Saturday  25/12/2010 Issue 13967

السبت 19 محرم 1432  العدد  13967

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا
   
     

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الاقتصادية

           

تتجاوز ردود أفعال المواطنين، بخروج خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، علاقة الحاكم بالمحكوم، المرتبطة ببيعة الحكم؛ لتصل إلى بيعة الحب والوفاء، الحب الأبوي الذي ينشأ دون مواثيق مكتوبة، أو بيعة مُعلنة. القلوب هي مستودع المواثيق، ومصدر البيعة، ومرآة المشاعر النزيهة التي باتت مواقع التواصل الإلكترونية تُبرزها بكُل شفافية وصدق، خالية من الرتوش. بساطة الملك عبدالله وعفويته، قربته كثيرا من شعبه، ومنحته «كاريزما» خاصة أهلته للتربع على عرش القلوب؛ الجمع بين السلطة، القوة، والنفوذ من جهة، والبساطة، التواضع، والرحمة من جهة أخرى أمر بالغ الصعوبة، إلا على من وفقه الله لذلك. الرحمة أساس الملك، وبركة الحاكم سبب من أسباب التفاف مواطنيه حوله. قال تعالى، مخاطبا رسوله الأمين، صلى الله عليه وسلم، (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ)، وقال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «من لا يرحَم لا يُرحم « فالرحمة صفة من صفات المؤمن، وكذلك الحاكم العادل، من خلالها يسوس شعبه، يرفع الظلم عن المظلومين، ويعفو عن المذنبين، ويتجاوز عن سقطات المسيئين، ويمد يد العون إلى المحتاجين.

وصف أحد المواطنين دخوله على الملك عبدالله في قضية رفعها على مؤسسة حكومية بقوله: «دلفت إلى ديوان الملك مع مجموعة من المواطنين، فكان تعاملي مع موظفي الديوان أكثر رهبة من وقوفي أمام الملك!؛ بدأت متلعثما، فهدأ من روعي، وتحدث إلي حديث الأب فزالت الرهبة، وبدأت منطلقا اشرح مظلمتي حتى انتهيت، فأمر بأخذ الملف الذي كنت أحمله، وطالبني برؤيته بعد الغداء؛ لم أجرأ على القدوم إليه، برغم طلبه، فبقيت بعيدا مترددا، أرقب حركته مع بعض ضيوفه الرسميين؛ حتى لمحني فأشار بيديه عفويا، وكأنه يقول «أينك؟» جذبتني تلك الإشارة العفوية إليه، فأخذ بيدي وقال: ألم أقل لك أن توافيني بعد الغداء مباشرة؛ أصدر أمره الكريم إلى المسؤول الذي نقله كتابة على الملف، فكان الفرج بأمر الله وبركته. جلست حائرا أسترجع شريط المقابلة؛ كيف لمن في عمري أن يلقى ذلك الترحيب الأبوي، ويحظى بالعناية، ويخرج بالحكم الذي بحث عنه والده المتوفى منذ سنوات ولم يجده؛ وكيف استطاع الملك تذكري من بين مجموعة من المواطنين، المسؤولين، والضيوف، وتذكر ما طلبه مني مع ضغط الاستقبال والنظر في القضايا المتنوعة».

ما زلت أتذكر دمعات الملك العفوية التي ذرفها تعاطفاً مع أبناء شهداء الواجب العام 2006 في احتفال عام؛ كانت دليلا على رحمته وحبه الأبوي. لم يتمالك الأب القائد نفسه عندما رأى أطفال شهداء الواجب وهم يتقدمون للسلام عليه، استشعر حالتهم، ووقف في مكانهم، وتذكر عالمهم الذي فقد حنان الأب إلى غير رجعة، فتناثرت دمعات الرحمة من عينيه، بعد أن شق عليه مصابهم.

دمعة الملك كانت بمثابة رسالة حب عفوية تجلت بأحلى صورها في ليلة العهد والوفاء، بعد أن حطمت جميع القيود الرسمية، والترتيبات البروتوكولية، فطغت مشاعر الأبوة الحانية على ترتيبات الحفل الرسمي.

لم يخطئ الشعب حينما أطلق على الملك عبد الله لقب «ملك الإنسانية» فإنسانيته تتجلى بصورها البهية أينما كان، ينثر الحب والود والاحترام. إنسانية الملك، ألغت جميع القيود البروتوكولية، وحطمت كل حواجز الرهبة والخوف التي تحيط بالعظماء؛ إنسانية الملك عبد الله هي التي جعلته ملكا للقلوب، قبل أن يكون ملكا على البلاد. إنها الكاريزما الخاصة المليئة بالحب الذي تسيد به القلوب، فأضحت الصفة المميزة له.

أخبرني أحد الأخوة عن مشروع الضرائب الذي تقدم به مستشارون، للملك عبدالله، الذي كان وليا للعهد آن ذاك، بُعيد انهيار أسعار النفط والذي اثر سلبا على موارد الدولة؛ قال محدثي « اعترض ولي العهد (الملك عبدالله) على المشروع، وقال لن يجتمع على المواطنين ضيق الدخل وقلة الخدمات، والضرائب، وأخذ الدراسة وأودعها الأدراج، وقال « الله بيفرجها»؛ لم يطل الانتظار ففرج الله جاء سريعا، وتحولت مديونية الدولة التي تحملتها بسبب «تحرير الكويت» إلى فوائض مالية ضخمة، عوضت المملكة بفضل الله وبركته ما فقدته. « ومن يتوكل على الله فهو حسبه «، وهل هناك أعظم من بركة الله التي أنعم بها على هذه البلاد وشعبها!؛ فتح لها أبواب الرزق والخير، وآخرها ميزانية الخير والنماء التي اقترنت بخروج خادم الحرمين الشريفين معافى من المستشفى. خلال الخمس سنوات الماضية ضخت حكومة المملكة، بقيادة الملك عبدالله 2.5 تريليون ريال في الاقتصاد، ما أدى إلى تحقيق النمو الكبير الذي نشهده اليوم. التطور الاقتصادي اللافت أهل المملكة لدخول مجموعة العشرين، ودفع بها إلى المركز الحادي عشر في التنافسية العالمية وتدفق الاستثمارات. خمس سنوات مليئة بمشروعات التنمية، والتطور والتحديث تبقى شاهدة على منجزات الملك الاقتصادية والتطويرية. ملك أحب شعبه فأحبوه، وأصر على التخفيف عنهم، وعدم تحميلهم ما لا يُطاق، فرحمه الله، ورحمهم جميعا، وعوضهم خيرا.

نحمد الله على ما أنعم به على هذه البلاد وأهلها من خير وبركة، ونحمده سبحانه وتعالى أن منَّ على عبده عبدالله بن عبدالعزيز بالشفاء والعافية، ونسأله تعالى أن يعيده سالما غانما، مغفورا له بإذن الله، إلى أرض الوطن. «طهور إن شاء الله».

F.ALBUAINAN@HOTMAIL.COM

 

مجداف
بيعة الحب والوفاء
فضل سعد البوعينين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة