Al Jazirah NewsPaper Sunday  18/07/2010 G Issue 13807
الأحد 06 شعبان 1431   العدد  13807
 
الحوار في فكر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز
وفاء بنت حمد التويجري

 

شكل الحوار عند خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- ركنا جوهريا من أركان الرؤية الوطنية، حيث واجهت بلادنا تحديات متعددة من أبرزها التواصل والانفتاح مع العالم في عصر الاتصال والعولمة، ونشوء الحاجة إلى التعبير عن الرأي في ظل ظروف دولية تطلبت الائتلاف حول القضايا الوطنية، وحول صياغة رؤية موحدة للتعامل مع هذه التحديات في ظل ما شهدته منطقتنا العربية والإسلامية من قضايا وصراعات وحروب. من هنا مثل الحوار بوصفه أقصر الطرق للتعايش أساسا متكاملا لمعايشة اللحظة الحاضرة، وهذا الأساس شكل بدوره نقطة انطلاق للحالة الحوارية التي تعيشها المملكة اليوم.

وحول الحوار وجهود خادم الحرمين الشريفين في تأصيله وجعله رسالة سعودية إلى العالم أصدر الكاتب والإعلامي سعيد بن ناصر أبو ملحة كتابه القيم: «الحوار في فكر خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود» وقد تناول فيه من خلال أربعة أبواب الحوار في فكر خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- مستنداً على كل الإرهاصات الأولية التي شكلت هذا الفكر الحواري من خلال قراءة متأنية لواقع الحوار في فكر خادم الحرمين الشريفين، حيث استهل كتابه باستقراء الندوات الحوارية التي كانت تعقد من خلال المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية) وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين المستمرة حين كان وليا للعهد وإلى اليوم بعقد ندوات حوارية تتناول قضايا الإسلام والغرب، والإسلام والشرق، ومستقبل الثقافة العربية، ومن خلال الندوات العالمية التي كانت تعقدها مكتبة الملك عبدالعزيز العامة مثل: مصادر المعلومات في العالم الإسلامي، وندوة الأندلس، وندوة مستقبل الثقافة العربية وغيرها من الندوات التي أحدثت حراكاً فكرياً وثقافياً واسعاً بين مختلف النخب الثقافية.

بيد أن إنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني الذي رعاه خادم الحرمين الشريفين مثل نقطة مفصلية، وشكلت رعايته دعما لوجستياً لكل أنشطته وبرامجه فكان بمثابة النقطة المضيئة التي ألهبت توهج الحركة الحوارية والتي تجسدت من خلال التقاء مختلف الأطياف والتوجهات واجتماعهم على طاولة الحوار والنقاش الهادف سعيا للحمة الوطنية. وقد اهتم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -أيده الله- بكل الإنجازات الحوارية التي قام بها المركز، وقد أبرز المؤلف ذلك في فصل خصصه للحديث عن التجربة الحوارية للمركز التي يتابعها ويدعمها خادم الحرمين الشريفين من خلال تسلمه لتقاريره السنوية ومن خلال استقباله السنوي -حفظه الله- للمشاركين والمشاركات في اللقاءات الوطنية الحوارية الختامية.

ولعل النقلة الأبرز -كما يوضح الكاتب- في المفهوم الحواري لدى خادم الحرمين الشريفين تجلت في انتقال الحوار من الداخل إلى الخارج، أو بمعنى آخر توسيع نطاق الحالة الحوارية لتصبح رؤية عالمية كرسها خادم الحرمين الشريفين حين دعا -حفظه الله- للحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة وكان من أبرز طلائعها المؤتمر العالمي الإسلامي في مكة المكرمة، وعلى إثره وفي ضوء نتائجه تم عقد مؤتمر عالمي للحوار بمدريد، ثم انتقال الحوار إلى الأمم المتحدة التي تبنت هذه المبادرة التي قادها خادم الحرمين الشريفين بالحوار بين أتباع الديانات والثقافات المتعددة، حيث عقد مؤتمر عالمي للحوار بالجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك.

كل هذا الثراء الفكري الحواري رصده الكاتب، ليضع القارئ حيال هذه الصورة الحوارية الناصعة التي تجلت في مسيرة خادم الحرمين الشريفين والتي أسس لها ودعمها بحيث أصبحت تشكل أحد الإسهامات السعودية الكبيرة في عالم اليوم الذي يحتفي بالتواصل والتعاون والتعايش والاتصال، ولعل في تقديم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للكتاب ما يمثل إطلالة مشرقة وواضحة للدور الكبير الذي نهض به خادم الحرمين الشريفين لترسيخ الظاهرة الحوارية لتصبح نمطا من أنماط الحياة لدى الشعب السعودي، وهي رسالة من سمو ولي العهد مضمونها أن المملكة بقيادة خادم الحرمين الشريفين تدعو إلى الحوار والتعايش والسلام إيماناً منها بأن التعايش السلمي في العالم لن يتحقق إلا من خلال قنطرة الحوار، وقد ارتقت جهود خادم الحرمين الشريفين -كما ذكر سمو ولي العهد- بالمملكة إلى مصاف الدول المتقدمة ثقافياً وحضارياً.

ومما يحمد للكاتب هنا أنه جمع كل الكلمات الملكية والبيانات الخاصة بالحوار سواء تلك الصادرة عن مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني أو تلك التي تمخضت عن مؤتمرات الحوار بين أتباع الأديان والثقافات المختلفة، مما يعطي المجال للباحثين لقراءة المحتوى الحواري الداخلي والخارجي، ويقدم للقارئ الصورة الحوارية بكل ملامحها السعودية، وملامحها الثقافية والفكرية والعالمية من خلال رصد موثق، وتناول شامل، ورؤية إعلامية مسؤولة يستقرئ من خلالها الواقع بكل معطياته ويستشرف المستقبل بكل أبعاده.

مساعد الأمين العام - مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد