Wednesday  27/04/2011/2011 Issue 14090

الاربعاء 23 جمادى الأول 1432  العدد  14090

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

اركض، واستمر في الركض في زمن فرض القادرون فيه عراقيل تحول دون الوصول لغاية، حتى أصبح الركض لمجرد الركض هو الغاية.

مقدر علينا أن نركض، وأن يستمر ركضنا دون مؤشر لقرب نهايته في كل الاتجاهات، وأن تتقطع أنفاسنا دون الوصول لأهداف ظننا لسذاجتنا أنها مشروعة، غير أن الواقع قال لنا غير ما ظننا، بعد أن حالت عراقيله الجبال دوننا وغاياتنا حتى لم نعد لضعف إمكاناتنا نراها، وعندما تغيب الغايات تتساوى كل الاتجاهات فلا يعود لأي اتجاه تركض فيه معنى إن كانت النتيجة التي تعرفها مسبقاً لا تتغير.

صغاراً، ركضنا خلف أجوبة لأسئلة لم نجد من يجيبنا عليها، وتمحورت معظم قناعاتنا حول أمور لم نفهم أصلها ولم يسمح لنا أن نتعمق فيها، فتشكلت كثير من مفاهيمنا على أثر وهم أو خرافة أو معلومة مغلوطة وناقصة، فجاءت حركتنا باهته مترددة وغير مؤثرة لأننا أصلا لم نفهم ما سئلت عقولنا عنه.

وشباباً، ركضنا خلف وظيفة وقيمة قطعة أرض، كنا نحلم باستقرار وبيت جميل نبنيه لزوجة لم نكن نعرف أن الحصول عليها يتطلب هو الآخر ركض خاص به، وأبناء المستقبل تفاصيل حياتهم التي لم نعيها بعد تحتاج للمزيد من الركض دون توقف، حلمنا لجهلنا أننا يمكن أن نقتصد من قوتنا ومصروفنا ما يحقق لنا ما حلمنا به وركضنا لأجله، لكن الأمور كانت كالسراب كلما سرنا باتجاهها بعدت، وكلما بعدت ازداد نبض ركضنا تجاهها.. لكنا لا نصل.

وشيباً، ركضنا خلف حاجات أبنائنا، قالوا ثانوية عامة قد تمكن الابن من الحصول على وظيفة مقبولة، فاجتهدنا وأجهدنا، ليقال لنا إن الثانوية العامة لم تعد تنفع فالعالم والمتطلبات تغيرت ولابد من الشهادة الجامعية، وركضنا ثانية في كل الاتجاهات نتوسل هذا ونطلب ذاك حتى إذا التحق أبناؤنا في الجامعات وتخرجوا منها وأتوا إلينا فرحين بشهاداتهم الجامعية قيل لنا إن الوضع اختلف ولا يوجد أماكن لحملة الشهادة الجامعية، لنعاود الركض ثانية على أمل أن الشهادات العليا لا يمكن تجاهلها، لنكتشف أيضا أن الطابور الذي يقف أمامنا عاطلا ينتظر الفرج كلهم يحملون شهاداتهم العليا التي لم تشفع لهم، وأن من يتعين في الجامعات خصوصا الجامعة النسوية المعروفة لابد أن يكون له في الدار ابن عم وابن خال وكل أقربائه حتى يستثنى من الركض كغيره.

لا نزال وأبنائنا نركض، لا أعلم إلى أي شيء سنصل، لكن المرء بحسب ما تعود، حتى أننا مع الزمن بتنا نركض ونتلذذ الركض، لا نستطيع أن نستسيغ حياتنا دون أن تتقطع أنفاسنا من الركض، أما الغايات فهي مجرد أحلام في أذهان من ليس له في الدار ابن عم.. والله المستعان.

 

اركض
نادر سالم الكلباني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة