Al Jazirah NewsPaper Monday  16/08/2010 G Issue 13836
الأثنين 06 رمضان 1431   العدد  13836
 
مدائن
الفتوى والجامعات
د. عبدالعزيز جار الله الجار الله

 

توجيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز لسماحة مفتي عام المملكة ورئيس إدارة البحوث العلمية والإفتاء ورئيس هيئة كبار العلماء بقصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء هي مرحلة مفصلية للحد من فوضى الفتاوى وتعدد مصادر الإفتاء وسط انفتاح الإعلام والقنوات الفضائية والباحثين عن الشهرة والمجد.. وحتى تتم السيطرة على حال الفتوى، التي اعتقد البعض أنها بطولة وشجاعة ومغامرة، من المناسب تأسيس جهات استشارية تساعد في هذه المرحلة الصعبة للسيطرة على الفتوى وجعلها مقتصرة على هيئة كبار العلماء مع المحافظة على الخيط الرفيع ما بين الفتوى والإرشاد الديني والتوجيه المجتمعي من الأحوال الشخصية والجانب التربوي الذي يؤديه خطباء المساجد والأئمة والمرشدون.. لذا من الأفضل إيجاد جهات استشارية أكاديمية تتمثل بالجامعات الإسلامية بالمملكة: جامعة أم القرى، وجامعة الإمام محمد بن سعود، والجامعة الإسلامية، وجامعة طيبة لتكون جهات مرجعية استشارية تساعد في تمحيص وفحص الفتاوى والأقوال وتقديم الخدمة الاستشارية في هذه المرحلة.. فإن كثيراً من الجهات التشريعية في العالم لها قاعدة علمية وأكاديمية تستعين بآرائها ورؤيتها تجاه قضايا دينية وقانونية وحتى إدارية في نطاق الأحوال الشخصية.

في التاريخ الإسلامي أدت العديد من المساجد والجامعات الإسلامية دور المساند والاستشاري في قضايا فقهية وأحوال شخصية وتنظيم الحياة الاجتماعية وما زالت تلك المساجد الإسلامية الشهيرة التي تحولت فيما بعد إلى جامعات تؤدي هذا الدور في تأصيل الآراء وإعطاء العمق الأكاديمي والبحثي تجاه القضايا والموضوعات.

وفي بلادنا لدينا جامعات إسلامية وكليات وتخصصات شرعية وتضم علماء وأساتذة في الفقه والحديث والتفسير قادرين على البحث وتأصيل القضايا وهذا يدعم إدارة البحوث العلمية والإفتاء، وهيئة كبار العلماء في إعطاء العمق المنهجي وتوسيع أفق الموضوعات في ظل تعدد الآراء واختلاف توجهات المجتمع وتعدد الثقافات بين المواطنين والمقيمين ومذاهبهم وانتماءاتهم التاريخية وولاءاتهم الاجتماعية ومرجعياتهم الفقهية.

إن قصر الفتوى على أعضاء هيئة كبار العلماء هو نقلة نوعية في بلادنا لوقف الانزلاقات والتيه وسط مدعي الإفتاء أو من صنعتهم المحطات الفضائية أو الدعاة الباحثين عن الجماهيرية والاستعراض.

الملك عبدالله - حفظه الله - يضع الفتوى في مسارها الصحيح ويحمي المجتمع من تلك التصدعات والانفلات التي يحدثه دعاة تسللوا بقصد إلى بعض المنابر أو المحطات الفضائية يسعون إلى المجد الشخصي مستغلين فراغاً بابه عدم التضييق على المسلمين وفتح الآفاق لكل الأطياف والألوان الإسلامية حتى بدأت تمس وتهز المعتقد والتشريع.. وبالمقابل يتطلب من المحطات الفضائية والمنتديات وأئمة المساجد أن تتخذ خطوات للحد من وصول الأدعياء والمغامرين إلى المنصات والتحدث إلى المجتمع بعباءة الإفتاء واستغلال المساحة التي تتيحها وسائل الإعلام.



 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد