Friday  17/12/2010 Issue 13959

الجمعة 11 محرم 1432  العدد  13959

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

يتذكر كثير من الناس أيام الزمن الجميل وكيف كان للحياة طعم ومذاق خاص يختلف كثيراً عن أيامنا الحالية من نواح عدة. ويمكن أن يتأكد الإنسان من هذه المسألة عن طريق البحث في شبكة الإنترنت عن هذا الموضوع ليرى بأم عينيه الكتابات،

الكثيرة التي تشيد وتتغنى بلهفة وشوق إلى أيام الزمن الجميل. كما يمكن أن يتأكد من هذه المسألة أيضاً عن طريق سؤال كبار السن الذين عاشوا تلك الأيام بحلاوتها ومرارتها. وليس المقصود الأيام بحد ذاتها ولكن المقصود طبيعة الحياة في تلك الأيام لأن الأيام ببساطة لم تتغير.

ومن اللافت للنظر أن الكتاب الذين كتبوا عن أيام الزمن الجميل ينتمون إلى بلدان مختلفة وفي تخصصات مختلفة أيضا. وهذا بالتالي يعطي هذه الكتابات المبررات الكافية على صحة ما جاء في تلك الكتابات أو بعضها على أقل تقدير. كما يعطي فكرة واضحة من أن هناك فروقاً بين ذلك الزمان وبين زماننا هذا من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وغيرها. ومع التسليم بأن الإنسان عنده حنين إلى الماضي وإن كان ذلك الماضي في بعض الأحيان تعيساً إلا أن الذكريات لها سلطان عليه وتستطيع أن تأسره بلذتها ونشوتها مما يجعله يتمنى العودة إلى تلك الذكريات أو عودة تلك الذكريات إليه.

ولا شك أن هناك أسباباً كثيرة لهذه الفروق والاختلافات يأتي في مقدمتها المدنية أو الحضارة الإنسانية التي جعلت هذا العالم يتطور يوماً بعد آخر بسرعة مذهلة. فالشيء الذي كان يستغرق إنجازه عشر سنوات أصبح الآن ينجز في سنة واحدة، ولهذا فقد تشتري جهاز كمبيوتر أو جهاز جوال هذا العام ويصبح العام القادم موديلاً قديماً. كما أن البحوث والدراسات المعدة هذه السنة قد تصبح السنة القادمة قديمة أيضاً. ولا يقتصر هذا الحال على هذه الأمثلة بل يشمل جميع مناحي الحياة حيث أصبح الناس في هذه الأيام يلاحقون هذه المتغيرات ويواجهون الضغوط من جميع الاتجاهات مما تسبب في إصابتهم بأمراض صحية ونفسية ومشكلات اجتماعية ومالية وبيئية وغير ذلك.

إن هذه الحضارة جعلت هذا الكوكب كويكباً رغم كبر حجمه واتساع فضائه. ومع الإيجابيات الكبيرة لهذه الحضارة إلا أنه من الملاحظ اختلال التوازن الحضاري على سطح الكرة الأرضية حيث نرى أن هناك دولاً متقدمة وأخرى متأخرة ودولاً غنية وأخرى فقيرة. وبالتالي ازداد الأغنياء غنى وازداد الفقراء فقراً بالرغم من أن الأزمة المالية العالمية لم تصب إلا الأغنياء. ومن إفرازات هذه الحضارة النمو السكاني الكبير خاصة في الدول النامية التي لم يقابلها زيادة مماثلة في الخدمات التعليمية والصحية والغذائية والوظيفية مما جعل إنسان هذه الدول يصارع الزمن من أجل البقاء.

وأعتقد أن الحضارة الحديثة أحدثت خللاً في السلوك والعلاقات الإنسانية. كما أحدثت خللاً في القيم والعادات والتقاليد، بل أذهب أبعد من ذلك فأقول بأنها أحدثت خللاً في المعتقدات أيضا؛ ولذا فإننا نرى الشيء غير المقبول في الزمن الجميل أصبح مقبولاً الآن والشيء غير المناسب أصبح مناسباً هذه الأيام. ويرى المراقبون أن بداية التغييرات الهامة على هذا الكوكب بدأت مع بداية التسعينيات الميلادية من القرن الماضي بظهور الإنترنت والفضائيات والجوال والتقدم العلمي الهائل حيث أطلق على هذه المرحلة مرحلة العولمة. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.

عضو هيئة التدريب بمعهد الإدارة

 

الزمن الجميل
منصور بن صالح اليوسف

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة