Thursday  16/12/2010 Issue 13958

الخميس 10 محرم 1432  العدد  13958

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

ينتظم في التعليم العالي عدد كبير من الطلاب والطالبات وبتخصصات متعددة، وهم كما يعلم الجميع من بيئات متباينة (فقراً وغنى، تعلماً وأمية، استقراراً واضطراباً)، ولهم عقليات وهوايات وطموحات وتطلعات مختلفة، وربما لا يعرف عنهم المخطط في الجامعة، وكذا عضو هيئة التدريس، والمسؤول عن الأنشطة الطلابية والمرشد الاجتماعي والنفسي إن وجد، بل حتى مدير الجامعة إلا أن عددهم يفوق 50000 مثلاً، وسوف يتخرج هذا العام من الطلاب والطالبات 8000 تقريباً، فضلاً عن أن تكون وزارة التعليم العالي على دراية بخلفيات طلابها وأوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والفكرية وهواياتهم ونظرتهم لما حولهم ولمن معهم في ميادين الحياة المختلفة، ولذا ففكرة وجود مرصد طلابي يمكن من خلاله الإجابة على العديد من التساؤلات التي تدور في خلد المخطط، ويبحث عنها الدارس والمفكر، وينشدها متخذ القرار أمر -في نظري- مهم للغاية، علاوة عن أن مثل هذا المشروع يتيح للمسؤول المهتم معرفة البناء القيمي لهؤلاء الطلاب في هذه المرحلة من العمر، ويعطي فرصة للمختصين قياس الاتجاهات والتوجهات الشبابية في المجتمع السعودي، وذلك عن طريق أدوات البحث ومناهجه المعروفة، ومع احترامي لما هو موجود من معلومات سواء في عمادات القبول والتسجيل في جامعاتنا السعودية، أو لدى مصلحة الإحصاءات العامة مثلاً أو... ليس فيها ما يمكن أن يعتد به ويبنى عليه مؤشرات صحيحة نعرف من خلاله أين يقف طلاب جامعاتنا من خارطة بناء التكوين التنموي الحالي، وعلى افتراض أن أحدنا طرح سؤالاً عارضاً عن هويات المجتمع الطلابي في جامعة ما، كم من الطلاب والطالبات يهوى ركوب الخيل، أو لديه ميل قوي تجاه الرياضة التي يحصرها الكثير منا بكرة القدم، أو لديه حب للرحلات العلمية، أو يجيد فن الإدارة ويملك زمام المبادرة ولديه روح العطاء ورغبة الإنجاز ويحسن التصرف في المواقف الصعبة وعنده القدرة على اتخاذ القرار، أو أنه من هواة الصيد، أو الخطابة، أو الكتابة الصحفية، أو أنه بارع في الرياضيات، أو عنده ميل لتعلم اللغات الأجنبية أو... أتحدى إذا وصل السائل إلى إجابة صحيحة ودقيقة، ليس على كل هذه التساؤلات بل على شيء منها ولو أقل القليل، وليس على مستوى الجامعة بل على مستوى قسم من الأقسام وفي سنة واحدة فقط!!، وخذ مثالاً آخر ذا صبغة اجتماعية هامة، كم من الطالبات مثلاً متزوجات، مطلقات، مخطوبات، طبعاً لن تجد الإجابة، وعلى الجانب الفكري والسلوكي أيضاً، هل نعرف الطالب الذي لديه نزعة عنف وعدوانية، أو أن عنده ميولاً تطرفية أو توجهات فكرية أو أنه يتعاطى المخدرات أو يوظف النت لبث روح الفتنة وإيغار الصدور أو... حتى نستطيع رسم منهج تربوي/ فكري / نفسي / اجتماعي متخصص لاحتوائه وعلاجه في سن مبكرة وقبل أن يقع الفأس بالرأس؟ طبعاً لا نعرف وربما لا نريد أن نعرف ولو عرفنا قد لا نكترث بكل هذا، ولذا فنحن مثلا على مستوى مشاركة طلابنا في أنشطة وفعاليات الجامعة المختلفة الداخلية والخارجية نمارس في كثير من الأحيان إدارة ما يمكن تسمية (إنجاز اللحظة الأخيرة) وربما ألجأتنا الظروف إلى ما يعرف شعبياً بالفزعة وطلب النخوة ممن نعرف من طلابنا حتى لا نفقد حين حضور المسؤول أو تضيع علينا فرصة المشاركة على الأقل، وقد تلعب الصدفة دورها في التوصل إلى قدرات الطلاب ومهاراتهم المختلفة ومعرفة أن هذا الطالب شاعرٌ أو ناقدٌ أو مخترعٌ أو لاعبٌ أو ممثلٌ أو كاتبٌ أو رسامٌ أو مبرمجٌ، كما أننا لا ندري هل هذا الطالب فقيرٌ محتاجٌ أو مريضٌ بمرض عضال لا سمح الله أو متطرفٌ أو متغربٌ أو... وهذا يجعل إدارة الجامعة في دوائرها المختلفة تتعامل مع الطالب أياً كان باعتباره رقماً مجرداً إلا ما فرض هو نفسه أو فرضته الظروف والمناسبات أو جاء عن طريق معارف وصداقات كما مر.

في ذات السياق تفتقد الأبحاث العلمية والدراسات الميدانية على المجتمع الطلابي إن وجدت المصداقية والشمولية والتكامل التي تخدم مشروعنا التنموي وتحقق المصلحة الوطنية من خلال إيجاد الأرضية الملائمة أمام صناع القرار والمستشارين.

إن المرحلة الجامعية من أهم وأخطر المراحل وفيها تأخذ الشخصية صورتها شبه النهائية عند الغالبية، وفيها تتحدد معالم التكوين الفكري والنفسي، ولذا كان من الضروري التأكيد والتذكير بواجب الجامعات إزاء رسم خريطة التكوين بأبعاده المختلفة لدى طلابها وطالباتها حتى يمكن لها مساعدتهم على شق طريق الحياة بتفوق ونجاح ليس على المستوى الأكاديمي فحسب بل بمختلف الضروب وعلى جميع المسارات العلمية والعملية، الذاتية والأسرية، الفردية والمجتمعية، وإلى لقاء والسلام.

 

الحبر الأخضر
المرصد الطلابي في جامعاتنا السعودية
د. عثمان بن صالح العامر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة