Sunday  19/12/2010 Issue 13961

الأحد 13 محرم 1432  العدد  13961

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

           

لنتوقف عند نقطة إحصائية بسيطة ومهمة: قرابة 70% من المواطنين هم في سن الصبا والشباب وأغلبهم ما زالوا على مقاعد الدراسة. وأكثر من 30% من السكان اليوم هم مستقدمون للعمل في كل المستويات من المهارة والتخصص. واضح أننا نحتاج الى كل سعودي وسعودية مؤهلين في كل فروع العلوم والتقنية والمهارات ليحلوا محل بعض المستقدمين. فالتنمية التي تعتمد على استيراد كل ما نحتاج من الأجهزة المتقدمة ومن يشغلها ويصونها هي تنمية شكلية هشة ومؤقتة لا تحتاج لتتساقط لأكثر من انسحاب اليد العاملة الأجنبية لأي سبب من الأسباب.

ولكن شبابنا وشاباتنا محبطون, ومسؤولونا بالكاد يستطيعون مجابهة كل التأزمات المتداخلة والمترابطة الجذور والتفرعات لمشكلتي البطالة والاستقدام وما ينتج عنهما.

تحديات التنمية الشاملة ومشاريعها واستراتيجياتها وخططها هي أهم أسئلة تواجه أي دولة ومجتمع في أي زمن. في زمن النهضة والتقدم المعرفي تنجح مشاريع وخطط التنمية, وفي زمن ظلمة الوعي والتراجع العلمي تتعثر. وبتكرار التعثر تتراجع الحضارة بكل مؤشراتها الاقتصادية والثقافية والعلمية ويعود البشر إلى اليأس والإحباط. ولعل من دلائل حيوية النمو في المجتمع أن يلاحظ المختصون تراجع المؤشرات ويخططوا بجدية وفعالية وشمولية لتعديل الأوضاع. وليس هذا مطلبا سهلا فتحديات التنمية تصبح حادة المتطلبات حين تختلف وتتناقض مرئيات الفئات المجتمعية والمختصين وصناع القرار حول ماهو الأفضل؟ وأين توضع الأولويات؟

وحين نواجه أوضاعنا وتفاصيلها بالتأمل والرصد والتحليل نجد مفارقات وأزمات تعوقنا عن مواجهة تحديات التنمية بالفعالية المطلوبة. ومن أهمها ضعف التدريب المهني والإعداد النفسي والقيمي, وتقبل تعطيل المرأة كي لا تعمل في أي موقع عام تحت تبريرات تخوفات واحتمالات واهية.

كمجتمع مؤسساتي يمتلك قدرة مادية افتراضية عالية ويحاول مواكبة إنجازات المجتمعات المتقدمة نعاني أخطاء استراتيجية معظمها متعلقة بمعتاداتنا:

ما زلنا نتفاعل بأسلوب ردود الفعل لحل الأزمات بعد وقوعها أو على الأقل احتوائها مظهريا ؛ وليس بمنطلق المبادرة والتخطيط أي توقعها مسبقا وإيقافها قبل حدوثها. وما زلنا نعالج المشاكل بعد تفاقمها بحلول تجميلية وتسكينية تتوجه للشكليات وليس أصل المشكلة: خطأ استراتيجي ما زلنا نرتكبه أسريا ومجتمعيا ومؤسساتيا نتعايش مع نتائجه السلبية من زمان أننا لا نعالج المشاكل باستئصال أسبابها وجذورها بل نركزعلى تشذيبها لتصبح أقل إزعاجا أو إيلاما. علاجاتنا موجهة لتسكين الأعراض وليس التشخيص لاجتثاث مسببات العلة.

وهذا ما جعل مشاركة المرأة موضوعا مطروحا للمناقشات الهامشية وليس فرضية متقبلة بدهيا.

كدارسة للقرارات التنموية أرى ضروريا للخروج من هذه الحلقة المفرغة التي ندور فيها اليوم أن نغيراستراتيجية التغيير في ما يتعلق بتمكين المرأة. بأن نخرج من منطلق الإقناع قبل البدء, الى أولوية الفعل وتغيير أرض الواقع .. أي بتجنب استثارة الجدل المعتاد. فيفتح دون تأجيل باب التوظيف والتدريب للراغبات في شتى المجالات باقتناع ودعم من صاحب القرار, وأن نحدث في جدول زمني مدروس التغييرات المطلوبة. وتكون استراتيجيتنا هي تحفيز التطور الفكري العام كمحرك للتنمية, فنعمل بهدوء لتوجيه رؤية المجتمع لتركز على المستقبل. وأن يتزامن التغير المطلوب في كل المؤسسات المعنية؛ أي مع إعادة توازن محتوى مناهج التعليم بكل مستوياته, ومع إعادة تشكيل وهيكلة المؤسسات الرسمية المعنية, وتنسيق تعاونها, واستنفار المؤسسات غير الرسمية للمشاركة الداعمة, وترسيم أنظمة وإجراءات رسمية داعمة لتفعيل الشباب السعودي رجالا ونساء, رادعة للتجاوزات, قابلة للتطبيق والمتابعة والتحسين, بالإضافة الى سن العقوبات للممارسات التي تقف عائقا دون ذلك. ولا شك أن استقطاب قادة الرأي من كل التيارات الفكرية لدعم التوعية والمشاركة فيها سيسرع في إحداث التغير العام.

ضروري أن نتحرر من الارتهان لما اعتدنا عليه من التفضيلات الفئوية غير المناسبة لمتطلبات التنمية اليوم. وأن نركز على ما يفيد المجموع وبمعايير يمكن قياسها على أرض الواقع ومؤشرات واضحة في مستوى معيشة المواطنين. والأولية التي لا يجب أن نختلف عليها هي أن يكون توجهنا وتركيزنا على تخطيط المستقبل القادم وليس على بكائيات أمجاد الماضي أو شكوى عجز الحاضر.

 

حوار حضاري
التخطيط للتنمية الوطنية 2/2
د. ثريا العريض

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة