Wednesday  23/03/2011/2011 Issue 14055

الاربعاء 18 ربيع الثاني 1432  العدد  14055

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

ملحق اعلامي

      

منذ فَجْر التاريخ والمجتمعات البشرية تمر بمنعطفات مهمة تُغيِّر مجرى حياتها تغييراً جذرياً، إما سلباً أو إيجاباً، وقد عرفت تلك المجتمعات شتى أشكال الظلم والقهر والتعذيب والانفراد بالسلطة؛ الأمر الذي زرع الإيمان بالتغيير في نفوس أفرادها، وأن هذا التغيير لا يأتي إلا برفض الواقع المعاش والتمرد عليه ومحاولة إيجاد البديل المناسب له، أما بعد مجيء الإسلام فقد تغيرت المفاهيم والمعتقدات؛ حيث ضمن الإسلام للإنسان حقوقه وصان كرامته، إلى جانب نهيه عن كل ما من شأنه إثارة الفوضى والفزع بين الآمنين، أو سفك الدماء وهدر المال العام.

من المصطلحات الدخيلة على ثقافتنا الإسلامية والمتعارضة مع مبادئها مصطلح الثورة، وهي غير قابلة للتطبيق في مجتمعاتنا العربية والمسلمة بأي شكل من الأشكال؛ نظراً لاختلاف طبيعة وخصوصية هذه المجتمعات عن غيرها؛ فالثورة هي اندفاع عنيف نحو تغيير الأوضاع السياسية والاقتصادية تغييراً جذرياً في مكان ما، كما تعني تغييراً مفاجئاً وسريعاً وجذرياً في النظام الاجتماعي والأخلاقي بغض النظر عن الخسائر المادية والبشرية التي قد تحدث، وقد تخسر الثورة في مدة وجيزة ما استغرق سنين طويلة لإنجازه.

لا شك في أن الواقع السياسي والاقتصادي والاجتماعي يختلف من مكان لآخر، ومن دولة لأخرى؛ ففي خضم الأزمات التي تعصف بالمنطقة في الآونة الأخيرة ها هي مملكتنا الحبيبة التي تحكمها الشريعة الإسلامية تثبت من جديد رسوخها وثباتها كصخرة شماء في وجه الأزمات، بفضل من الله - عز وجل - أولاً ثم بفضل القيادة السياسية الرشيدة ممثلة بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود، ومن بعده ولاة الأمر، وها هو الشعب السعودي الأغر يثبت من جديد للعالم أجمع حبه لوطنه، وحرصه على لحمته ووحدة أراضيه، واستعداده للتضحية بالغالي والنفيس دفاعاً عن الوطن والمليك.

ليس بالضرورة أن تقوم الثورات بداعي التغيير والمطالبة بالحريات؛ فقد تكون مجرد تطبيق لأجندات خارجية، بعبارة أخرى قد تكون تلك الثورات نتيجة تحريض خارجي وتدخل سافر من جهات معادية هدفها زعزعة الأمن والاستقرار في بلد ما، وإثارة القلاقل والنعرات الطائفية بين أبنائه، وتأليب بعضهم على بعض، وهذا ما نهانا عنه ديننا الحنيف «كل المؤمن على المؤمن حرام، دمه وعرضه وماله»، وهذا ما يتنافى مع تقاليدنا العربية والإسلامية، فما يحكمنا هو شرع الله وسُنّة نبيه الأكرم، وكل ما خالف ذلك بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار. إن مجتمعاتنا العربية المسلمة باتت مستهدَفَة من قِبل عدو جديد، وهنا أشير إلى الطفرة التكنولوجية الهائلة التي يشهدها العالم، والتي تُعتبر سلاحاً من نوع جديد في يد أعداء أمتنا الإسلامية، يستهدفون من خلاله الأجيال الناشئة، ويحاولون التأثير سلباً في عقولهم ونفوسهم وعقيدتهم، وهنا يأتي دورنا في التصدي لهذا الغزو الثقافي الذي يحمل بين طياته أفكاراً غريبةً عن عاداتنا وأعرافنا؛ فقد كنا وما زلنا خير أمة أُخرجت للناس، وما قام به الإسلام من تحقيق المساواة وإحقاق الحق والعدل ليس وليد الفيس بوك أو غيره من مواقع ووسائل نشر الفتن والقلاقل.

في هذه الظروف العصيبة التي تمر بها المنطقة تبرز مسؤولية كل مواطن سعودي في الدفاع عن وطنه والذود عنه؛ فلا بد لشعبنا أن يتكاتف ويتعاضد ويقف صفاً واحداً، كلٌ في موقعه مع أبنائه وإخوانه وأفراد عشيرته لحماية وطننا الغالي من كيد الكائدين، والتصدي للأفكار الدخيلة والأجندات المعادية؛ لكي نكون خير خلف لخير سلف، ونحافظ على الإنجازات التي حققها المؤسس الراحل الملك عبدالعزيز آل سعود - طيب الله ثراه - ومن حوله فرسانه المخلصون الذين بذلوا الغالي والنفيس للحفاظ على هذا البلد ووحدة أراضيه، ونستلهم من بطولاتهم الدروس والعِبَر، ونقف جبناً إلى جنب درعاً حاميةً للوطن؛ لكي نرد لمملكتنا الحبيبة جزءاً من واجبها علينا «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى».

لقد حققت المملكة العربية السعودية قفزات هائلة في مختلف المجالات، وفي فترات وجيزة، وتبوأت مركزاً مرموقاً على الساحة العربية والإقليمية والعالمية، وأصبحت بفضل الله - عز وجل - ثم بفضل ولاة الأمر رقماً صعباً في المعادلة الدولية، إضافة إلى تحول المملكة إلى مقصد للمستثمرين ومحل إعجاب العالم، وهذا ليس وليد المصادفة، بل إنه نتاج سنين طويلة من العمل الجاد والمثمر، كما ينطبق الأمر نفسه على الصعيد الداخلي للمملكة؛ فقد بات المستوى المعيشي للمواطن السعودي من أعلى المستويات المعيشية ليس فقط عربياً وإقليمياً، بل على مستوى العالم، وهذا ليس غريباً على ملوك المملكة الذين كانوا وما زالوا رموزاً للكرم والسخاء، بدءاً من الملك المؤسس - طيب الله ثراه - ووصولاً لخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - الذي قام يوم الجمعة الموافق 18-3-2011م في لفتة كريمة من جلالته بإصدار عدد من الأوامر الملكية السامية التي من شأنها زيادة مواطنيه عزةً فوق عزتهم. وهنا أسرد بعضاً منها:

- صرف راتب شهرَيْن لجميع موظفي الدولة من مدنيين وعسكريين.

- صرف مكافأة شهرَيْن لجميع طلاب وطالبات التعليم العالي.

- إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد.

- اعتماد صرف مبلغ مالي قدره ألفا ريال للباحثين عن العمل في القطاعَيْن العام والخاص.

- اعتماد الحد الأدنى لرواتب الفئات العاملين كافة في الدولة من السعوديين بثلاثة آلاف ريال.

- 250 مليار ريال لإنشاء 500 ألف وحدة سكنية، إضافة إلى رفع الدعم من الصندوق العقاري إلى 500 ألف ريال.

- رفع الحد الأعلى لتمويل المستشفيات الخاصة في وزارة المالية من 50 مليون ريال إلى 200 مليون، إلى جانب اعتماد 16 مليار ريال لاستكمال مشاريع صحية.

- رفع الوظائف العسكرية المعتمدة في الميزانية الحالية إلى الرتبة التالية، ويُطبَّق ذلك على مستحقي الترقية، إضافة إلى استحداث 60 ألف وظيفة عسكرية.

- أمر ملكي وبشكل عاجل بتخصيص مبلغ 300 مليون ريال لدعم مكاتب الدعوة والإرشاد.

- 200 مليون ريال لدعم هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

- إنشاء فروع للإفتاء في كلّ منطقة وإعداد دراسة لإنشاء مجمع فقهي.

- 500 مليون ريال لترميم المساجد والجوامع و200 مليون لدعم جمعيّات تحفيظ القرآن.

إن كل ما سبق ذكره يُلقي على عاتقنا مسؤوليات جمة تحتم علينا الحفاظ على مكتسبات هذا الوطن الغالي، والاستمرار في المساهمة في تقدمه وازدهاره، وعليه فواجب كل فرد منا أن يكون شرطياً ورجل أمن وعنصر جيش، ويلعب دوره في حماية وطنه من خلال التعاون والتكاتف مع الأجهزة الأمنية كافة الساهرة على راحة الوطن والمواطن؛ فالفرد هو خلية الأسرة، والأسرة هي خلية المجتمع، وصلاح الفرد يعني صلاح الأسرة، وصلاح الأسرة يعني صلاح المجتمع؛ فلنكن حصناً منيعاً ويداً واحدة؛ فيد الله مع الجماعة، ولنتكاتف جميعاً لحماية هذا البلد المعطاء، وصون كرامته والدفاع عنه. والله الهادي إلى سواء السبيل.

 

وطن العز ومسؤولية المواطن
د. عناد العجرفي العتيبي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة