Friday  08/10/2010 Issue 13889

الجمعة 29 شوال 1431  العدد  13889

ارسل ملاحظاتك حول موقعنا     نسخة تجريبية
   
     

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

أفاق اسلامية

 

العلم الشرعي دلالات وتقسيمات 1 /2
أ. د. عبدالله بن إبراهيم الطريقي *

رجوع

 

من الألفاظ والتراكيب الدارجة قديماً وحديثاً مصطلح «العلم الشرعي» حيث شاع استعماله من لدن كثير من العلماء والباحثين، وقد يستعمل بألفاظ أخرى مثل (العلوم الشرعية، علم الشرعية، التعليم الشرعي) وربما جيء بصفة (الديني، والدينية) مكان (الشرعي، والشريعة) فيقال: العلم الديني أو التعليم الديني ولكن استعماله معاصر، تبدو عليه مسحة (الفكر الكنسي) الذي يمايز بين شؤون الدين وشؤون الدنيا، مع تضييق الخناق على مساحة الدين على أننا نجد مصطلحاً مشابهاً استعمله علماؤنا وهو (علماء الدين) وعلى كلّ فلا مشاخة في الاصطلاح إذا لم يكن فيه ما يوهم، وللقارئ الكريم أن يتساءل هنا، ما المراد بالعلم الشرعي وهل له حدود واضحة؟ وما مضامينه ومحتوياته؟ وما علاقته بالعلوم الأخرى؟ ثم هل له وحدة موضوعية؟ وهل يمكن تصنيفه وتقسيمه؟

هذه الأسئلة وغيرها كثيراً ما ترد على ذهن المتلقي لهذا المصطلح (العلم الشرعي).. في هذه الأسطر، وبعجالة أيضاً، نحاول أن نجيب عن تلك التساؤلات، أو أكثرها.

* المراد بالعلم الشرعي:

العلم عند العرب هو المعرفة، ويعرفه أهل اللغة بالمقابلة مع هذه، فيقولون: العلم: ضد الجهل (لسان العرب12-417) أما المناطقة فيقولون: (العلم: إدراك الشيء بحقيقته) المفردات للأصفهاني ص 343، ويرى بعض العلماء أن لفظ (العلم) من الألفاظ الواضحة التي لا تحتاج إلى تعريف (ينظر: فتح الباري 1-141).

وأما لفظة (الشرعي) فهي منسوبة للشرع وهو في الأصل يطلق على نهج الطريق الواضح، واستعير ذلك للطريقة الإلهية المتمثلة بالوحي في أخباره وتشريعاته والشرع والشريعة بمعنى واحد، فقال أبو البقاء الكفوي (والشريعة اسم للأحكام الجزئية التي يتهذب بها المكلف معاشاً ومعاداً، سواء كانت منصوصة من الشارع، أو راجعة إليه) (الكليات ص 524) أقول: والمراد بالمكلف المشار إليه الجنس، فيشمل الفرد والمجتمع، وقصر مفهوم الشرع على الأحكام العملية - كما يرى الكفوي - إنما يكون باقتران هذا اللفظ بلفظ الملة.

أما الشريعة عند الإطلاق فإنها تشمل كل ما نزل به الوحي مما يتعلق بالعقائد والعبادات والمعاملات والأخلاق والآداب.

ويجوز أن يراد بالشريعة الأحكام العملية مما يسمى الآن (الفقه) كما هو ظاهر عبارة الكفوي.

وعلى هذا فالمراد بالعلم الشرعي: العلم الذي جاءت به الشريعة أو دلت عليه بأي طريق من الدلالات (عبارة النص، أو إشارته، أو دلالته، أو اقتضائه) مما هو معروف عند علماء الفقه وأصوله.

* ألفاظ ذات صلة:

هناك عدد من الألفاظ المستعملة منذ القدم ذات صلة بمصطلح (العلم الشرعي)، ومن أبرزها:

1- العلم الإلهي: وهو علم يبحث فيه عن الموجودات من حيث هي موجودات.. قال طاشكبري زاده في مفتاح السعادة 1-289) وغايته تحصيل الاعتقادات الحقة والتصورات المطابقة لتحصيل السعادة، فهو إذن من علوم العقائد، ولكن مباحثه فلسفية.

2- علم الشرائع، واستعمله طاشكبري زادة وذكر أن سبب التسمية، لأخذ الناس منها حظوظهم (مفتاح السعادة 2-3).

3- العلم النقلي وممن استعمله ابن خلدون في مقدمته وسمي بذلك لأنه يستند إلى المنقول بالسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء أكان من كلام الله تعالى وهو القرآن الكريم والحديث القدسي، أو من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الحديث النبوي، ويلحق به ما أقره عليه السلام، وقد أطلق هذا المصطلح في مقابلة العلم العقلي.

4- العلم السمعي: وهو المستند إلى السمع أي المسموع وهو المنقول ويأتي في مقابلة العلم العقلي أيضاً واستعمله الإمام ابن تيمية كثيراً.. (وينظر الكليات للكفوي ص 616).

5- علم الأديان، وهو غالباً ما يؤتي به في مقابل علم الأبدان (الطب) وممن استعمل هذا المصطلح ابن عبدالبر (جامع بيان العلم 2-39).

* مصطلح «العلم» عند الإطلاق:

العِلْم: اسم جنس، يدخل فيه جملة العلوم والمعارف والفنون المختلفة، ولا يتحدد إلا بالتقييد بالإضافة أو الصفة، فيقال: علم النحو، وعلم الفقه، وعلم الطب، أو يقال: العلم الشرعي، والعلم الطبيعي، وبالإضافة يتحدد التخصص، وبالصفة يتحدد المجال، هذا في الغالب.. فإذا أطلق لفظ (العلم) فإن السياق هو الذي يقيده ويبينه.

بيد أننا نجد (العلم) في النصوص الشرعية مطلقاً في أكثرها، كقوله تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ} (18) سورة آل عمران.

يقول الشوكاني: «المراد بأولي العلم هنا علماء الكتاب والسنة، وما يتوصل به إليه معرفتهما».

وكقوله تعالى: {وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا} (114) سورة طه، وحديث: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة) رواه مسلم برقم 2699 .

قال الشيخ ملا علي قاري ت 1014هـ قوله: علما نكرة ليشمل كل نوع من أنواع علوم الدين قليلة أو كثيرة إذا كان بنيته القربة والنفع والانتفاع» (مرقاة المفاتيح 1-270).

والنصوص الواردة هنا كثيرة، وما ورد فيها من ألفاظ (العلم والعلماء، والفقه، ونحوها)، فالمراد بها العلم الشرعي قال ابن حجر في فتح الباري 1-141) في أول كتاب العلم من صحيح الإمام البخاري «والمراد بالعلم، العلم الشرعي الذي يفيد معرفة ما يجب على المكلف من أمر دينه في عباداته ومعاملاته والعلم بالله وصفاته وما يجب له من القيام بأمره وتنزيهه عن النقائص.

وهكذا نرى أن (العلم) إذا أطلق في النصوص الشرعية وعند علماء الشريعة فإنه ينصرف إلى العلم الشرعي.

*جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

 

رجوع

حفظ  

 
 
 
للاتصال بنا خدمات الجزيرة الأرشيف جوال الجزيرة الإشتراكات الإعلانات مؤسسة الجزيرة