Thursday  09/06/2011/2011 Issue 14133

الخميس 07 رجب 1432  العدد  14133

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قال أبو عبدالرحمن: الشعار إن صدق مضمونه أو كذب يُراد منه تسييس الأمة وتوجيه سلوكها بمقتضى مضمونه، والشعار التضليلي يُختار له مفردات محبوبة بدافع غرائز الشهوات، وبدافع أنها بقيودها وشروطها محبوبة ممدوحة في الأديان والعقول؛ فيرفعونها مجرَّدة من قيودها.. وهي عند الظَّلامِيِّين في المأثور التاريخي القديم تأتي لتكوين فرقةٍ مذهبيَّةٍ طائفيَّة تغزو الأمَّة غزواً فكرياً مجرَّداً، أو فكرياً وعسكرياً كمذهب الخُرَّميَّة والباطنية في التاريخين الأموي والعباسي.. والشعار التضليلي في تاريخنا المعاصر منذ تحرَّرت البلاد العربية من الاستعمار المقيم المباشر كان تمهيداً لقيام ثوراتٍ تستولي على السلطة؛ لتفصل المسلم عن هُويَّته الإسلاميَّة التي ترسم سياسة الدولة في الخارج وبِنْيتَه في الداخل.. ثم أصبح الشعار التضليلي إكراهاً لكل الأمم من قبل الدول الكبرى المتنفِّذة؛ فأصبح الشعار حتميةً مشروعةً بمقتضى القانون الوضعي، ودخل بالإكراه في القانون الدولي، وباعثه منافع تحليلية نفعية للدول القويَّة عموماً، وبدوافع أيديولوجية لدى اليمين الغربي؛ فهذا هو باطن الشعار، وبريقه الظاهر ما أسلفته عن الميل الشهواني، والإسقاط للقيود المعيارية التي جعلت الشعار مطلباً ضرورياً.. والهمُّ الدَّعويُّ لدى العقلاء وذوي الغيرة على الأحكام المشتركة المسلَّم بها لدى المسلمين وأهل الكتاب: أن يكون الشعار الفعَّال في سلوك الأمم سلوكاً معيارياً؛ فالمساواة مثلاً شعار كريم معياري في الأديان والعقول، ولكنه ليس على إطلاقه في التضليل المعاصر.. ومعنى معياريَّتِه: أن المساواة مشروطة بانتفاء الفوارق بين الوقائع والأحكام، والأحكام مأخوذة من الأديان والعقول، وليست حتمية في الطبيعة؛ لأن منزِّل الشرائع وخالق العقول سبحانه وتعالى جعل للبشر قدرة على الطاعة والمعصية بالنسبة لأحكام الشرع، وجعل لهم حرية اختيار الأمرين؛ ولهذا فهم محاسبون عند ربهم على كسبهم بمقدار ما ملَّكهم الله من حرية الاختيار، والقدرة على تنفيذ ما اختاروه.. وأما الوقائع الطبيعية؛ فهي حتمية لا يملك البشر عصيانها، والله سبحانه وتعالى جعل ملكات العقول (إذا صدق المفكر مع نفسه، وكانت عنده تقوى فكرية شرعية) مدركةً ما عرفته من الكون على ما هو عليه بمقدار ما عندها من العلم كمَّاً وكيفاً، كما أن شرائع الله لتنظيم تعامل المكلَّفين مع مخلوقات الله فهماً وسلوكاً، ومعارف العقل إنماي التوافق الصحيح بين المخلوقات وبين ما هو مُدرَك منها في تصورات العقل وأحكامه؛ ولهذا لا يوجد في معقول الفكر ولا في خياله إلا ما هو مأخوذ من كون الله، وقولهم: (هذا موجود في الأذهان غير موجود في الأعيان) كلمة مغلطائية مجملة لا تصح أبداً؛ لأن ما هو غير موجود في الأعيان يقيناً هو المحال لا غير، والمحال غير مُتَصَوَّرٍ في الأذهان، ولا يمكن أن يوجد في الأذهان إلا ما هو موجود في الأعيان.. وثنائية (يوجد في الأذهان ولا يوجد في الأعيان) بهذا الإجمال اغترَّ بها كثير من العلماء، ومنهم الإمام الفحل أبو العباس ابن تيمية في ردوده على ضلالات أهل المنطق الأرسطي؛ فوقع رحمه الله في رده على الباطل بدعوى باطلة؛ ولهذا حكم بأن (الكُلِّيَّات) توجد في الأذهان لا في الأعيان، وأبطل قولهم: (كل نار محرقة)، وقال: إن ذلك مثلاً بالنسبة للنار التي عهدناها أمسِ، وليس من الشرط أن تكون كل نار محرقة في المستقبل.

قال أبو عبدالرحمن: لتبصير ذوي العلم بحقائق الفكر أُحلِّلُ المسألة إلى العناصر التالية:

العنصر الأول: محال أن يجد أي فرد في البشر في عقله تصوراً حقيقياً أو تخيُّلياً إلا ما هو واصلٌ إليه من الأعيان بالحس المباشر، ولا يمكن أن يوجد في الذهن حقيقة أو خيالاً إلا ما كان ذلك الذهن التقطه بالحس من الأعيان.

والعنصر الثاني: يتصور الذهن أسداً أنفه حديد حاد كالسكين، وذيله من سبيكة ذهب ذو ريش كريش النعام، وكفه من فضة مادةً على هيئة كف الآدمي شكلاً.. وهذا تصوُّرٌ خياليٌّ لا يقال: (إنه موجود في الأذهان ولا وجود له في الأعيان)؛ وإنما يقال: (هذا الأسد بالتركيب المذكور موجود في الأذهان غير معلوم الوجود في الأعيان - أي خارج خيال العقل -، ولا هو في الأعيان التي شهدناها أو علمنا بوجودها)؛ فهو عدم علم وليس علماً بالعدم، ولأن الجزم بالنفي دعوى إحاطةٍ العلم بما في الكون؛ وذلك قول بلا علم، وتحجير لقدرة الله سبحانه.. هذا من ناحية الهيئة التي ركَّبها الخيال، ولكن كل جزئية موجودة في الأعيان، ولولا إدراك العقلِ هذه الأجزاءَ من الأعيان لم يستطع الخيال ذلك التركيب؛ لأن تصورات العقل هي من الأعيان قطعاً، وتركيب الخيال هو من أجزاء الأعيان قطعاً؛ فقد أدرك العقل بالحس الحديد والسكين الحادة والذهب والفضة وريش النعام وصفة كفِّ الآدمي، ولولا ذلك ما استطاع ذلك التركيب.. حتى الغول والسعلاة والعنقاء والديناصور لا تُدرك بالخيال إلا على التشبيه بما هو في الأعيان مما يدل على البشاعة والرعب.. إلخ من هيئة مخلوقات محسوسة.

والعنصر الثالث: أن المعاني المجرَّدة من عموم أعيانٍ معروفة لا يصح أن يقال: (إنها غير موجودة في الأعيان)؛ وإنما يقال: (هي مجرَّدة من الأعيان المحسوسة وليس من الشرط أن يكون العقلُ محيطاً بكل الجزئيات)؛ فمعنى كلمة (بيت) مجردة من بيوت مشهودة متصوَّرة العلاقات والفوارق بتسميات لغوية للأجزاء والمواد والأشكال والوظائف؛ فهذا بيت العنكبوت، وهذا بيت الصائد، وهذا بيت سكن للبشر مربع أو مدور أو مستطيل.. إلخ، وهذا بيت من دور، وآخر من دورين، وهذا بيت منحوت في جبل، وآخر بناء ونحت في الجبل معاً، وهذا من طين، وهذا من حصى، وهذا من آجُرٍّ، وهذه غرفة وظيفتها للنوم، وأخرى لاستقبال الضيوف، وثالثة لطبخ الطعام.. والناس قديماً لا يعهدون بيوتاً على هيئة الفلل الآن بالمواد المعروفة بالبناء المسلَّح، ولكن الفرد يحيط بوظيفة البيت أنها دفء وكنٌّ وسكن.. وقد يوجد مليون بيت مختلفة الأشكال والألوان والمواد.. إلخ، ولكن مشاهدته ثلاثين بيتاً فقط ذات اختلاف ترشِّحه لفهم المعنى الكلِّي لما يُطلق عليه اسم بيت؛ فهو تصوُّر واقعي لما هو موجود في الأعيان وإن لم يكن حاصراً لكل أعيان البيوت؛ فإذا خرج عن المعنى المشترك لكل ما يسمى بيتاً من ناحية السكن والكنِّ والدفء والستر وإيواء الذرية والأهل فهو خارج أعيان ما هو بيت كالبرج الذي يتترَّس فيه الرماة للمراقبة أو الاقتناص؛ فهو موجود في الأعيان، ولكن اسمه ووظيفته غير اسم ووظيفة ما هو بيت.

والعنصر الرابع: أن التردد في الحكم بأن (كل نار محرقة) أغلوطة شنيعة؛ لأنها لا تكون في تسمية اللغة ناراً إلا لما هو متكرر المشاهدة، وهو الإحراق، ومعنى كل مسمى متحقِّق إذا وُجِدَ مُقتضيه وتخلف المانع منه.. ومعنى النار الكلِّي المجرَّد من الأعيان أن وقود النار خشب أو شجر أو سعف.. إلخ، وهي مجموع اللهب والدخان والحمرة الممتدة إلى الأفق، وهي محرقة لما يقبل الاحتراق؛ فشجر العرفج أسرع احتراقاً من السمر، والنار أيضاً محرقةٌ الحيوانات؛ فإن كان الموجود جمراً أو مَلَّة فهو بقايا نار وأثر من آثارها، وليس ناراً وإن احترقت به خرقةٌ أو ورقة، وقد يكوي الآدمي ولا يُحرقه.. وقد تكون النار العظيمة جداً تحرق الآدمي وتُحمي الحديد ولا تُذيبه إلا بزيادة كُلفة وآلية؛ إذن فالنار معنى مجرَّد من الأعيان محدَّد الهيئة لغة، ذات فوارق بحكم البواعث والمقتضيات من هيئات ما هو قابلٌ الاحتراق بسرعة أو بطء حسبما جرَّدته المشاهدة.. والنار التي أُوقدت في أشهر لإحراق إبراهيم الخليل عليه السلام قد سماها ربنا ناراً، ولكن المانع إرادةُ الخالق القدير القهار الذي غيَّر طبيعتها المعهودة؛ إذ قال سبحانه وتعالى: {قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ} [سورة الأنبياء69].

والعنصر الخامس: لو استثنى الإمام ابن تيمية رحمه الله تعالى بعضَ المُتعيِّن من عموم المشاهدة، ولم ينف بإجمال لكان لذلك وجهٌ كأن يقول: (ليست كل نارٍ تحرقُ الأحياءَ بمحرقةٍ الحديد)؛ فهذه النار تُحمي الحديد فقط، وبتضاعف النار وبطول أمدها فإنها تُحرق الحديد؛ فإذا برد الحديد فركته بيدك فَيَسَّاقط ذرَّاتٍ كما تفرك عود خشب محترق، وبتضاعف النار بآليات معيِّنة فإنها تذيب الحديد، ولكن تبقى كلية المشاهدة بوضعيَّتها باقية في كل نار مستقبلة بتلك الصفة تجاه حديد بتلك الصفة ما لم يوجد مانع؛ فالنار على كل حال ذات اسم لغوي لمعانٍ في المشاهدة منها: اللهب والدخان والإضاءة والانصهار والتدفئة والإنضاج، ومن آثارها الجمر والشرر والمَلَّة.

قال أبو عبدالرحمن: الأدب الواقعي روايةً وشعراً هو تركيب من جزئيات الأعيان، وليس رسماً فوتوغرافياً لواقعة معروفة بكل جزئياتها، ويسمو الأدب الواقعي كلما كان المضمون أقرب إلى الاحتمال، وذا وقائع مشابهة.. وإناؤه الفني الذهبي خيال جوَّاب يلتقط الوقائع؛ فيكون مثيراً مطرباً؛ لأن الأديب ذو تجربة عريضة، وقراءةٍ ومشاهدة واسعة واعية؛ إذن فمعارف العقل لا تصح إلا بالتوافق الصحيح بين ما عرفه المفكر بحسه من الكون الذي خلقه الله، والتوافق مع المراد الشرعي الذي هو تنزيل الخالق سبحانه؛ فالعقل لا يملك التسوية بين المخلوقات ذات الفوارق في الخلقة؛ وإنما الشرع وضرورات العقل تُجري التسوية فيما هو غير معتدٍّ به من الفوارق، وتُفَرِّق في الأحكام بين ما هو معتدٌّ به من الفوارق التي يُجري فيها ربنا سبحانه وتعالى أحكامه الشرعية، والله سبحانه وتعالى خلق الرجل والمرأة وسوَّى بينهما في قضائه الكوني والشرعي في أشياء، وفرق بينهما في أشياء؛ فحكم التسوية الحكمي تابع للتسوية الكونية في الواقع، والتفرقة الحكمية تابعة للتفرقة الكونية؛ فالمرأة كالرجل في القصاص؛ لأنهما نفسان معصومتان ذاتا حظ واحد في حب الوجود، وهما سواء في الحقوق؛ لأن الأمانات تُردُّ إلى أهلها بلا فارق مُعْتدٍّ به.. والله فرق بينهما في الخلفة بمنخفضات ومرتفعات، وارتفاع التكافؤ في الانفعالات والتحمُّل والوظائف مع عوائق تعتري أحد الجنسين في العام والعامين كالحمل والولادة والتوحُّم.. إلخ، وجعل الله للرجال بحكمه الشرعي حقَّ القوامة على النساء؛ ففرَّق بينهما الرب سبحانه في التكوين؛ وفرَّق بينهما في الأحكام؛ فأسقط عن المرأة قضاء بعض العبادات في مثل مانع معيَّن يعتريها، وجعل للرجل مثل حظ الأنثيين في الإرث، وجعل شهادة امرأتين تعدل شهادة رجل، ولم يصطف رسله عليهم الصلاة والسلام إلا من الرجال - والله أعلم حيث يجعل رسالته -، وجعل البِرَّ بالأم يفوق البِرَّ بالأب بضعفين مضافين إلى حظ الأب؛ فالرب المتفرد بالخلق والقضاء الكوني سبحانه إذا فرَّق في الأحكام الشرعية فذلك محض علمه وحكمته، والمفرق بينهما هو الخالق الأعلم والأحق والأحكم في التفرقة بينهما شرعاً، ومن ابتغى التسوية بين الجنسين فيما فرق فيه خالق الجنسين فتسويته لا معيار لها إلا الظلم والاعتداء، وهو محجوج بالعقل الذي يغالط باسمه بأفكار ليست منه في شيئ؛ فلا الفرد ولا الأُمَمُ تسوِّي في الأجور بين أمِّيٍّ عامي لم يتعب ولم يتغرَّب في تحصيل علم تمس إليه حاجة الأمة إذا كان يعمل مثلاً حارساً أو مراسلاً.. وبين طبيب حذق مهنته بتعلُّمٍ وغربة وإنفاق وعاد قُبيل الأشد لخدمة أمته؛ فطلب المساواة ههنا هُزْءٌ وسخرية؛ وإنما مساواة الأجور عند تساوي الكفاءات والخدمات ومدة الخدمة.. والمساواة بهذا المعيار مرادفة للعدالة.

قال أبو عبدالرحمن: سكان المعمورة اليوم ثلاثة أقسام لا رابع لها: أهل كتاب، ووثنيون، وجاحدون مطلقاً لا دين لهم - وهم الملحدون بالعرف المعاصر -.. ومن أهل الكتاب يهود يعلمون الحق ويكتمونه عناداً أو استكباراً كما في قوله سبحانه وتعالى: {أَفَغَيْرَ اللّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلاً وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِّن رَّبِّكَ بِالْحَقِّ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ} (سورة الأنعام 114)، وقوله سبحانه وتعالى: {وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ{89} بِئْسَمَا اشْتَرَوْاْ بِهِ أَنفُسَهُمْ أَن يَكْفُرُواْ بِمَا أنَزَلَ اللّهُ بَغْياً أَن يُنَزِّلُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ فَبَآؤُواْ بِغَضَبٍ عَلَى غَضَبٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ{90} وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ بِمَا أَنزَلَ اللّهُ قَالُواْ نُؤْمِنُ بِمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَيَكْفُرونَ بِمَا وَرَاءهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِّمَا مَعَهُمْ قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنبِيَاءَ اللّهِ مِن قَبْلُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (سورة البقرة 89 - 91)، وقال سبحانه وتعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ} (سورة المائدة 15 - 16).. وخيار يهود في هذا العناد دين وضعي عدواني، والقوة المهيمنة عسكرياً وعلماً مادياً مهيمناً بقدرة الله موجودة عند أهل الكتاب الآخرين، والقوة الروحية المهيمنة موجودة عند أهل الإسلام الدين الناسخ، والجهاد الدعوي الذي تسعد به البشرية مشترك بين أهل الكتاب المسيحيين إذا تحرَّروا من الهيمنة الصهيونية وبين المسلمين إذا صدقت نيتهم وتحرروا من كل وافد تضليلي، والجهاد الدعوي المثمر المشترك معلل عند أهل الكتاب المسيحيين بأن الله منحهم عقولاً حصيفة وذكاء خارقاً بسبب ما أثمر لهم العلمُ الحديث من معرفة بعض الحقائق الكونية التي كانت قبل ذلك غيباً، وفي دينهم قبل الاختراقالصهيوني أثارة في المعتقد والسلوك يشهد له ديننا الناسخ الأديانَ شريعةً، المصحح ما دخل العقيدة من وشب، وهو من افتراء أعدائهم يهود.. وهم المُحسَّدون على ما ملَّكهم الله إياه من قوة قاهرة، وعلمٍ مادِّيٍّ درَّب عقولهم على كشف حقائق كونية؛ فكانوا أقدر على اكتشاف الدين الصحيح الذي يشهد لصحته صريح العقول، ويعلمون بحذقهم في البحث ما طرأ مِن كيدٍ يهودي بالتوثيق التاريخي الذي يُظهر النُّسخ الخطية الصحيحة المنزِّهة (بصيغة اسم الفاعل) للرب جل جلاله ذات البيِّنات على كماله المطلق؛ فله الحمد مدحاً وشكراً وتقديساً.. وفيها البيِّنات على قدسيَّة أنبياء الله ورسله بالصفات التي اصطفاهم ربهم عليها؛ فعليهم صلوات الله وسلامه وبركاته.. وفيها البيِّنات على تعاقب الأنبياء والرسل عليهم السلام بشرائع وملة واحدة، ومن تلك النسخ النسخة البابلية ونسخة البحر الميت، وقد سرقتهما يهود وأخفتهما.. وَيُرشِّح أهل الكتاب أولئك لهذه المهمة ما شهد لهم به ديننا من مرحمة منذ بعثة عيسى بن مريم عليه السلام، وهم على علم بشدة عداوة يهود لهم قبل الاختراق الصهيوني، وشهد لهم عمرو بن العاص رضي الله عنهما بأنهم أبعد ما يكونون عن ظلم الملوك، وأنهم أسرع فيئة إلى الحق، وهم مع أهل الإسلام عنصران فعَّالان في صلاح العباد والبلاد.. ويُرشِّح المسلمين أن يكونوا القوة الروحية والقيم المعيارية الصادقة السيرةُ العملية للأخيار القائمين بالدين أيام عنفوان عزة أهله، وأنهم يدعون إلى القيم المعيارية بما يعرفه أهل الكتاب من بقايا الصحيح من دينهم بتأكيد من ربنا سبحانه وتعالى في قوله: {مَا يُقَالُ لَكَ إِلَّا مَا قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِن قَبْلِكَ إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقَابٍ أَلِيمٍ} (سورة فصلت 43]، وقال سبحانه وتعالى: {شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ{13} وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَبَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ{14} فَلِذَلِكَ فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَقُلْ آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ} (سورة الشورى 13-15).. والجانب الدعوي المشترك بين المسلمين والنصارى الذي تصلح به البلاد والعباد قائم بالله ثم بالقوَّتين العلمية والروحية التي تردُّ الأمور إلى المعايير الصحيحة، وهو قائم على ركيزتين آمن بهما المسلمون وهما في متناول النصارى ذوي المواهب العقلية، وهم الأحرى بالمرحمة؛ فالركيزة الأولى ضرورة الصدق المحوط بتحذير علام الغيوب سبحانه وتعالى في قوله جل جلاله: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِباً فَإِن يَشَأِ اللَّهُ يَخْتِمْ عَلَى قَلْبِكَ وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ وَيُحِقُّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} (سورة الشورى 24)؛ فالحق ظاهر بيِّن لذوي العقول إذا وُجِد صِدقُ التحرِّي، واستشعار رقابة علام ما في الصدور الذي يعلم ما في النفس من صدق أو عناد، ولاحظوا أن الواو في قوله تعالى: {وَيَمْحُ اللَّهُ الْبَاطِلَ} للاستئناف.. والركيزة الثانية الربط بين حكم الله الشرعي الذي يملك البشر معاندته بقضاء الله الكوني الذي لا يملكون تغيير حتميته، ولا يملكون دعوى فاعل غيره سبحانه وتعالى؛ وذلك قوله تعالى: {وَلَوْ شَاء اللَّهُ لَجَعَلَهُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِن يُدْخِلُ مَن يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُم مِّن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ{8} أَمِ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء فَاللَّهُ هُوَ الْوَلِيُّ وَهُوَ يُحْيِي المَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{9} وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ{10} فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ{11} لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشَاءُ وَيَقْدِرُ إِنَّهُ بِكُلِ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (سورة الشورى8 - 12)..

لقد دل السياق على أن الحكم الشرعي لله؛ لأنه الخالق الملك المهيمن؛ فالحكم لله وحده في المخلوقات التي هي خلقه وحده.. وأَحَقُّ بالجانب الدعوي في هذا المضمار المغرَّرُ بهم من أبناء ملتنا الذين تحمَّسوا لجملة جعلوها معيارية، ولا معيار لها إلا البطلان، وذلك تلقِّيهم تلقِّي الببغاوات مقولة: (الدين لله والوطن للجميع)؛ فما داموا مؤمنين بالله، وأن الدين لله فكيف أخرجوا الوطن الذي هو خلقه وملكه سبحانه بجملة خرقاء، وكيف أخرجوا الوطن عن حكمه الديني من غير تفتيش في أحكام الدين.. إن الله نزَّل الدين لعمارة الأرض براً وبحراً ووبراً ومدراً؛ فتكون له السيادة والهيمنة على الأوطان؛ فلما حصل من كثير من العباد عصيان الدين الذي هو تنزيل خالق الأوطان أصبحت الأوطان على قسمين: أوطان ملكها واغتصبها قوم على غير الدين الذي قضى الله أن يكون خاتمة الأديان؛ فلا يحق لمسلم أقام بينهم لضرورة أن يُكدِّر عليهم، ولا يملك إلا ما في قانونهم إن وُجِدَ من حرية القول والدعوة؛ وليس السبب في ذلك أن الوطن ليس لدين الله، بل السبب أن الله لم يكلِّفه إلا ما يقدر عليه في ظل دولة وقيادة.. وأوطان هي بلاد الإسلام والمسلمين تاريخياً وواقعياً بكونهم الأكثرية؛ فلا يجوز بحكم العدالة - وذلك هو مقتضى الديمقراطية الغربية (بالغين المعجمة)، ومقتضى القانون الدولي المسطَّر على الورق وإن اعتُدي عليه بالأهواء - أن يكون الوطن لله والدين لله الذي هو دين المواطنين تاريخياً وأكثرية، وحق المواطنة ثابت بدين الإسلام وبالقانون الدولي لأهل الأديان الأقليَّة المشتركين مع المسلمين في المواطنة؛ لأن أحكام الإسلام أبقتهم على دينهم بلا تكدير عليهم بشرط حق المواطنة بأن لا يصادموا حق المواطنين الأكثرية، وعلى الأكثرية حمايتهم وإعطاؤهم حقوقهم غير مبخوسة، وإعطاؤهم فرص العمل بما يقتضيه ما هو مجمع عليه دولياً في تعيين فرص عمل الأقلية، وأن العمل القيادي البحت للأكثرية.. وأما الوثني ومن لا دين له فواجب على أهل الكتاب من المسلمين والنصارى واليهود إن وُجِد منهم متحرر من نير الصهيونية جانبٌ دعويٌّ كبير مشترك في المنع من ممارسة الوثنية والتحلُّل من الدين.. أي الإباحية والإلحاد، وأهل الكتاب المتنفِّذون فتحوا اليوم الحوار بين أهل الأديان، واستجاب لذلك مُنْبَثَقُ الرسالة المحمدية المملكةُ العربية السعودية؛ وذلك هو بداية الجهاد الدعوي لأهل الوثنية والإلحاد، وهوباب خير فرضه ربنا سبحانه وتعالى بقوله: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ} (سورة آل عمران 64)، وعند أهل الكتاب المتنفِّذين من دقة التوثيق التاريخي، وقوة الفكر، والقدرة الإعلامية ما يحققون به العناصر الكريمة المشتركة، ثم الخطوة الثانية إلى البحث عن الدين الإلهي الذي لم يدخله وضع بشري، وذلك يشمل ما أُدخل على المسلمين من باطل لم يستطع طمس الحق المتميِّز المحفوظ: من حديث موضوع، أو خبر فيه وَهْم من الراوي، أو تأويل باطني لا يُقرُّه علم الدلالة للغة التي نزل بها الدين.. وحاشى لأهل الأديان الإلهية - حسبما يجب أن يكون لا حسب ما هو كائن - أن يكونوا ذوي قبول للإلحاد والإباحية، والأشنع أن يكونوا دعاة إليهما بالتسويق.. وضمانة الخطوة الثانية التي يهدي بها الله كثيراً من أهل الكتاب ثلاثة شواهد:

أولها: أن مفتاح الخير والحق (الإيمانُ باليوم الآخر)؛ فمن حمل الهموم لأعباء ذلك اليومِ رغباً ورهباً أدلج في تصحيح سلوكه ومرضاة ربه، والنصارى ذوو المرحمة يملكون الوعي بالبرهان على هذا اليوم؛ لأن اليوم الآخر من علم الغيب، وقد منحهم ربهم من المهارة والذكاء والعلم ما كشفوا به غيباً عظيماً باهراً في حسبانهم عن العظمة في خفايا الكون التي لا تكون إلا عن قدرة خالق لا شيئ أعظم ولا أكبر منه سبحانه وتعالى.. وهذا الكشف عن مغيَّب عظيم باهر ليس إلا ظواهرَ بسيطة مما هو قريب إلى كوكبنا الأرضي؛ لأنهم لم يتجاوزوا أقطار الأرض إلى حد أدنى السموات المسقوفة؛ فهم أدركوا ظواهر قليلة من كواكب مكشوفة، وما بين أدنى سماء مسقوفة وكوكبنا الأرضي أفلاك هائلة لم يعاينها الحس من العلم المادي، وكل ذلك أقل من خردلة في فلاة بالنسبة لأدنى سماء مسقوفة؛ فهذه العظمة التي يقر بها العلم المادي أنها لا تزال غيباً برهان علميٌّ على أن العقل العلمي لا يُحيل وقوع المغيَّب الذي هو اليوم الآخر، وما شهدوه من العظمة والقدرة موجب تصديق أخبار الدين الصحيحة.. وكون الإيمان باليوم الآخر مفتاح الخير وارد بنصوص شرعية صحيحة كقوله تعالى عن عناد يهود: {وَمَا قَدَرُواْ اللّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُواْ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى بَشَرٍ مِّن شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاء بِهِ مُوسَى نُوراً وَهُدًى لِّلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَرَاطِيسَ تُبْدُونَهَا وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُم مَّا لَمْ تَعْلَمُواْ أَنتُمْ وَلاَ آبَاؤُكُمْ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ{91} وَهَـذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلَى صَلاَتِهِمْ يُحَافِظُونَ} (سورة الأنعام 91 - 92)، وهاتان الآيتان الكريمتان عن عنادهم بجحدهم ومحاربتهم رسل الله إليهم، ويشمل ذلك كفرهم بما جاء به عيسى وأخوه محمد عليهما الصلاة والسلام.

وثانيها: أن من اهتدى إلى الحق في المسار التاريخي إلى هذه اللحظة أكثرهم وجمهورهم من النصارى.

وثالثها: أن الله شاهد لهم بذلك كما قال تعالى: {لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ قَالُوَاْ إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ{82} وَإِذَا سَمِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُواْ مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ{83} وَمَا لَنَا لاَ نُؤْمِنُ بِاللّهِ وَمَا جَاءنَا مِنَ الْحَقِّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبَّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ{84} فَأَثَابَهُمُ اللّهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ} (سورة المائدة 82 - 86)..

وإلى لقاء في الأسبوع القادم إن شاء الله، والله المستعان، وعليه الاتكال.

 

الشِّعارُ ضرورةٌ دَعَوِيَّةٌ إذا كان معيارياً
كتبه لكم: أبو عبد الرحمن ابن عقيل الظاهري
-عفا الله عنه-

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة