Friday  16/09/2011/2011 Issue 14232

الجمعة 18 شوال 1432  العدد  14232

  
   

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

عزيزتـي الجزيرة

 

الاختلاف في «الأحكام» لا يفسد للود قضية

رجوع

 

تعقيباً على ما ينشر في (الجزيرة) حول الأحكام الشرعية التي يصدرها بعض القضاة ومفتو الفضائيات ويختلف عليها الناس أحياناً أقول: إن الأحكام الشرعية أخذت من الكتاب والسنة ووضعت المذاهب لنسير على نهجها وهكذا تبلور العلم فيها وكل (قاضٍ) يصدر أحكاماً عليه أن يتفقه فيها وأن يدرسها ويحفظها عن ظهر قلب وقد نرى أهل الصلاح الذين يقومون بالإفتاء دائما يتشاورن فيما بينهم وبعد ظهور الفضائيات أصبح كل امرئ باستطاعته أن يسأل عن كل ما يخصه من الأحكام بسؤال أهل الدين وإن شك الشيخ في حكمه أو كان سؤالا يستوجب المشاورة بين أهل الدين الآخرين مثل مسائل الإرث والوصايا وغيرها من القضايا فيقول: الله أعلم وبذلك يبادر المتصل أو المستفسر عن سؤاله باللجوء إلى دار الإفتاء ولكن ما يفعله البعض من الإجابة السريعة وبثقة ولا نسمع كلمة «الله أعلم» بل دائما هناك جواب فهل هذا أمر إيجابي أو سلبي؟ هل كل الأحكام والاستفسارات سهلة الإجابة ولا تحتاج للمشاورة أو وقتا للتفكير؟ هل يتضاهى بعض المشايخ على البعض الآخر بعلمه أم هي الثقة في المرجعية؟ (فقد أفتى من قال الله أعلم) هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن هذه الكلمة في البرامج كادت تنعدم ولا يقولها إلا القليل من أهل العلم فهل يعتبر أهل الدين هذه الكلمة تنقص من شأنهم أو تدل على جهلهم؟ فهذه الكلمة ترفع الشأن وتدل على اكتمال العلم وحرص المفتي على الوصول إلى إجابة السائل ودلالة على أنه يخاف الله ويعلم أنه عنه مسؤول. وليست كلمة الله أعلم هي فقط من بدأت في الخفاء بل أيضا مراجعة الحكم والعدول عنه إن كان غير صحيح لا تحدث إلا ما ندر فهل الرجوع عن الحكم الذي أصدره نقيصة أو عيباً؟ لا والله ليست عيبا أو نقيصة بل دلالة على رجحان العقل وإقامة العدل فعمر رضي الله عنه مع عظم شأنه ورجاحة عقله وإقامة عدله وفضله وتمسكه بكتاب الله وسنة نبيه عدل مرة في حكمه عندما قام خطيبا (أيها الناس لا تغالوا بصداق النساء فلو كانت مكرمة في الدنيا أو تقوى عند الله لكان أولاكم بها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصدق امرأة من نسائه أكثر من اثنتي عشرة أوقية) فقامت إليه امرأة فقالت له: يا أمير المؤمنين لم تمنعنا حقا جعله الله لنا؟ والله يقول {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَاراً} فقال عمر: كل أحد أعلم من عمر ثم قال: لأصحابه تسمعونني أقول مثل هذا القول فلا تنكرونه علي حتى ترد علي امرأة ليست من أعلمالنساء؟

فمن من العلماء يراجع نفسه إن علم أنه أخطأ أو يعلن عن جهله في أمر أمام الملأ من منهم أيد الآخر فالكل يظن أن رأيه الرأي السديد وأنه منزه عن الخطأ والخطأ منه بعيد وغفل أن كل بني آدم خطاء فلا يسلم من الخطأ أحد حتى العلماء.

فهيهات هيهات من كثرة الأحكام واختلاف المذاهب والكل يدافع عن رأيه الذي يراه صائب والأذهان تضطرب فرفقا بنا، فلم الخلاف على الأحكام يفسد من الود قضية ومن أجل اختلاف الحكم يكفر البعض الآخر ويتهمه بالكفر وتحدث الخلافات بين المجتمعات والدول كل على حسب مذهبه فلم لا تكون الأحكام موحدة من دار إفتاء عالمية واحدة تستمد منها حل المسألة ويستشار فيه للرد على السؤال وإعطاء الأجوبة ولماذا لا نسمع كلمة الله أعلم لماذا الكل يصرح بالحكم دون أن يفكر أو يتردد أو يتمتم أهي الثقة بالحكم أم التباهي بالعلم أم الغفلة عن عظم الإثم؟

وهناك من يحكم وهو غير مؤهل لإصدار الحكم وليس بعالم أو مفتي فقبل أن تحكم اعلم أنك مسؤول عن نفسك وعن كل من وجهتهم للطريق فإن خيراً فلتنعم وإن كان طريقاً معتما فيتولاك الله لأنك ستندم.

إيناس سمير الصعيدي

 

رجوع

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة