Thursday  20/10/2011/2011 Issue 14266

الخميس 22 ذو القعدة 1432  العدد  14266

  
   

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

تبدو لفظة «الحب» شبه مستنكرة في مجتمعنا، وغير محبذ تداولها لأنها قد تشير إلى فساد أخلاقي أو انحلال كما يعتقد البعض تبعاً للفكر المجتمعي السائد، لذا حتى عندما يرتبط الشاب بفتاة بعقد زواج رسمي فإنهما وأهاليهما لا يمكن أن يعلنوا أن هذا الزواج أتى نتيجة علاقة حب شريفة، لأن هناك نظرة ستوصمهم طوال حياتهم بالانحدار.

بعيداً عن هذا، وعن هذه الحكايات غير المرغوب تداولها، فإن الموضوع الذي أريد أن أذكركم به وكذلك أذكر نفسي به كأم، هو علاقة الحب المتبادلة بين الوالدين والأبناء، وتحديداً بين الأم والأب وابنتهم، وما ذكرته في مقدمة مقالي هذا هو عبارة عن مدخل إلى ثقافة الحب التي لا تنقصنا «إنسانياً» لأنها مغروسة فطرياً في مشاعر كل البشر، إلا أن ما ينقصنا - حقيقة - هو التعبير والبوح بهذا الحب. للفتاة تحديداً ولا أستثني الشاب من حاجته إلى هذه المشاعر، إلا أن طبيعة المجتمع التي خلقت صورة ذهنية لمشاعر الشاب تختلف عن مشاعر الفتاة تجعل الحاجة إلى التركيز أكثر على الجزء «المظلوم» أكثر في هذا المجتمع وأقصد الجزء الأنثوي. ولو فتشنا قليلاً داخل مشاعرنا لوجدنا فيها الكثير من التأجج الذي نحاول إخماده بحجة أن منح الحب هو «تدليل» يؤدي إلى فساد الأخلاق، وأقر بأن التدليل الزائد يؤدي إلى كثير من الفساد لكن هناك فرقا بين التدليل والبوح بمشاعر الحب التي تحتاجها الفتاة، وإن كانت الفتاة بشكل عام تحتاج إلى أضعاف مشاعر حب والديها، فإن الفتاة السعودية تحتاج أضعاف الأضعاف عن أي فتاة من أي مجتمع آخر، فهي تعيش داخل منظومة «تسلطية» إن كان هذا في المدرسة أو الجامعة وأحياناً أخرى في العمل، والكارثة حينما تعود إلى البيت لتدخل إلى كهف مغطى بالتصحر العاطفي، لا أشكك في مشاعر الوالدين إلا أن إظهار هذه المشاعر قد يعتبره البعض مؤديا إلى التقليل من شأن الوالدين، وخصوصاً الأب الذي يبتعد عن فتاته منذ أن تبدأ عليها علامات الأنوثة لأن التركيبة الفكرية المجتمعية خلقت بداخله هذه الصورة التي من الصعب على كثير من الآباء تجاوزها، كذلك ضخ بعض الأفكارالسلبية جعلت الآباء في ابتعاد أكثر، كمن يقول على الفتاة أن لا تلبس القصير أو العاري أمام والدها، وفي هذا إجحاف بحق أعظم مشاعر أبوية إنسانية وتأطيرها داخل الفكر الشاذ الذي لا ينظر إلى مشاعر الإنسان أبعد من النظرة الجنسية المقززة!

أيضا الألفاظ اللطيفة والتي فيها تعبير عن المشاعر تكاد تكون مفقودة داخل كهوف التصحر العاطفي، فهل من المتداول بعد عودة الفتاة أو أخيها من المدرسة أن تُفصح الأم باشتياقها لهم، مع أن مشاعر الاشتياق موجودة إلا أن المشاعر الجافة التي تربينا عليها وورثناها جيلا بعد جيل تمنعنا في أحيان كثيرة من أن نعلن مشاعرنا، ونعوض هذا من خلال الاهتمام بنواحٍ أخرى.

«أحبك»، «اشتقت لك» وغيرها من الكلمات التي من المفترض ألا تفتقدها بيوتنا، كفيلة بأن تخلق في داخلنا وفي نفوس فتياتنا حياة مختلفة، وهي بلا شك حصن لهم من البحث عن هذه الاحتياجات خارج المنزل، وإن بحثوا فقد خرجوا من داخلنا بلا عودة. فأحضان الحب سد منيع في حضورنا وغيابنا.

www.salmogren.net
 

مطر الكلمات
فتياتنا في أحضان الحب
سمر المقرن

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

طباعةحفظ 

 
 
 
للاتصال بناجريدتيالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة