Sunday 13/11/2011/2011 Issue 14290

 14290 الأحد 17 ذو الحجة 1432 العدد

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لم يكن فقد ورحيل الأمير (سلطان بن عبد العزيز) رحمه الله حادثاً عادياً. كان الحادث بحجم الراحل الذي عرفه القاصي والداني طيلة نصف قرن.

كان الأمير سلطان رجل دولة من طراز فريد، وكان يتمثل مواقف إنسانية رائدة داخل بلاده وخارجها،

وقد تخطى بأفعاله ومواقفه محيطه المحلي والعربي إلى أبعد من ذلك بكثير، وعندما وافاه الأجل المحتوم؛ تعالت أصوات الموتورين، وظهرت تخرصات المخرصين، وبرز من يبشر بأزمة عائلية داخل البيت السعودي، وأزمة سياسية في المملكة العربية السعودية، إلى غير ذلك؛ مما يدخل في باب تمنيات أعداء هذه البلاد، ودسائس الكائدين لقيادتها وشعبها على حد سواء.

في هذا الوقت العصيب الذي مرت به البلاد، وهي تودع ولي العهد ونائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع الأمير (سلطان بن عبد العزيز) رحمه الله، تتسامى الأسرة السعودية الحاكمة، فتحسم بداية موضوع ولاية العهد في اجتماع هيئة البيعة، وصدور الأمر السامي بتعيين سمو الأمير (نايف بن عبد العزيز) ولياً للعهد ونائباً لرئيس مجلس الوزراء، إلى جانب عمله وزيراً للداخلية، وما هي إلا أيام قلائل؛ حتى يحسم خادم الحرمين الشريفين حفظه الله؛ أمر وزارة الدفاع بعد وزيرها الراحل، بتعيين سمو الأمير (سلمان بن عبد العزيز) وزيراً للدفاع، وسمو الأمير (خالد بن سلطان) نائباً له، إلى جانب تعيين سمو الأمير (سطام بن عبد العزيز) أميراً للرياض، وفصل هيئة الطيران المدني عن وزارة الدفاع، لتصبح هيئة مستقلة واعدة إن شاء الله، بما يحقق الآمال فيها.

هذه القرارات الملكية الحاسمة؛ كانت في وقتها المناسب، وجاءت هادئة ومتدرجة ومسكتة، بل كانت مفحمة لكل صاحب هوى، كان يظن أن البيت السعودي سوف يتصدع أو يتفكك، وأن المملكة معرضة ربما لخريف عربي، كما هو سائر اليوم في بلدان عربية كثيرة، حيث تعم الفوضى، وتستعر الفتن، وتسفك الدماء، وتنتهك الأعراض، وتستنسر البغاث.

تتجلى حكمة القيادة السعودية في مواقف شتى، محلية وعربية ودولية، وفي الوقت الذي تنشغل فيه المملكة مع قيادات عربية ودولية، بما يجري على خارطة الوطن العربي، من ثورات ونزاعات وقتل ودمار، تبقى المملكة قيادة وشعباً في قمة النضوج السياسي، الذي يضمن الاستقرار والأمن والأمان. ففي غضون أيام قلائل، تخرج البلاد من أحزان فقدها لرجلها الثاني، وتسارع إلى ترتيب هيكلها القيادي، فتحافظ بذلك على لياقتها السياسية المعهودة، وتمارس دورها ومسؤولياتها محلياً وعربياً ودولياً.

إن ملف الحج كان يمكن أن يكون وحده شغل المملكة الشاغل دون سواه، لضخامته وحساسية التعامل مع ثلاثة ملايين مسلم من كافة الأقطار، ولكن المملكة تنجح في هذه الظروف الصعبة وبكل اقتدار، في إدارة موسم الحج، وتنهض بمسؤولياتها العربية والدولية في وقت واحد، فالملف اليمني يعالج من الرياض، وملفات أخرى تسهم الرياض في تبريد اشتعالها، وإبعاد الخطر عن بلدانها.

إن ترحيب السعوديين بالقرارات الملكية الأخيرة وارتياحهم بما أفضت إليه، عائد إلى الحسم الذي أخرس المشككين في قدرة المملكة على تجاوز المواقف الصعبة، وكذلك وضع الرجال المناسبين في الأمكنة المناسبة، فالأمير (نايف بن عبد العزيز)، الذي ولد بالطائف عام 1934هـ، كان طيلة ستة عقود في صلب المسؤولية الأمنية للبلاد، فقد شغل منصب إمارة الرياض عدة سنوات، وشغل منصب نائب وزير الداخلية، ثم وزيراً للداخلية قرابة أربعة عقود، وكان وما زال مهندس تطوير إدارة الحج والعمرة، ثم نجح بشكل لافت في إدارة ملف التطرف والإرهاب، حتى أصبحت المملكة، ملهمة لكثير من دول العالم في هذه التجربة الفريدة التي حققت النجاح دون أضرار أو خسائر تذكر، ولو كان الحال الذي مرت به خلال العشر سنوات الفارطة في دولة أخرى، لرأينا- ربما- أنهاراً من الدماء تسيل في الشوارع والساحات.

والأمير (نايف بن عبد العزيز) رعاه الله، هو مهندس تكوين المؤسسة الأمنية السعودية بكافة قطاعاتها، ورجل بهذه العقلية التي تجنح إلى التغيير والتطوير والإصلاح، لا يمكن إلا أن يكون رجل إصلاح وتغيير وتطوير، وليس كما يقول دعاة التثبيط والتشكيك، فما أحدثه من تغيير وإصلاح وتطوير في إدارة الحج والعمرة، وفي المؤسسة الأمنية الشاملة، يشهد له بذلك، فالمحافظة التي يدندنون عليها، لا تعني الجمود والانكفاء على الذات، بقدر ما تعني الالتزام بالسلوك الأخلاقي في كافة المواقف.

نشكر خادم الحرمين الشريفين حفظه الله، على هذه القرارات الحاسمة والصائبة، ونتمنى لسمو الأمير نايف، وسمو الأمير سلمان، وسمو الأمير خالد بن سلطان، كل النجاح والتوفيق في مهامهم الجديدة.

وكل ربيع سعودي، والوطن والمواطن بخير، وفي أمن وأمان ورخاء إن شاء الله.

assahm@maktoob.com
 

ربيع (سعودي).. في خريف (عربي)..
حمّاد بن حامد السالمي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة