Wednesday  22/12/2010 Issue 13964

الاربعاء 16 محرم 1432  العدد  13964

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

طالعتنا إحدى الصحف قبل فترة قصيرة بموضوع معاقبة رجل فتح لاقط جهازه المحمول أو ما يسمّى بالبلوتوث، أمام أحد الأسواق في مدينة في المنطقة الغربية، وتم التحقيق معه بعد أن أُقتيد للمركز وطُلب منه كتابة تعهُّد خطِّي منه

بعدم تكرار ذلك أو العودة له في الأماكن العامة، وكان يردّد باستمرار أنه لم يكن يعلم أنّ ذلك ممنوع ولو علم بمنع ذلك لامتنع عن فتح جهازه أو تشغيله.

آخر تم إيقافه عند إحدى إشارات المرور وطُلب منه أن يترجّل من سيارته ويصطحب معه أوراقه الثبوتية وأوراق ملكيّة السيارة، وبعد محاولات عدّة ومتكررة منه لمعرفة السبب الذي جعلهم يوقفوه وجعله في موقف المخطئ، قيل له إنّ صوت جهاز التسجيل كان مرتفعاً في سيارته وأنّ الأغنية التي كان يستمع إليها بمفرده داخل سيارته كان صوتها مرتفعاً جداً، وأنّ ذلك يعاقب عليه القانون.

وآخرون تم إيقافهم لطريقة لبسهم أو لطريقة تصفيف شعرهم أو لإطالة الشعر وجعله مجعداً ومنفوشاً، أو لسيرهم على الأقدام في إحدى طرق العاصمة ليلاً للاشتباه بهم، أو لتجمُّعهم وتجمهرهم في مناسبة معيّنة كروية أو وطنية، أو لممارستهم الرقص في أماكن عامة تبعاً لتلك المناسبة.

كثيرة هي السلوكيات الممنوعة التي يجري الحديث عنها في المجالس الخاصة والمنتديات العنكبوتية وبشكل مكثّف، وكثيرة هي التخمينات والزيادات التي تطرأ على وصف تلك السلوكيات بين مجلس وآخر، وكثيرة هي الأحاديث التي تجزم بأنّ مصدر هذا التشريع هو جهاز الأمن أو الشرطة، فيما يذهب آخرون للقول بأنه هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويختلف معهم فريق ثالث بالقول إنّ الأمر خاضع لتقدير رجل الأمن أو رجل الهيئة، دون أن يكون هناك ثمة قانون صريح ينص على ما يتم منعه من سلوكيات.

باتت كثير من العوائل اليوم تتساءل عن ماهية السلوكيات التي يفترض أن تكون ممنوعة، حتى تشارك هي في توعية أبنائها وتعليمهم وتحذيرهم بعدم ممارستها من ناحية، ومن ناحية أخرى، خشيةً منها على أبنائها أن يقعوا في سلوك محظور وتتم معاقبتهم، الأمر الذي قد يترتب عليه الكثير من السلبيات كحرمانهم من الدراسة إن هم تم إيقافهم لفترة كعقوبة على ما ارتكبوه، أو كسوء السمعة التي ستنال لا محالة الابن والأهل على حد سواء، الأمر الذي قد يولد لدى الابن، إنْ لم يحسن ولي أمره معالجة الوضع، ردود فعل سلبية عليه وعلى مستقبله وعلى المجتمع بأكمله.

لا يستطيع أحد اليوم أن يقطع أو يجزم بما هو مسموح أو ممنوع من سلوكيات قد لا تخطر على بال كرفع صوت المذياع مثلاً، أو ارتداء الملابس الرياضية القصيرة في غير أماكن اللعب أو حلاقة الرأس بشكل معيّن.

أتساءل دوماً عن السبب في عدم توضيح تلك السلوكيات وإظهارها للملأ، على أنها سلوكيات غير مسموح بممارستها وأنّ النظام يعاقب عليها، أنا لست في وارد الحديث عن الحريات الشخصية أو إساءة استخدام الحق الخاص بشكل تعسفي من قِبل الأفراد، لكنني أطالب الجهات الرسمية المصدرة لهذه النوعية من الأنظمة، أن تضعها أمام الجميع ليعلم أولياء الأمور ومعلمو المدارس وقبلهم شبابنا، ما هو ممنوع وما هو مسموح، حتى لا يتم تعريضهم لعقوبة هم لا يعلمون عن سببها، وحتى لا نزرع في قلوبهم الخوف إنْ هم خرجوا للشارع، خشية أن يكون أحدهم محل شك في وقوعه في محظور نتيجة لباسه أو شعره أو أسلوب استماعه للموسيقى أو الغناء حتى وإنْ كان في سيارته، علينا أن لا نجعلهم يشعرون بعدم الأمان ونفقدهم الثقة في رجال الأمن أو رجال الهيئة، من خلال شعورهم المستمر أنهم محل عقوبة، أو أنّ ما يمارسونه أو ما يرتدونه قد يوقعهم في عقوبة ما.

لماذا لا تسارع الجهات المعنية بإصدار لائحة واضحة بجميع السلوكيات الممنوعة وعقوبات مرتكبيها، لماذا لا يتم تزويد وزارة الثقافة والإعلام بتلك اللائحة لعرضها على جميع قنواتها بشكل مستمر لتوعية أفراد الشعب رجالاً ونساءً آباءً وأمهات، وهي بذلك تخلي مسئوليتها عن أية سلوك مخالف وتزرع الثقة لدى الجميع في رجالها، وقبل ذلك تُسهم في الحد من الممارسات التي لا يجيزها النظام ولا يقبل بها.

 

على ماذا يعاقب القانون؟
د. عبدالله بن سعد العبيد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة