Wednesday  22/12/2010 Issue 13964

الاربعاء 16 محرم 1432  العدد  13964

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

يبدو أنه مع صعود وتنامي التطور التقني أن أصبحت الشبكة المعلوماتية العالمية التي تربط أجهزة الحاسوب بعضها ببعض على كوكب الأرض وحتى خارجه والمعروفة بالمصطلح الإنجليزي (Internet) بمثابة ساحة فضائية للحروب بين الدول.

وبمعنى أن حروب القرن الحادي والعشرين ستكون مستمرة ومتواصلة لسهولتها وعدم تكلفتها بشريا من جهة ونظافتها من الدم والبارود وإيذاء البيئة من جهة أخرى، وقد شاهدنا في العقد الأول من هذا القرن حالات كثيرة من الاختراقات والاعتداءات من أفراد ومجموعات على منظومات أهلية وحكومية ألحقت اشد الأضرار والخسائر، ولعل من أطرف هذه الوقائع، تعرض الحاسوب المحمول للرئيس الأمريكي باراك أوباما للاختراق على يد مجموعة من موظفي شركة «فرايزون» للاتصالات، بل وحتى هاتفه الخلوي « بلاكبيري» تعرض هو الآخر لاختراق، غير أن ما هو خطير وملفت هو تعرض ستة ملايين حاسوب صيني للاختراق بواسطة الفيروس المعروف باسم (ستا كسنت) وأكثر من ذلك استطاع اختراق أكثر من ألف شركة صينية عملاقة بعد أن تمكن من اختراق أنظمة التشغيل في مفاعل (بوشهر) النووي في إيران، والأخطر في هذا الشأن قدرة حتى الأفراد المتمكنين في استخدام هذه التقنية لنشر الفوضى والرعب وإنهاك وإرباك أجهزة الأمن في ملاحقة المستجدات المتواصلة والمستمرة للبحث عن حلول في مواجهتها، ومن عجيب الطرافة، أنه كلما زاد الاعتماد على هذه المنظومات التقنية كلما زادت نسب الخطورة واتسعت مساحات العجز في الاستغناء عن هذه المنظومات الإلكترونية.

وإذا كان موقع «ويكيليكس» قد استطاع الحصول على ملايين الوثائق الهامة وكثير منها في خانة «سري للغاية» من وزارتي الحرب والسياسة الأمريكيتين عبر هذه التقنية فإنه اليوم يبشر بنشر الأسرار المصرفية، ما يجعل المرء يتساءل عن هذا الترتيب المنضبط الذي بدأ بالأخلاق العسكرية ثم بالأسرار الدبلوماسية وأخيراً وليس آخر، جاء الدور على الاقتصاد والمال فماذا يريد السيد جوليان اسانج وما نوعية هذه القوة التي يتمتع بها ليصل إلى هذا الكم الهائل من المعلومات المفترض أنها سرية وخاصة بأقوى دولة في العالم؟ ثم هل هو فقط السيد جوليان صاحب الوسامة والأناقة والصوت المفعم بالهدوء والسكينة أم انه فقط واجهة لجهة خفية راغبة في العبث ببني الإنسان على كوكب الأرض؟

دعونا نتذكر أن الولايات المتحدة الأمريكية دخلت هذا العقد الأول من القرن الجديد بكارثة سبتمبر، وإن لم تكن كارثة عليها بالمعنى الصحيح للكلمة بل على آخرين وقفوا مذهولين ومترددين في تصديق ما حدث، وما أن فغر هذا العقد فاه للنوم والسبات في صفحات التاريخ، حتى توالت هذه التسريبات تطحن وتعجن في قيم ومبادئ وطن الحرية وحقوق الإنسان وتمرغ أنف أقوى قوة في العالم في دماء الشعوب وبلاط ساستها، إن كان الأمر كذلك، فلابد أن هناك قوة أخرى أقوى وأشد دهاء من الولايات المتحدة الأمريكية، أليس كذلك؟ وإلا فليقل لنا أحد أن الأرض تتعرض لغزو من كوكب آخر أو مجرة أخرى إن ضاق فضاء الشمس، لكن الحقيقة التي لا جدال فيها هي أن هذه التقنية المتطورة التي ربطت الناس داخل شبكة اتصال بالصوت والصورة عالميا، لم تكن بريئة في نشأتها وتأسيسها لخدمة القوة العسكرية وما كان لهذه القوة العسكرية أن تتيح هذه الخدمة مدنيا لولا أنها حصلت على ما هو أنفع وأنجع منها وأقوى، وإن لم يكن كذلك فإنها بلا أدنى شك - لدي على الأقل - قد وصلت إلى مرحلة استخدامها بأعلى مما يتاح للآخرين معرفته أو حتى إدراك حقيقته.

وإذا كانت الحرب التقنية بين الصين وأمريكا صارت واضحة ومعلومة فإن الحرب التقنية بين روسيا وأمريكا لا زالت تدور في الخفاء، وإن لم يحظَ الكيان الصهيوني بشهرة تتناسب وما وصل إليه من تقنية عالية التطور والدقة، فربما لأن الذي يذيع الأسرار لا يتحدث عن نفسه!!

Hassan-Alyemni@hotmail.com
 

ويكيليكس وحروب التقنية
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة