Al Jazirah NewsPaper Wednesday  28/04/2010 G Issue 13726
الاربعاء 14 جمادى الأول 1431   العدد  13726
 
الترجمة لذوي الحاجات الخاصة
د. محمد ناصر الحقباني

 

للترجمة أبعاد إنسانية ينبغي أن لا نغفل عنها في هذا العصر الذي اتخذت فيه المعلومة أشكالاً وأنماطاً مختلفة، وأصبحت المادة طاغية عليه. لا يختلف اثنان على أنّ الترجمة في بلادنا ما زالت تعاني من قصور في ترجمة العلوم ومواكبة التطورات التي يشهدها العالم، وهو ما أكده المشاركون في المؤتمر الأخير للجمعية السعودية العلمية للغات والترجمة والذي تناول واقع الترجمة والتعريب في المملكة العربية السعودية، وطالبوا فيه بضرورة الاهتمام بالترجمة كإستراتيجية وطنية للحاق بركب الدول المتقدمة. في هذا المقال سوف أركز على الترجمة لذوي الحاجات الخاصة، وهم فئة تعتبر جزءاً لا يتجزأ من مجتمعنا السعودي المسلم. من الملاحظ في السنوات الأخيرة انتشار حالات الولادة لأطفال يعانون من بعض الحالات الخاصة التي لم يألفها المجتمع من قبل، مثل التوحد ومتلازمة داوون وغيرها من الحالات الخاصة الأخرى التي تتطلّب تدخلاً مبكراً من كافة الأطراف المعنية، للوصول بهذه الفئة إلى مستويات حركية وفكرية تسمح لهم بالاندماج مع المجتمع، كلٌ بحسب قدراته الفردية التي أودعها الله - سبحانه وتعالى - فيه. لا يمكن للأطراف المعنية بالتربية الخاصة لذوي الحاجات الخاصة من تحقيق أي تقدم مع هذه الفئة بدون توفر المعلومات الدقيقة والحديثة المتعلّقة بطرق تربية وتعليم هذه الفئة الغالية علينا جميعاً.

تقوم التربية الخاصة - كما أفهمها - على تضافر جهود ثلاث جهات: العائلة بصفتها الجهة المستفيدة الأولى والمؤسسات الاجتماعية (علمية وخيرية) بصفتها جهات دعم غير ربحية والمجتمع. تعتبر العائلة أهم هذه الجهات، فبدون مساعدتها والتزامها بالتدخل المبكر لن يتمكن الأطفال من ذوي الحاجات الخاصة من الاندماج مع المجتمع الكبير. من المؤسف حقاً أنّ الكثير من العائلات تفتقد للمعلومات الحديثة وأصول التربية الخاصة وطرق التعامل مع هذه الفئة. أعتقد أنّ السبب الرئيس وراء عدم توفر هذه المعلومات للعائلات، هو أنّ معظم الدراسات والمؤلفات الحديثة صادرة بلغات أجنبية كالإنجليزية، مما يجعل هذه العائلات تواجه صعوبة كبيرة في الاستفادة من المعلومات القيمة التي تحتويها هذه المراجع والدراسات. توجد آلاف الصفحات على موقع الشبكة العنكبوتية حول كيفية العناية بذوي الحاجات الخاصة، ولكنها تتطلّب معرفة قوية باللغة الإنجليزية وإدراك للكثير من المصطلحات التي ربما لا تكون متاحة للكثير من العائلات التي تقوم على رعاية طفل من ذوي الحاجات الخاصة. هذا بدوره يقلل من دور المؤسسات الاجتماعية التي ترعى فئة الأطفال من ذوي الحاجات الخاصة. هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى عجز المجتمع في العناية بهذه الفئة وبالتالي تقديم صورة غير واضحة عنهم عند أفراد المجتمع الذين ربما يجهلون التعامل مع ذوي الحاجات الخاصة، فيؤدي ذلك إلى انسحاب ذوي الحاجات الخاصة من المجتمع و الانطواء الذاتي.

ولتفعيل دور الترجمة لذوي الحاجات الخاصة أوجه رسالتين .. أوجه الأولى للمؤسسات العلمية والاجتماعية المعنية بالتربية الخاصة، أدعوهم فيها إلى رسم سياسة واضحة في الترجمة لذوي الحاجات الخاصة تقوم على مبدأ ترجمة ونشر المراجع الأجنبية النفيسة في هذا المجال، لتكون متاحة لجميع الأطراف القائمة على التربية الخاصة، خصوصاً العائلات التي ترزق بأطفال من ذوي الحاجات الخاصة ليتمكنوا من الاعتناء بهم والمشاركة الفعّالة في التنمية المعرفية والحركية والعاطفية لهذه الفئة. وأوجه الرسالة الثانية للأخ الدكتور أحمد البنيان رئيس الجمعية السعودية العلمية للغات والترجمة، أدعوه من خلالها إلى وضع الترجمة لذوي الحاجات الخاصة من ضمن أولويات الجمعية وجعلها من محاور المؤتمرات والندوات القادمة التي تعتزم الجمعية عقدها، وذلك لتثقيف مجتمع المترجمين واللغويين بهذا النوع من الترجمة، وحث الباحثين منهم على البحث والتقصي في مجال الترجمة لذوي الحاجات الخاصة، وتشجيع المترجمين المتمكنين من المساهمة الفعّالة في الترجمة لصالح المؤسسات العلمية والخيرية.




 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد