Saturday  30/07/2011/2011 Issue 14184

السبت 29 شعبان 1432  العدد  14184

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

المنثور والمقروض في ذم ثقافة المعروض
هشام محمد سعيد قربان

رجوع

 

إذا عرضت لك أمور مدلهمة وقررت زيارة مكتب رسمي في مهمة، تحتاج فيها إلى المثول بين يدي موظف مسؤول فلابد من نثر ومقروض تنقشه على صفحة ذلك المعروض. إن للمعروض ثقافة عريقة تعكس ديباجتها وألفاظها الرقيقة تلك العلاقة, التي نظنها وثيقة, بين المراجع والمسؤول ومقدم الطلب والناظر فيه، وتقتضي ثقافة المعروض الحذر وعدم الاستفزاز للمطلوب وإراقة الكثير من ماء الوجه والتملق بالثناء والتزلف بالدعاء, فلابد من قول أرجو وآمل مشفوعاً بتكرموا وتلطفوا واعطفوا وانظروا وامنحوا ودمتموا لنا فأنتم أهل الندى ولكم الدعاء بطول عمر ودوام عز واسلموا.. وأفضل المعروض ما يناوله الطالب للمطلوب من غير وسيط مرتش مماطل، وإذا حظيت بعد صبر باللقاء فجوابهم مقتضب قصير: يصير خيرٌ يصير, بالمشيئة أبدا معلقة لا محققةً، ويتلو ذلك الجواب رقم للمراجعة ويا لها من رحلة ماتعة، وللمراجعة فنها وأهلها ورجالها، فذا يفهرس في شهر صفحتين بعلمه وذاك يحول أبد الدهر على غيره وآخر ينسى المعروض لديه دهراً, وأعقلهم يحيله بحزم إلى الزراعة وإن كانت جهة الاختصاص هي الصناعة.

لابد للمعروض من واسطة موثوقة بالداخل تدفعه لأحسن المداخل, تعرف بها الشرح الثمين على الحالة وتحدد بها جهة الاختصاص والإحالة، ولا تظنن أن بداية الإحالة نهاية وفرجٌ للحالة، بل هي رحلة محالة تتابع المعروض فيها حالة بعد حالة, فذاك يفهم مغزاه وأخر يمشيه على هواه، وثالث يرجعه لنقص توهمه, ورابع يطلب الشرح والإيضاح، وخامس ينسخ الإفادة بعبارة مبتورة ممجوجة معتادة، وهذا ولابد للمراجع من عشرة الأقلام ليقيد بها عجائب الأرقام، فذا صادر وآخر وارد ولكل تاريخه وألف حرف زائد، طلاسم تورث الآهات والصداع ومراجعات تسبب الآلام والأوجاع.

يا ليت شعري ما هي النهاية؟.. أهي النجاح وبلوغ الغاية؟.. أم جمع أوراق وملفات خضر بلا نهاية؟.. أم تراها، لا قدر الله، حفظ لمعروض بلا شرح ولا سبب وذاك لعمري أعجب العجب؟.. يا إلهي ومولاي ومنقذي لم أخض كل يوم هذه الملحمة، وزور وبهتان تسمى حقوق الخلق عطاء ومنةً وهبة منهم ومكرمة، والله ما أخلصهم النصح من رام عزهم في ذلي، وفاقد الشيء لا يعطيه, الذل يا قومي في دنيا الكرام والأحرار تاريخ غابر وأمر عارض وعابر لكنه لدينا مع الأسف واقع عاثر وعلقم مره دائم اسمه المعروض.

hesham.gurban@hotmail.com
 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة