Tuesday  26/07/2011/2011 Issue 14180

الثلاثاء 25 شعبان 1432  العدد  14180

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الحب لا يدفن وإن مات محبوك
يوسف بن عبدالله العزاز

رجوع

 

الحب أقوى كلمة عرفتها البشرية على الرغم من أنها لا تحمل سوى الحرفين!

وبمتلازمة الحرف الأول والأخير.. إلا أن المحبين كلاهما يأخذ حرفا حتى لو صار الآخر في الجهة المقابلة من الأرض ما دام أن الممدود في اللغة يسمح وان أهل الحب يعلمون مدى البعد الذي لا ينقطع به ذلك الحب.. فيكفي أن الكلمة لا تكمل نطقا إلا عند الطرف الآخر! الحب يا سادة كالحرباء التي على كل أرض لها لون! إلا أن الحب إذا وقع حل في قلوب القوم.

الحب مقتلة ومهلكة عندما يكون سجاله بين العاشقين فيكون داء يقتل القلوب قبل أن يدميها ومع ذلك يظل العاشق أسير الهوى كالبيت الخاوي التي تخلخل أبوابه الريح وليس لأحد حظ منه سوى البوم!

إلا أن ذلك الحب سرعان ما يتحول إلى عزة ونشوة عندما يُجيّر لصالح الدين، وأسمى ما يكون الحب عندما يصرف كله من أجل رب العالمين.. (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (31) سورة آل عمران).

ذلك أن هذا الحب هو أسمى المراتب وأرفعها. ومن اجمل صور الحب، الحب في الله لا تحبه لشي إلا لدينه.. فهل ترى أصفى من حب لم يجمع المتحابين فيه حب الدنيا، إنما حب سمعوا عنه وآمنوا به ثم عملوا بمقتضاه.

مر رجل برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس مع بعض أصحابه فقال أحدهم يا رسول الله إني احب هذا الرجل ، فقال - صلى الله عليه وسلم - أأخبرته بذلك ؟ فقال لا، فقال - صلى الله عليه وسلم - الحق به فاخبره بأنك تحبه.

من أجل هذا يقول الشافعي:

أحب الصالحين ولست منهم

عسى أن تنالني منهم شفاعة

وأكره من تجارته المعاصي

ولو كنا سواء في البضاعة

الحب رحمة عندما يكون من الأم لصغيرها إلا أنه قد يبادلها الصغير نفس المشاعر لكن بعد أن يبيض رأس أمه ويكون هو رجلا غضا لكن لين القلب حتى يبادلها الحديث الذي يدخل السرور إلى قلبها..

أواه من ذلك الحديث الذي لا أمل سيرته لكن صدقوني أني لا أتحمله عندما يأتي عن أمي!

لم أكن أعرف مدى حبي لأمي حتى مرضت ذات مرة فلما اتصلت عليها قالت لي بنبرة لا أنساها ما حييت:

إني إذا سمعت صوتك شفيت!!

فتذكرت يوم زارتني هي بالمستشفى قبل أعوام وصدقوني أنها كانت من أسباب عافيتي فقط حين ألمحتني بنظراتها وكأني أتمثل قول الشاعر:

مرض الحبيب فعدته

فمرضت من حذري عليه

واتى الحبيب يعودني

فبرأت من نظري إليه

بقي أن تعرفوا شيئا من حبي لأمي، ذلك أني وضعت اسما لأمي في جوالي فسميته «باب الجنة» حتى إذا اتصلت علي أمي ظهرت شاشة جوالي بأجمل عبارة: « باب الجنة.. يتصل بك».

أرجوكم اعتنوا بأبواب جنانكم واحفظوا مفاتيحها داخل قلوبكم حتى تفتح لكم في ذلك اليوم.. حتى وإن قدر وسقط الباب يوما! يكفيك أنك تحتفظ بمفتاحه داخل قلبك حتى تكثر من الدعاء لصاحب ذلك الباب!

تخيل معي: هل هناك أروع من أن تفتح لك أمك باب الجنة!

الحب بيني وبين أمي أكبر من أن يكون محصورا بين حرفين..

أعجبني ذلك الذي يخاطب أمه بقوله: أمي قد تشعرين باني الوحيد لك في هذا العالم بينما هناك إنسان يشعر بأنك أنتِ العالم بأسره.

اعذروني فسأذهب لأقبل رأس أمي فأنا لن أستطيع أن أكمل لكم حديثي عن حبي لأمي ورائحة أمي ومكان جلوس أمي وحتى سجادة أمي...

نسيت أن أقول لكم إني ما كتبت هذه الكلمات إلا من حبي لكم.

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة