Al Jazirah NewsPaper Friday  06/08/2010 G Issue 13826
الجمعة 25 شعبان 1431   العدد  13826
 
مت..... واقف..!!!
د.عبد الحميد بن محمد الهليل

 

في أول يوم باشرت فيه العمل ودخولي عالم الوظيفة كان دخولي أيضاً على مديري الذي كان يستعد للتقاعد فمازحته وأنا أسلم ورقة المباشرة قلت له: متى تقاعدي!! فضحك وقال: المشوار طويل ياولدي ثم بادرته بممازحة أخرى فقلت: مارأيك أن تأخذ مكاني في بداية المشوار الوظيفي وأنا آخذ مكانك وأتقاعد فضحك وقال لي عبارة وزنتها بميزان الذهب!؟؟ لقد قال كلاماً معناه: ياولدي تعال مكاني في السن وكبره، والأمراض وتمكنها وأنا راض بهذا!! عندها أفحمني برد مسكت!! إنه عالم التقاعد الذي سنحلق في موضوعه بكلمات قليلة اختصاراً لسنوات طويلة من العطاء؟ إننا سنسلط المجهر على ذلك الموظف الذي قضى وقتاً طويلاً وعمراً مديداً ولاح الشيب في مفرقيه وصار ذلك ظاهراً على شعر وجهه إنه يسأل من أصدقائه ومعارفه دائماً فمل من هذا السؤال المتكرر متى تتقاعد؟ متى تتقاعد؟، لقد تبقى له سنوات معدودة يريد أن يكملها ولكن الشيب سبب لتكرر هذا السؤال متى تتقاعد؟!! لقد قرر صبغ شعره عل هذا السؤال يغيب إن غيب شعره الأبيض!! ولكن دون جدوى!! قالوا له يا أخي أصبحت تصبغ شعرك ماذا تنتظر....تقااااعد,,تقااااعد!! بعد هذا الإصرار غير المبرر! والذي كان سببه الشيب، رضخ هذا الوقور إلى التفكير الجاد بالتقاعد ولكنه قرر أن يستخير ويستشير قبل أي قرار يتخذه، لقد استخار ثم ذهب إلى من يثق برجاحة عقله ليشير إليه؟ لقد سأله المستشار عن السبب فبين له أن الشيب صار باباً يدخل منه كل مطالب لي بالتقاعد فقال له المستشار: ألم تعلم وترى إلى من ابيض شعره وهو صغير السن فبياض الشعر ليس سبباً مقنعاً, عند ذلك انتهت المقابلة وعاد الوقور إلى عمله مجدداً نشاطه وأصبح واثق الخطوة فمشيه ملكا!! بعد ذلك سلم من النيران الصديقة التي تصبحه شيباً وتمسيه شيباً!! لقد قضى أشهراً فحس بكسل غير طبيعي وجفاف ريق وزغللة عين بعد عين!! الكشف بين أنه مصاب بداء السكري!! بعد ذلك تجددت النيران الصديقة التي أصبحت تصبحه سكراً وتمسيه سكراً!! فتجددت المطالب من هنا وهناك يقال له: نصيحة تقاعد قبل أن يتمكن منك مرض جديد يسمى ارتفاع ضغط الدم!! بعد هذا قرر على التقاعد قراراً لارجعة له فيه وبشر أصدقاء (الشيب والسكر) ففرحوا له فرحاً كان مقياسه أعلى من ارتفاع سكره!! إنه تقاعد خوفاً من مداهمة مرض جديد يسمى (الضغط) لقد بدأ بتعبئة أوراق الطلب وأصبح يتابع ويراجع في معاملته وراتبه التقاعدي من مرجعه قبل جهة التقاعد ؟ فطالت مراجعاته فهذا يحيله على ذاك وذاك يحيله على هذا، لقد مل من المراجعات أكثر من هم دوامه الذي تنازل عنه طلباً للراحة!!

أخيراً نال مانال وطلب فوصل قرار التقاعد؟ ولكنه أصبح يحس بدوار وصداع فظن أنه السكر وتفاجأ عند فحصه أن ارتفاع الضغط قد زاره بنية الإقامة الدائمة!! فأصبح الضغط مع السكر!! لقد فر بتقاعده من الضغط فجاءه الضغط دون استئذان!! لقد أطلقها مدوية عند زيارة من زاره وقال: إنها المراجعات التي كانت سبباً في ارتفاع ضغطي!!! عند ذلك وصل ذلك (الوقور.. السكري.. المضغوط) وصل إلى نهاية حياته الوظيفية بمكاسب!! فليت شعري؟؟ ماهذه المكاسب؟؟؟

أقول:

بودي أن أطرح اقتراحاً عله يرى النور؟؟ لماذا لا ينشأ في كل دائرة مكتب لخدمات المتقاعدين فيتولى هذا المكتب شؤون المتقاعد من الألف إلى الياء خدمة لهذا المتقاعد وهو يجلس مرتاحاً مخدوماً يصله الموظف الخاص بمعاملته في مقر عمله وهذا أقل مايقدم لهذا المتقاعد مكافأة له على ماقدم طيلة هذه السنوات من الخدمة وصدقوني أن موظفي مكتب خدمات المتقاعدين سوف يأتي يوماً ليخدمهم غيرهم إذا كانوا في عداد المتقاعدين (فكما تدين تدان) ما أجمل مايختم المتقاعد حياته الوظيفية بخدمة تقدم له، فقد سمعت أن من الناس من يظن أن كلمة متقاعد عبارة عن كلمتين (مت.... قاعد) فإن سلمنا أن هذا المعنى صحيحاً فأنا أظن أنه أفضل من قولنا للمتقاعد (مت... واقف)!!!!

أخيراً أتمنى إن كنت من الأحياء أن ينشر مقالي هذا قبل تقاعدي بأشهر عديدة حتى أستفيد من اقتراحي ولكني فكرت؟ فتقاعدي بقي عليه سنوات طويلة ولذلك لامانع عندي من نشر هذا المقال الآن!!؟؟



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد