Saturday  25/12/2010 Issue 13967

السبت 19 محرم 1432  العدد  13967

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

           

لم يُعقبْ وهو يسمعهم وحين يقرؤهم يصفونه بالمفكر الحر الكبير؛ فلا بأس إن وهموا، وما عليه إن صمت ؛ فما لا يُعلمُ الآن سيُعلم بعد آن، ومن ظُن «نجمًا» في السماء سيهوي فيراه الناس عن قرب كما نجم الغبراء الذي تطؤه الأرجل ولا يأبه به الهواء.

وقد أسهمت الرواية السيرية في رفع القداسة عن بعض الشخوص والتيارات، وصدرت تآليف في السيرة المباشرة فعَرت الأسماء والمسميات، وما خِيلَ غريبًا بدا متيقنًا، ومن حُسب نموذجًا رُئي خطاءً، لا في سلوكه الخاص؛ «فكل بني آدم» كذلك، بل بمواقفه المبدئية التي أصم الآذانَ بتبنيها وتصدرِ واجهتها ووجاهتها.

ومثلما تسربت وثائق عُدتْ يومًا سريةً فكشفت بعضَ المخبوء، وكما تتكشف وثائق مماثلةٌ يرتفع عنها الحظرُ الرسمي لاستكمال مدةِ إقفالها ؛ فإن ثمةَ حقائقَ لا تحتاجُ لأكثرَ من إفصاح وجرأةٍ يُحِل التحاسبَ مكان التكاذب ؛ فيبدو المستتر وتُقرأ الأوراق.

لكل موقعٍ عامٍ حكاياته المضمرة النائيةُ عن العامة، وكلما تقادمت كشفت، ومع العلنية التقنية بات أمر رفع السُدُم عنها قضيةَ وقت وموثوقية، وحين تتواتر يصبح نفيها صعبًا وتُدرج مكوناتها في دروس التأريخ.

من يخاف الحقيقة؟ لا أحد سوى المزدوجين ذوي الخفايا؛ مَنْ منهم يقول ما لا يفعل، أو يفعل غير ما يقول، وحين تتبدل الصورة الوضيئةُ يدرك الواهمون حجم السقوط؛ يطال رموزًا آمنوا بها، وحين يستيقظون يندمون على ما أنفقوا من أعمارهم يصفقون.

في إيجابية الكشف والمكاشفة استقلال عن التبعية المشخصنة المرتبطة بفرد أو مؤسسة أو نظام، والجيل الناشئ لا يفني وقته في حوار تائهٍ هجيراه الانتصارُ لذات أو منهج، وإن استبدلوا به الدفاع عن طائفة أو نادٍ أو قبيلةٍ؛ ما يجعل الأجيال العربية متوازنةً في الانتماء العبثي الموصل للقلق والشحناء.

ومؤخرًا تساجل الحداثيون والليبراليون والعلمانيون والمستغربون بما يشير إلى مسيرة تصحيحٍ ثقافية وإن تضخمت سوءاتُها، لكن الإسلامويين ما يزالون يتبنون مواقف الصمت غيرَ معنيين يما يدور إلا في إطار الاستشهاد الهازئ بممارسات مناوئيهم؛ مثلما أظهرتها المقولات والمنقولات، وهم - لو صدقوا مع الله بدءًا - أحق الناس بالتكاشف؛ فالأغلبية تتبعهم لا اقتناعًا بشخوصهم بل بما يمثلونه من قيمٍ كبيرةٍ مستقاةٍ من الله جل شأنه ومن رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

تتحرك الخطابات المؤدلجةُ الأخرى في مصارحاتٍ مثيرة ومثرية، ويبقى الخطاب الإسلاموي في مكانه وربما تراجعت حَظوته وخُطوته حفاظًًا على هيبة الأسماء الفاعلة وتاريخها ووضعها داخل المنظومة المجتمعية، ولعل من أبرز سلبيات هذه الممارسة التفاتَها لتصنيم الأفراد ولو كانوا مجرد نَقَلةٍ أو كَتبةٍ أو مقلدين.

استطاعت وثائق «ويكي ليكس» أن تعبر المسافة بين المتاح والممنوع في الدوائر السياسية العصية، وكشفت الروايات والمنتديات والمؤلفات هشاشة الفاصل بين النظرية والممارسة في تجارب المثقفين العَلمانيين ومن سار في ركابهم، ويتداول الناس مشكلات الخطاب الديني ومثالب بعض أربابه دون أن يقوموا بمحاكماتٍ جريئة لسلطويتهم خلال ثلاثين عامًا كان لهم فيها الصوتُ والصيت.

ستختلف الصورةُ غدًا، ولن يجدوا حجم الأتباع الذين لا يسألون ولا يُسائلون، وشبابنا في عقديهم الثاني والثالث ليسوا على نمط آبائهم وأمهاتهم، والخوف أن يؤثر انغلاق التيار الإسلاموي على تجربته في ابتعاد الجيل القادم المتخرج في الجامعات الأجنبية والأهلية والدارس في الأنظمة الأميركية والأوروبية والدولية عن الدينِ نفسه، مثلما كان في الخمسينيات والستينيات الميلادية.

التبعية عمى.

Ibrturkia@gmail.com
 

العصمة الموهومة
د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة