Al Jazirah NewsPaper Wednesday  01/09/2010 G Issue 13852
الاربعاء 22 رمضان 1431   العدد  13852
 
وكيل وزارة التعليم العالي للتخطيط والمعلومات د. الفنتوخ لـ »الجزيرة»:
التخطيط الإستراتيجي بالوزارة يعتمد أساليب علمية حديثة من منطلقات ومعايير واقعية شمولية

 

لقاء - سلطان المواش :

أكد وكيل وزارة التعليم العالي للتخطيط والمعلومات الدكتور عبدالقادر الفنتوخ أن الوزارة تقوم بنشر ثقافة التخطيط في مؤسسات التعليم العالي وتعزيز القناعة بأهمية التخطيط، وأضاف في حديث ل(الجزيرة) بأن التخطيط الإستراتيجي عملية ديناميكية مستمرة ومتجددة وفق المتغيرات المحلية والعالمية وأن التخطيط في الوزارة يعتمد على أسس علمية مدروسة حيث تم إنشاء 12 جامعة بدل 7 جامعات في الخطة الخمسية الثامنة، مضيفاً بأن الخطة الخمسية الثامنة استهدفت 637 ألف طالب وطالبة، وبلغ عدد المقبولين خلال سنوات الخطة 730 ألف طالب وطالبة، كما أن للوزارة مشاركات محلية ودولية حيث تم تطوير 28 منظومة، خاصة المنظومة الألكترونية لبرنامج خادم الحرمين للابتعاث وتم إنشاء الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمية وبرزت الحاجة إلى رصد مؤشرات التعليم العالي وتقرير برامج الجودة فقد استحدثت الوزارة مرصداً للتعليم العالي، وإلى مزيد من التفاصيل في حديث الدكتور الفنتوخ.

ثقافة وأهمية التخطيط

استحداث وكالة في وزارة التعليم العالي معنية بالتخطيط والمعلومات، فما مدى حاجة مؤسسات التعليم العالي للتخطيط الإستراتيجي؟

تقوم وكالة الوزارة للتخطيط والمعلومات بنشر ثقافة التخطيط في مؤسسات التعليم العالي, وتعزيز القناعة بأهمية التخطيط والحاجة إلى التطوير ومواكبة التوجهات الحديثة, في التعلم والتعليم والبحث العملي وخدمة المجتمع، وزيادة مشاركة جميع المستويات الإدارية في المؤسسات التعليمية والجهات ذات العلاقة بالتعليم العالي. وذلك لزيادة الداعمين لمشاريع التطوير وتمهيد الطريق للتطبيق والتقليل من مقاومة التغير التي تعد إحدى معوقات تنفيذ الخطط الإستراتيجية. كما يعتمد التخطيط الإستراتيجي العلمي, على البيانات والإحصاءات الدقيقة والتأكيد على أهمية دورها في دعم اتخاذ القرار والتنبؤ بالتحديات المستقبلية, واقتراح الحلول العملية لمتخذي القرار. وتقوم الوكالة بدور محوري في تعزيز مساهمة الوزارة في صناعة مجتمع المعرفة, المتمثل في التخطيط لرفع مستوى مشاركة كافة مؤسسات التعليم العالي, في بناء اقتصاد المعرفة وتوليد المعرفة ونشرها بين مؤسسات التعليم العالي وتطويع تقنية المعلومات, بوصفها الأداة الرئيسة لنشر المعرفة وإتاحتها للباحثين والمهتمين بالتعليم العالي بما يعزز التحول إلى مجتمع المعلومات الرقمي.

إضافة إلى دور الوكالة في رصد العملية التعليمية والبحث العلمي وقياسهما ومقارنتهما بالدول المتقدمة عالميًا, فإن اتخاذ القرار المستقبلي يعتمد على استشراف المستقبل وتحدياته بناءً على المعلومة الدقيقة وفق إسناد زمني لكل معلومة. وهذا ما نسعى إلى تحقيقه في الوكالة انطلاقاً من دورها المشارك في صناعة سياسات التعليم العالي وإستراتيجياته في المملكة.

ويشير علماء التخطيط الإستراتيجي والمختصون في التعليم العالي إلى أنه -وبعد دراسة تجارب عالمية عديدة في التخطيط الإستراتيجي- تبين أن التخطيط الإستراتيجي يصبح محفزاً للتغير بقدر أكبر بكثير مما تستهدفه الخطة الإستراتيجية نفسها. بل وتشير الدراسات أيضاً إلى أن التخطيط الإستراتيجي يحرك الإبداع والابتكار في البيئة التعليمية من خلال طرح المشاركين في الخطة أفكاراً تطويرية طموحة.

كما تسعى الوكالة إلى التأكيد على أهمية توطين عملية التخطيط الإستراتيجي داخل قطاع التعليم العالي من خلال تأسيس لجان دائمة, أو إدارات مستقلة ولاسيما في الجامعات الناشئة, ودعمها بكوادر مؤهلة وتدريبهم باستمرار على مستجدات التعليم العالي والتوجهات الحديثة في التخطيط.

استمرارية الخطط وتجددها

التخطيط الإستراتيجي كلمة كبيرة.. ونرى أن أغلب المؤسسات والوزارات لا تنجز 30% مما خطط له على أرض الواقع، كيف تتعاملون مع ذلك في وزارة التعليم العالي؟

التخطيط الإستراتيجي هو عملية ديناميكية مستمرة ومتجددة وفق المتغيرات المحلية والعالمية، حيث إن التخطيط الإستراتيجي لا يشمل فقط تحديد التوجهات الإستراتيجية, بل يتعدى ذلك إلى إعداد الخطة الإستراتيجية وتنفيذيها, وقياس تطبيقها من خلال مؤشرات دقيقة لقياس الأداء وتوجيه مسارات الحلول, وفق المتغيرات المحلية والتوجهات الحديثة في التعليم العالي, بهدف تحقيق أعلى المكاسب ومعالجة التحديات. ونحن في وزارة التعليم العالي ندرس جيداً الصعوبات التي تواجه تنفيذ التخطيط الإستراتيجي وما يتعلق بالأهداف والمشاركة بالتنفيذ والحصول على البيانات من مصادرها وقياس المنجزات وتقويمها. حيث يعد التقويم المستمر للخطط في أثناء تنفيذها وبعدها من أهم مراحل تنفيذ الخطط الإستراتيجية الناجحة.

كما يشمل التخطيط الإستراتيجي، التخطيط قصير المدى لمواجهة التحديات الملحة والعاجلة مثل رفع الطاقة الاستيعابية لمؤسسات التعليم العالي القائمة, والتخطيط طويل المدى مثل التوسع المدروس, والبحث العلمي الموجه للمساهمة في صناعة مجتمع المعرفة.

وفيما يتعلق بالتخطيط الإستراتيجي في الوزارة, فهو يعتمد على أساليب علمية حديثة تقوم على عدد من المنطلقات ومنها الواقعية، والشمولية، والاستمرارية، والمرونة، ومركزية التخطيط دون مركزية التنفيذ، والتكامل داخل القطاع ومع القطاعات الأخرى، والكفاءة الداخلية والخارجية، وموثوقية البيانات. كما أن التخطيط الإستراتيجي في الوزارة يقوم على دراسة دقيقة لعدد من أنظمة التعليم العالي المتميزة عالمياً, واستقراء شامل لتجارب الجامعات العريقة وممارساتها الناجحة، ومن خلال هذا الأسلوب العلمي الأكاديمي يمكن إعداد الخطط والإستراتيجيات وإيجاد بدائل لاتخاذ القرارات وحل المشاكل المستحدثة وتحليل العمليات ووسائل البحث الكمية والكيفية.

توازن الأدوار مع الأهداف

التعليم العالي مشارك في عدد من الخطط الإستراتيجية مع الجهات ذات العلاقة بتنمية الإبداع والابتكار وتأهيل العنصر البشري. كيف تستطيعون موازنة هذه الأدوار مع تعدد أهداف الجهات المعدة لهذه الخطط؟

وزارة التعليم العالي ممثلة في وكالة الوزارة للتخطيط والمعلومات تشارك في إعداد عدد من الخطط الإستراتيجية في المملكة, ومن ذلك الخطة الوطنية للعلوم والتقنية, وخطة آفاق لتطوير التعليم العالي, والخطة الوطنية للاتصالات وتقنية المعلومات والإستراتيجية الصناعية الشاملة, وغيرها من الخطط الوطنية. وتسعى الوزارة إلى تكامل هذه الخطط وتوافقها مع الخطة الخمسية للدولة وتحقيق أهدافها. كما تقوم الوكالة بالتخطيط لقطاع التعليم العالي في جميع مناطق المملكة والتأكد من توافقية مخرجات مؤسسات التعليم العالي في مناطق المملكة مع الاحتياجات التنموية للمناطق التابعة لها, بحيث تكون مؤسسات التعليم العالي رافدًا رئيسًا لتطوير المناطق, من خلال توفير كوادر مؤهلة ومتوائمة مع احتياج سوق العمل المحلي, وتطويع البحث العلمي بما يخدم مشاريع التنمية المحلية, مما يعزز من دور التعليم العالي في تحقيق شمولية التنمية لجميع مناطق المملكة من جانب, والتوزيع المتوازن لمنظومة التعليم العالي الوطنية من جانب آخر. كما أن تحقيق التنمية المستدامة يتطلب تخطيطًا إستراتيجيًا متوازنًا ومؤسسًا على معطيات دقيقة, ويقدم حلولاً عملية بعيداً عن الحدس أو التخمين أو طموحات غير واقعية.

النجاح يقاس بالإنجاز

يقاس نجاح الخطط الإستراتيجية بما تم إنجازه منها، هل أنجزتم ونجحتم؟

يعيش المجتمع السعودي نهضة تنموية شاملة بكافة مكوناته, تقودها حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله- لتحقيق رؤية تنموية أساسها العنصر البشري المؤهل تأهيلاً معرفياً ومهارياً وسلوكياً. وتسعى الرؤية لتحقيق نقلة نوعية في قطاع التعليم العالي بوصفة القطاع الأهم في تنمية العنصر البشري. وقد استجابت الوزارة بطرح خطة إستراتيجية تتضمن عددًا من المبادرات التي تهدف لتحقيق رؤية خادم الحرمين الشريفين في صناعة مجتمع المعرفة وتطوير اقتصاد معرفي منتج. وقد شملت برامج الوزارة ومشاريعها تطوير البيئة التعليمة في المملكة، واستكمال البنى التحتية للجامعات وتحديثها, والتوسع المدروس في إنشاء جامعات جديدة, تركز على برامج متوائمة مع احتياجات الخطط التنموية. كما شملت برامج الوزارة التطويرية تنمية العنصر البشري وتأهيله في منظومة التعليم العالي من أعضاء هيئة تدريس وباحثين وطلاب في مختلف المراحل, ورعاية المتميزين منهم وإقرار نظام البدلات والحوافز الذي يهدف لرفع كفاءة أعضاء هيئة التدريس وتطوير الأداء الأكاديمي. وفي المجال التعليمي تضمنت مبادرات الوزارة التوسع في برامج الدراسات العليا, وتحديث الخطط والبرامج الدراسية, وتعزيز جودة مدخلات التعليم الجامعي, من خلال المركز الوطني للقياس والتقويم, وضبط جودة المخرجات من خلال الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي. وتسعى مبادرات الوزارة وخططها إلى المساهمة في صناعة مجتمع المعرفة, وبناء اقتصاد يقوم على الاستثمار في المعرفة من خلال تنمية البحث العلمي التطبيقي, وتوفير البيئة المناسبة له المتمثلة في إنشاء عدد من مركز التميز البحثي وكراسي البحث العلمي في عدد من الجامعات, وبرامج استقطاب المتميزين من العلماء والباحثين, وإنشاء الحدائق العلمية وحاضنات التقنية, وتنويع مصادر دعم البحث العلمي واستحداث مؤشرات لقياس أداء البحث العلمي.

وقد استطاعت الوزارة بعون الله وتوفيقه إنجاز ما استهدفته الخطة الخمسية الثامنة من أهداف وسياسات وبرامج، بل إنها تجاوزت المخطط له بنسبة كبيرة, ويعود هذا الإنجاز بفضل الله ثم بدعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز -حفظه الله- رائد التعليم الأول, وسمو ولي عهده الأمين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز, وسمو النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز. فعلى سبيل المثال فيما يتعلق بالبنى التحتية فقد تضمنت الخطة الخمسية الثامنة افتتاح 7 جامعات, وبفضل الدعم من قيادتنا الرشيدة فقد تم خلال الخطة الخمسية الثامنة افتتاح 12 جامعة بزيادة 171.4% عن المستهدف في الخطة. وفيما يتعلق بالطلاب فقد استهدفت الخطة الخمسية الثامنة (637) ألف طالب وطالبة, بينما بلغ عدد المقبولين خلال سنوات الخطة (730) ألف طالب وطالبة متجاوزاً الرقم المستهدف بنسبة (114.6%). وفيما يتعلق بتنمية خبرات أعضاء هيئة التدريس فقد استهدفت الخطة الخمسية الثامنة مشاركة عدد مناسب من أعضاء هيئة التدريس سنوياً في المؤتمرات والندوات العلمية داخليا وخارجياً, بما لا يقل عن (15%) سنوياً بينما نجد أن ما تحقق بحمد الله يتجاوز (17.5%). وفي مجال إشراك القطاع الخاص في تقديم خدمة التعليم العالي استمرت الوزارة بدعمها للقطاع الخاص، وتشجيعه مما كان له الأثر الإيجابي في زيادة عدد الجامعات الأهلية من جامعتين إلى (9) جامعات، والكليات الأهلية من (8) كليات إلى (20) كلية.

وفي مجال تقنية المعلومات فقد عملت الوزارة على تحسين الأداء في الجوانب الإلكترونية وإنجاز المهام الإدارية والأكاديمية لأعضاء هيئة التدريس والطلاب والمبتعثين والجامعات من خلال تطوير (28) منظومة، ومن الأمثلة على هذه المنظومات: منظومة الخدمات الإلكترونية لبرنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث ومنظومة الشؤون الإدارية والمالية ومنظومة الابتعاث (الإلحاق، والمتابعة، والترقية، والسجلات), ومنظومة الأنظمة التعليمية, ومنظومة التعليم العالي الأهلي, ومنظومة الجامعات الموصى بها، بالإضافة إلى نظام إحصاءات التعليم العالي.

وفي مجال تعزيز دور الجامعات في المجتمع, فقد قامت الوزارة بالتنسيق مع الجامعات من خلال كليات خدمة المجتمع وعماداتها بتقديم العديد من البرامج التدريبية والتأهيلية التي يحتاجها سوق العمل, ويحتاجها الأفراد في التطوير المهني والذاتي، كما أن كليات المجتمع في الجامعات المنتشرة في مناطق المملكة المختلفة تقدم العديد من البرامج التدريبية والتأهيلية التي يحتاجها سوق العمل، ويبلغ متوسط ما تقدمه الجامعات حوالي (650) دورة وبرنامجاً سنوياً, يستفيد منها أكثر من (20) ألف متدرب ومتدربة. وفي مجال المواءمة مع سوق العمل, فتقوم الوزارة بإجراء دراسات لأي قسم أو برنامج يراد افتتاحه وفق معايير محددة تأخذ في الحسبان متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية واحتياجات سوق العمل دون إغفال أهمية تطوير المعرفة وإنتاجها من خلال التخصصات الداعمة لإسهام التعليم العالي في صناعة المعرفة.

والجدير بالذكر أن عددًا من التحديات التي تواجه نظم التعليم العالي عالمياً لا تشكل تحديات محلية, مثل تمويل التعليم العالي, وتساوى الفرص بين الجنسين, والقبول والاستيعاب, حيث تم استيعاب ما يقارب (90%) من مخرجات مرحلة الثانوية العامة لهذا العام متجاوزين بهذه النسبة العديد من دول العالم, نتيجة للدعم الذي يلقاه قطاع التعليم العالي من حكومة خادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-.

توفر معايير الجودة

انتشرت مؤسسات التعليم العالي لتشمل جميع مناطق المملكة، هل راعيتم الجودة كي يظهر للمتابع كيف تطور التعليم العالي.. وبرأيك ما هي الصعوبات التي واجهت الوزارة؟

حينما خططت وزارة التعليم العالي للتوسع المدروس المبني على معايير دقيقة أقرت من مجلس التعليم العالي، أدرجت ضمن خططها إنشاء الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي ليتبع مرحلة التوسع مرحلة الجودة، إضافة إلى طرح الوزارة لعدد من المبادرات التي تعزز برامج الجودة في الجامعات, وستقود بإذن الله إلى الاعتماد المؤسسي والبرامجي للجامعات والكليات. ومن ذلك رفع الكفاءة الداخلية للجامعات عن طريق ضمان جودة مدخلات التعليم الجامعي، وذلك باستمرار ما يقوم به المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي، وكذلك برفع الكفاءة الخارجية للجامعات عن طريق ضبط المخرجات والتحقق من جودتها، وتحقيق الاعتماد الأكاديمي والمؤسسي للجامعات، التي تتولاها الهيئة الوطنية للتقويم والاعتماد الأكاديمي، وهي الجهة المسؤولة عن شؤون الاعتماد الأكاديمي وضمان الجودة في مؤسسات التعليم العالي فوق الثانوي, إضافة إلى الدور الذي تقوم به الجامعات في هذا المجال. كما تجدر الإشارة إلى الجهود التي تقوم بها الجامعات من مراجعة مستمرة لأقسامها وكلياتها, وإعادة هيكلتها بما يتناسب مع حاجة سوق العمل. كما أن معظم الجامعات تسعى لتحسين الجودة من خلال التدقيق في قبول الطلاب، مع التركيز على المتميزين منهم. وأشير إلى أن عددًا من الجامعات السعودية حصلت على اعتماد أكاديمي من هيئات اعتماد دولية مثل (ABET) العالمي في مجال العلوم الهندسية.

ولتوطين برامج الجودة في الجامعات وتحويلها إلى أعمال مؤسسية, فقد بادرت الوزارة بحثّ الجامعات على إنشاء العديد من عمادات الجودة ومراكزها فيها، وقد تمت الموافقة على إنشاء العديد منها في الجامعات الحكومية والأهلية كذلك.

التعليم والتنمية

تعد العلاقة بين التعليم والتنمية أحد أبرز العلاقات المؤثرة على السياسات التنموية المختلفة التي تصنع التنمية المستدامة. ولضمان نجاح هذه العلاقة وتوثيقها يتطلب الأمر متابعة خطط التعليم العالي وقياسها، أليس كذلك؟

نظراً لأن التخطيط الإستراتيجي في التعليم العالي يمثّل عملية مستمرة ومتجددة, ويتضمن مبادرات متنوعة تشمل البنى التحتية والعملية التعليمية, وتنمية العنصر البشري, وتطوير البحث العلمي, وتحقيق المنافسة العالمية وتعزيز برامج الجودة، فقد برزت الحاجة إلى رصد مؤشرات التعليم العالي وإجراء مقارنات مرجعية مع العديد من الدول المتقدمة, لتقيم مجمل العلمية التطويرية والمبادرات المتنوعة, وقياسها بهدف تحديد موقعنا على الخريطة الدولية, وتحديد مواطن القوة وتعزيزها ومواطن الضعف لمعالجتها. وبذلك تعد عملية التخطيط الإستراتيجي المبني على بيانات دقيقة ومقارنات دولية وممارسات ناجحة عملية تطويرية شاملة بحاجة إلى رصد ومتابعة.

وسعياً من الوزارة لمواكبة التطورات المتسارعة في أدبيات التعليم العالي وانبثاق مصطلحات جديدة, تعبر عن تغيرات بنيوية في التوجهات الحديثة في قطاع التعليم العالي، مثل المؤشرات والمقارنات الدولية، والتحليل النقدي، والمعيارية، والاستشراف المستقبلي للتعليم العالي, والتنبؤ بمساراته وتوجهاته, فقد استحدثت الوزارة مرصد التعليم العالي, بهدف جعل التعليم العالي السعودي متوائماً ومنسجماً مع هذه التطورات العالمية.

ويكتسب المرصد أهميته من طبيعة العصر الذي نعيشه, حيث ازدادت أهمية المعلومات والبيانات للمجتمعات البشرية يوماً بعد يوم، خاصة أن تلك المجتمعات تتجه أكثر فأكثر إلى أن تصبح مجتمعات معرفية تساهم المعلومات الدقيقة فيها مساهمة فاعلة في اتخاذ القرار المناسب، وتكون تلك المعلومات والبيانات فاعلة أكثر حين تكون ضمن إطار سياسات وخطط وبرامج عاجلة ومتوسطة وطويلة الأجل.

وقد قامت الوزارة بدراسة العديد من المراصد العالمية والإقليمية المتخصصة بالتعليم العالي, ومن أهم المراصد الفاعلة عالمياً (المرصد العالمي للتعليم بلا حدود) في بريطانيا الذي يركز على قطاع التعليم العالي عالمياً، ومرصد التعليم العالي في كينيا الذي أنشأه البنك الدولي، ومراصد التعليم العالي في كل من هولندا وبلجيكا وكندا. وعلى صعيد المنطقة العربية بدأت عدة دول عربية كالمغرب ولبنان والجزائر بتأسيس مراصد وطنية متخصصة للتعليم العالي.

ويعد المرصد أداة جوهرية للتخطيط ودعم اتخاذ القرار، حيث يمكن عن طريق المؤشرات التي ينتجها الوقوف على مدى التحسن أو التراجع في أحوال قطاع التعليم العالي بشكل دوري، والمقارنة سواء على مدى الزمن أو بين دولة وأخرى أو جامعة وأخرى.

ويمكن القول بأن المرصد هو جهاز وطني للخبرة والدراسة والمتابعة والتنبيه والتحليل الاستشرافي، لمنظومة التعليم العالي في المملكة العربية السعودية. ويعمل المرصد على تحويل المعلومات والإحصاءات والمسوحات الميدانية واستطلاعات الرأي إلى مجموعة مؤشرات مرتبطة بأهداف وخطط، تساعد صناع القرار والمسؤولين عن التعليم العالي في التخطيط ووضع السياسات ورسم الخطط التي تحقق الأهداف.

كما يعمل المرصد بمثابة (مؤشر القطاع) للتعليم العالي، يتابع عملية نمو قطاع التعليم العالي، ويراقب جميع قطاعاته والمستفيدين من خدماته، وينبه عند وجود خلل، ويدرس ويحلل ويقدم آلية لدعم اتخاذ القرار.





 


 
 

صفحة الجزيرة الرئيسية

الصفحة الرئيسية

رأي الجزيرة

صفحات العدد