Al Jazirah NewsPaper Wednesday  25/08/2010 G Issue 13845
الاربعاء 15 رمضان 1431   العدد  13845
 
مطر الكلمات
أنتم لا تقرؤون
سمر المقرن

 

هذه عبارة قالتها لي إحدى السائحات الأوروبيات التقيتها صيف هذا العام في باريس، وليتها اكتفت بهذه العبارة لكنها أردفت: «لم أرَ سائحاً عربياً ممسكاً بكتاب، ولم أتحدث مع أحدهم إلا قال لي: أنا لا أقرأ كثيراً بينما السياح يرون أن هناك نوعا من المتعة في القراءة يمكن أن تصطحبها معك حتى وأنت سائح ولذلك يقاوم -بعض- الناس القراءة وليس فقط لا يقرؤون، فهم لا يعرفون ماذا يختارون من الكتب ولا الكتب التي تصلح للقراءة في السفر ولا يشجعون أطفالهم لاصطحاب الكتاب ومقاومة البلايستيشن بل يأخذونها والألعاب الأخرى معهم بدلاً من مقاومتها حتى في السفر على الأقل».

تلعثمت، ولم أعرف كيف أقاوم نظرتها الدونية، وما فتح هذا الحوار هو مشاهدتها لي في أحد المقاهي وأنا أقرأ كتاب «ميكافيلي» الذي ألفه الأمريكي روس كينج، فكان المشهد لافتا بالنسبة لها فبدأت حديثها معي قائلة: «بأي لغة هذا الكتاب؟» وعندما علمت لغته أردفت: «أول مرة أشاهد شخصاً من العالم العربي يجلس في مقهى ويقرأ، فكل العرب الذين يجلسون في المقاهي ليس لديهم وقت يمضونه إلا بالتحديق في الناس!».

الكتاب مظلوم في عالمنا العربي ولذلك نرى في الكتاب نموذجا للعداء ولو وجدنا أحداً يقرأ في سفر لضحكنا منه ولربما قرّر أن لا يعاود الأمر، والسؤال بعد أن عاد الكثيرون من السفر هل اصطحبت معك كتابا وأنت مسافر؟ ألا يبدو الجواب مخجلاً ونحن نرى كم من السياح يقرؤون ويتحدثون عما قرأوه بل يعتبرون السفر والإجازة فرصة طيبة لإنهاء كم كتاب كانوا على طاولة الانتظار في برنامجهم القرائي، بينما نحن يمر علينا العام والعامان أو الثلاثة لم نقرأ، ألا يبدو مخجلاً هذا العداء لنا ولأطفالنا مع القراءة، لدرجة أنّ الأب لا يرى في القراءة قضية مع أبنائه ولا يرى في الصيف فرصة لإنهاء كتاب أو كتابين من قبله أو من قِبل أطفاله؟ لماذا يكافئ أطفاله على عمل جميل قاموا به لم يكن الكتاب جزءاً من هذه المهمة؟

لماذا نحن والكتاب في عداء دائم رغم أن الكتاب صديق وفيّ وعميق ويعطيك فكرا ورؤية للحياة؟ لماذا تبدو حياتنا بلا كتاب بينما الآخرون الآن يتمتعون بأشكال من القراءة فاقت التوقعات، فالكتاب الإلكتروني يغزو الأسواق وأجهزة الكاندل الآن في متناول الجميع في سبيل قراءة متميزة في السفر والأماكن التي لا يتوفر فيها مساحة للكتاب.

هل قرأ الآباء كيف ينمون حب القراءة في أطفالهم؟ هل قرأ الآباء كيف يجعلون من الصيف متعة وفائدة؟ هل حاولوا بناء القراءة في الأطفال حتى ولو لم يكن الأب أو الأم قارئا جيدا؟ هل يملك الأهل خططا للقراءة؟

أعرف أن طرح الأسئلة حول قراءة الطفل ومستقبل القراءة لدينا سهل جداً، وأعرف أن الإجابة عليها صعب جداً، وأعرف أن تطبيق الإجابات الصعبة أصعب فيما يتعلق بتطوير القراءة، وأعرف أننا لا نملك تلك العزائم لتفعيل النصائح، لكن لا أقل من محاولة التفهم ولا أقل من محاولات أن نشعر بالمشكلة وهي هجر القراءة، لأني أجد أننا لا نشعر بالمشكلة أصلاً بل هناك مقاومة سلبية من خلال السخرية ومن خلال التقليل من أهمية القراءة، ويوجد أناس أخذوا على عاتقهم كيف يخذلون الناس القارئة وكيف يسيئون لهم وكيف يقللون من أهمية الموضوع بل يجعلون في الصفوف السلبية بأساليبهم التقليدية، وتبقى الإجابة على كل هذه الأسئلة في وعي الأب والأم سر المستقبل.

www.salmogren.net


 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد