Monday  20/12/2010 Issue 13962

الأثنين 14 محرم 1432  العدد  13962

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

           

يُعد يوم 18 ديسمبر من كل سنة هو اليوم العالمي للاحتفاء باللغة العربية، بعد إعلان الأمم المتحدة بذلك، كمبادرة هدفها الاحتفال بالتعدد اللغوي والتنوع الثقافي، وكذلك ترويج المساواة بين استخدام لغات العالم الست الرسمية في الأمم المتحدة.

ولغتنا العربية هي اللغة التي خاطب بها الله سبحانه وتعالى نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وأُنزل بها القرآن، وتعهد الله سبحانه بحفظه إلى يوم القيامة، فهو معجزة في البيان، حيث كان العرب قبل الإسلام يتفاخرون بفصاحة اللسان وسلامة اللغة من اللحن، فكانوا يبعثون أبناءهم إلى البادية لإكسابهم الكثير من الشمائل الحسنة، والأخلاق الفاضلة، والعادات الحسنة.

وقد نتج عن هذا الاهتمام والحرص باللغة أن نبغ شعراء أفذاذ في العصر الجاهلي حفظ لنا التاريخ شعرهم حيث كان أهم هذه الأشعار المعلقات السبع التي تُعد من أبرز ما قيل في الشعر العربي.

وكان رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام قد بعثه جده عبدالمطلب إلى البادية عندما كان طفلاً صغيراً فنشأ في ديار بني سعد بن بكر، فتعلم فيها، ورعى الغنم وكان عليه الصلاة والسلام يفتخر بهذه التنشئة البدوية ويقول: « أنا أفصح العرب بيد أني من قريش، وأني نشأت في بني سعد بن بكر».

ودأب الخلفاء والأمراء في صدر الإسلام على إرسال أبنائهم إلى البادية، ليتعلموا اللغة العربية، بمعانيها الصحيحة والسليمة وذلك عبر اختلاطهم بمجالس أهل البادية وما يتردد فيها من خطب وأشعار وقصص تسهم في تقوية حصيلتهم اللغوية، وإكسابهم مهارات الفصاحة والبلاغة في الإلقاء والشعر.

ويحكى عن عبدالملك بن مروان الخلفية الأموي أنه قد حنَّ على ولده الوليد ومن عظيم حبه له لم يستطع إرساله إلى البادية، فلما كبُر الوليد أخذت الحسرة قلب والده عندما أحس بضعف لغته، وكثرة لحنة، فقال: « أضر بنا حب الوليد، فلم نرسله إلى البادية».

وبعد اتساع الفتوحات الإسلامية ودخول الإسلام في أراضٍ جديدة في المشرق والمغرب، اختلط العرب بالأمم الأخرى، فبدأ أبناء تلك البلاد المفتوحة بالاستيطان بالمدن العربية مثل دمشق وبغداد والكوفة وغيرها من المدن العربية، وامتزج سكان تلك البلاد المفتوحة، بسكان المدن العربية عبر المصاهرة، والمخالطة، وامتزجت اللغة العربية باللغة الفارسية والرومية، ومن هنا ظهر حرص الكثير من الأئمة والمؤرخين والرواة إلى تأليف معاجم اللغة العربية بهدف الحفاظ على هويتها، فكان أشهر تلك المعاجم: «العين» للخليل بن أحمد الفراهيدي و»الجمهرة» لابن دريد و «مقاييس اللغة» لابن فارس و «الصحاح» للرازي، و «القاموس المحيط» للفيروز أبادي و «لسان العرب» لابن منظور، بالإضافة إلى ظهور فنون اللغة مثل النحو الذي كتبه أبو الأسود الدؤلي ، لما شعر بانتشار اللحن والضعف في اللغة بين أبناء العرب.

وقد أسهم الخليفة هارون الرشيد وابنه المأمون في دعم اللغة بإنشاء ( بيت الحكمة ) الذي حفظ لنا التراث اللغوي العربي، وبعدها ظهر عصر الموسوعات العلمية الكبرى التي أبدع المؤرخون المسلمون في تأليفها والتي كانت تكتب باللغة العربية .. وهي لغة العلوم والمعارف آنذاك، فكان هناك غزارة في الإنتاج العلمي الذي حفظ لنا الكثير من تاريخ أمتنا الإسلامية سواء السياسي أو الاجتماعي أو الفكري أو الاقتصادي.

وبمناسبة هذا اليوم العالمي لابد لنا من إبراز قيم لغتنا، واعتزازنا بالانتماء إليها عبر برامج عديدة من خلال وسائل الإعلام المتنوعة، كما يجب على القائمين على التعليم العام والعالي الاهتمام بهذا اليوم من حيث عمل المسابقات الثقافية في: اللغة، والشعر، والقصة، والمقالة.. لنغرس في صدور الطلاب والطالبات حُبنا لهذه اللغة واعتزازنا بها، كما يجب أن يكون هذا اليوم في جميع مدارسنا وجامعتنا يوماً مخصصاً للندوات والمحاضرات عن أهمية لغتنا العربية.

وحري بوزارة الثقافة والإعلام لدينا بالمملكة وسائر الدول العربية في مثل هذا اليوم أن تهتم بالمسابقات الثقافية عبر الفضائيات، وتوزع جوائز قيمة للفائزين في هذه المسابقات، وأن تقوم بطبع الكتب القيمة ذات البعد الديني والثقافي والبطولي، وتوزيعها مجاناً أو بأسعار رمزية على أغلب فئات المجتمع، ليصبح هذا اليوم يوما احتفالياً بلغتنا العربية.

كما يجب أن نحرص في هذا اليوم العالمي أن نستبدل الأسماء الأجنبية التي ملأت الأسواق والطرقات وصالات المناسبات بأسماء عربية أصيلة، وتعريب ما نستطيع تعريبه من تلك الأسماء ونتخلص من الأسماء الدخيلة علينا، لأن المحافظة على اللغة قائم على اعتزازنا بثقافتنا العربية، وتصحيح المفاهيم الخاطئة التي أدت إلى انتشار الأسماء الأجنبية والتفاخر في إطلاقها، مع وجود بدائل في اللغة العربية ذات دلالات ومعانٍ جميلة ومناسبة.

وفي الختام ندعو جميع أولياء الأمور من الآباء والأمهات أن يهتموا بهذا اليوم وأن يشاركوا أبناءهم وبناتهم هذه الاحتفالية الجميلة، وذلك عبر زيارة المكتبات لشراء الكتب والقصص والأشعار وغيرها من المطبوعات ذات الصلة بهذا اليوم، حتى نتمكن من المشاركة جميعاً في هذا اليوم العالمي والإسهام في رسم صورة مشرقة عن لغتنا العربية، خدمة لديننا وأمتنا العربية والإسلامية.

Mshuwaier@hotmail.com
 

هل نحن أعداء لغاتنا
د.محمد بن عبدالله الشويعر

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة