Saturday  18/12/2010 Issue 13960

السبت 12 محرم 1432  العدد  13960

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

تتراكم على أرواحنا نحن البشر أكوام من الأتربة، والأبخرة السامة التي تنشرها الحياة اللاهية، الصاخبة، المنحرفة عن الطريق المستقيم، وتعمل على نشرها آلاف الوسائل نشراً مزعجاً يكاد يصل إلى كل إنسان يعيش في أعمق زاوية من زوايا كوكبنا الأرضي.

إنها مشكلة (التلوث البيئي الروحي) الذي لا يكاد يحظى بعشر معشار اهتمام الناس بالتلوث البيئي الطبيعي، مع أن تلوث بيئة الإنسان الروحية هو سر الشقاء الحقيقي الذي يعاني منه أكثر البشر.

روح الإنسان وفطرته يعانيان من مصادر التلوث الفكري والخلقي، والإعلامي، والأدبي، والأيديلوجي معاناة قاتلة تصيب الحياة البشرية في الصميم.

تعقد المؤتمرات الدولية الكبرى لمناقشة خطورة تلوث البيئة الطبيعي على حياة الإنسان، وتحاول تلك المؤتمرات أن تحاصر مصادر هذا التلوث البيئي لإنقاذ الكرة الأرضية وساكنيها من نتائجه المدمرة، وما تزال تلك المؤتمرات تعاني من عدم استجابة بعض الدول الكبرى بقيادة (أمريكا) لبرامج الحد من تصاعد الأبخرة الصناعية التي هي السبب الأول في مشكلة الاحتباس الحراري وتلوث البيئة، ومع ذلك فالنشاط الدولي في هذا الطريق نشاط كبير.

أما (التلوث الروحي) فهو في دائرة الإهمال العالمي والدولي من حيث الشعور بخطورته، والإحساس بوجوب معالجته ومكافحته، بل إن مسيرة العالم الغارق في مدنيَّته الزائفة القائمة على خدمة جسد الإنسان دون روحه - غالباً - تدعَمُ مصادر هذا التلوث الروحي دَعْماً منقطع النظير وتفتح منافذ تصاعد أبخرة الشهوات والشبهات بصورة تجعل التلوث الروحي البشري داءً عُضَالاً يفتك بالمجتمعات البشرية فتكاً ذريعاً.

أوهام فكرية وانحرافات عقدية، ومؤامرات دولية، وفضائح إلكترونية، ومظاهر فساد مرعبة في سلوك البشر وأخلاقهم، وعُرْيٌ فاضح في اللباس الحسي، وعُرْيٌ أشد منه فضحاً في اللباس الفكري الثقافي، فكيف تسلم روح الإنسان وتنجو فطرته السليمة من هذه الهجمات الروحية الفتاكة؟

هنا - أيها الأحبة - تأتي أهمية الاغتسال الروحي عند الإنسان المسلم حتى لا يبقى الإنسان (جُنُباً) من الناحية الروحية، بعيداً عن الطهارة والنقاء.

كيف يتم الاغتسال الروحي؟

يتم بضرورة الارتباط بالقرآن، والسنة، والأذكار والأدعية، ومجالسة أهل الخير، والتوجيه إلى القراءة المفيدة التي تغسل الروح من أدرانها، وتحميها من هذه التلوث الروحي الخطير. ويكفي أن يكون ذلك في أقل مستوياتها بحيث تضع الأسرة المسلمة التي تخاف الله في نفسها وأفرادها خطة عائلية للقاء أسبوعي لا يتجاوز ساعة من الزمان، فإن لم يتسن ذلك لها فليتعاهد بعض أفراد الأسرة بعضاً في وجود علاقة يومية مع قراءة ما يتيسرمن القرآن أو الاستماع إليه، وقراءة بعض ما ورد في السنة المطهرة من المواقف والقصص التي وردت بها الأحاديث، والاطلاع على جوانب (جاذبة) من سير الأنبياء والمرسلين والصالحين، وتعويد أفراد الأسرة على أذكار الصباح والمساء حتى تصبح لهم عادة لا ينفكون عنها.

وقراءة بعض الكتب التي تربط الإنسان بمعاني القرآن الكريم فأرواحنا - أيها الأحبة - مثقلة جداً بالزيف الذي قادت إليه مدنيَّة هذا العصر التي جعلت هدفها الأكبر (خدمة جسد الإنسان الفاني) وتفننت في ذلك حتى أصبحت الاختراعات المدهشة في خدمة الجسد والحياة الدنيا شبيهة بالأساطير، مع أن هذا الجسد البشري سرعان ما يموت وتخرج منه الروح فيصبح جثة هامدة لا قيمة لها في موازين المظاهر البشرية الزائفة.

الاغتسال الروحي، أمر مهم ضروري فهيا بنا نجعله هدفاً مشتركاً نعمل جادين لتحقيقه في مجتمعاتنا المسلمة.

إشارة

ذلك المجد شفاهٌ نطقت

وأزالتْ عقبات الإحَنِ

علَّمتْني كيف يصفو خاطري

وأنا أُكْبِرُ من علَّمني

 

دفق قلم
الاغتسال الروحي
د. عبد الرحمن بن صالح العشماوي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة