي على عتباته واسأليه أن يمدك بزاده ويعينك على نوائب الأيام وأما بالنسبة للخال الثاني فكلمة (حبيبتي) لوحدها لا أظن أنها دليل قاطع على سوء نيته وقرينة إدانة له وتجريم ما لم تكن هناك أمور أخرى لم تذكرينها وعلى كل حال إن كان عندك ما يدينه فلا تسكتي وتشجعي وكوني قوية ولا تضعفي نفسك ولا تحدثيها بأنك ضعيفة فتكرار تلك الرسائل يوهن ولاشك من قدراتك فالناجحون في الحياة يؤكدون أن حياتهم قد بدأت عندما بدؤوا يثقون بأنفسهم، وأنصحك بأن ترسلي له رسالة استنكار وتذكير بالله مشددة على أنك لن تسكتي فيما لو جاوز حده لعله يرعوي ويعود إلى رشده, ثم قاطعي رسائله ولا تفتحيها حتى لا تضغط عليك وقومي بحذفها مباشرة وبهذا ستجففين مصدراً من مصادر التوتر عندك ومما أزعجني تهاونك في الصلاة فالصلاة تُراح بها النفوس المتعبة.. وتعود معها أسراب الأرواح المنهكة إلى أعشاشها.

الصلاة أيتها الفاضلة شفاء للقلوب التي نالت منها متاعب الحياة.. ودواء لمرض النفوس وعناء الأجساد.. والأرواح الحائرة لا يهديها للخير إلا الصلاة فحافظي على صلاتك والزمي مصلاك بعد كل فرض خمس دقائق وافرغي كأسك الممتلئ بمناجاة ساكنة لخالقك حتى لا تصلي لمرحلة الانتحار المعنوي.

كما أنبه أخيراً على أنه من الظلم الشديد الحكم على جميع المتدينين من خلال تصرف أفراد والإشكالية فيما أراه من ثقافة للمجتمع تقصر التدين على أصحاب اللحى والثياب القصيرة وفضاء التدين الحق لا شك أرحب وأوسع, وما فائدة المظاهر البراقة إذا كانت الدواخل مظلمة نتنة!! رعاك الله وسددك وكتب لك الخير.

شعاع:

يمكنك توجيه الشراع كما تريد ولكن لن تستطيع التحكم باتجاه الريح

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة