ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 09/07/2012 Issue 14529 14529 الأثنين 19 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

منذ أن أسست هذه الدَّولة على يدي الإمام محمد بن سعود -رحمه الله- قبل ما يزيد على ثلاثة قرون والعلاقة بين العلماء والقيادة السياسية علاقة حميمية غير منفكة يكمل بعضهما البعض الآخر في تشاور مستمر، وذلك لأنّ قيادة هذه البلاد أئمة وملوك وأمراء يدينون بالإسلام عقيدة راسخة لا عقيدة مصلحة أو وصول سياسي سريعًا ما يتبدَّل أو يتغيَّر.

الدَّولة الأولى التي قامت على يدي الإمام محمد بن سعود كان سندها القوي الإمام المجدد محمد بن عبد الوهاب -رحمهما الله- وقد انطلقت معلنة الجهاد ضد الشرك الذي كان منتشرًا في أنحاء مختلفة من الجزيرة العربية، ولاقت هذه الدعوة نجاحًا وقبولاً كبيرًا وأيدها غالبية القبائل والأسر.

وجاءت الدَّولة السعودية الثانية وسارت على نفس الخط في الدعوة إلى الله ونبذ البدع والخرافات وكان الأئمة من آل سعود أئمة سياسة كما هم أئمة دين وصلاح.

وكانت الدَّولة السعودية الثالثة على يدي الملك الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن مثالاً في الوحدة السياسية والاجتماعية والدينيّة فوحد الله على يديه القلوب قبل الأرض، فعمَّ الرخاء وساد الأمن وعزَّ الله الدين على يديه. كل ما حصل لم يأت هكذا دون عمل صالح قاده رجل السياسة الأول الذي كان رجل دين في الوقت نفسه استعان بعد الله بالعلماء الربانيين الذين كانوا خير معين وناصر لقائدهم في أمور دينه ودنياه، كان كثيرًا ما يشاورهم وكثيرًا ما يسمع منهم، وهم في الوقت نفسه كثيرًا ما يسمعون منه وينصتون لرأيه.

يحدث هذا بين القائد والعلماء سرًا في منزله أو ديوانه وقد يعدل عن قرار ما دون أن يعلم الناس بأن السبب رأي العلماء الذين أبانوا له مخالفته للشريعة الإسلامية وهو الحريص كل الحرص على أن تكون كل أعماله متوافقة مع نصوص الشرع المطهر.

رحل مؤسس الدَّولة الحديثة عبد العزيز بن عبد الرحمن وجاء من بعده الملك سعود الذي كان أشبه ما يكون بوالده صلاحًا وحنكة ورأفة بالشعب، ومن ثمَّ فيصل وخالد وفهد واليوم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله، كل هؤلاء الملوك أحرص ما يكونون في علاقتهم مع العلماء سماعًا واستشارة في كلِّ ما يحقِّق للوطن والمواطن المزيد من الأمن والرخاء.

يقول الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود خلال حديثه عن علاقة القيادة بالعلماء: (كانوا لا يتحدَّثون بكلمة واحدة عن ولاة الأمر وعندما يسألون عن أي أمر يقولون سوف نرى ذلك ثمَّ يذهبون للتشاور مع ولي الأمر، وكانوا لا يفشون سرًا أو يقدحون بالدَّولة وإنما كانوا يثنون على الدَّولة) ويضف سموه: (عندما نرى الأعلام من المشائخ الشيخ محمد بن عثيمين والشيخ ابن باز - رحمهما الله- والمشائخ أعضاء هيئة كبار العلماء لا نرى منهم أي نقد أو استياء أو قدح للدولة أو إشهار بشيء من ذلك، هذا ما رأيناه من السلف من العلماء من الولاء للدولة والإخلاص والمحبة والنصيحة بالسر).

كلام سمو الأمير الدكتور فيصل عن أهمية أن تكون النصيحة وتقديم المشورة لولي الأمر في السر مبدأ إسلامي أصيل كان له أثره الكبير في العلاقة بين الحاكم والمحكوم الذي ينعكس إيجابًا على استقرار المجتمع وسلامته في أمور دينه ودنياه.

إن علماء الأمة مطالبون بأن تكون علاقتهم مع ولاة الأمر علاقة منسجمة مرسومة الأهداف تخدم الهدف الأسمى وهو حماية الدين والوطن من كيد الكائدين وتربص المتربصين، ولا يجرهم الإعلام إلى الخوض في (عرض) دولتهم بأي شكل من الأشكال التي ظاهرها الإصلاح وباطنها الإفساد والإرجاف، كثيرًا ما نسمع من بعض طلاب العلم الحديث عن بعض الإشكالات التي تقع في أي زمان وأي مكان ولا ندّعي عصمة لدولتنا، وهم كذلك لا يدعون العصمة أو الكمال، لكن تأليب الناس الذين بينهم الجاهل والصغير والمغرض والعميل يُعدُّ من أكبر الأخطاء التي يقع فيها من لكلمته مكانتها بين الناس ولرأيه أثره في توجيه الرأي العام.

إن المجتمع بكافة طبقاته لا ينشد إلا الاستقرار والرخاء ولن يكون هذا ممكنًا إلا بوحدة الصف واجتماع الكلمة التي هي ما نعيشه اليوم ولكننا نطمح في ترسيخها في أجيالنا ولن يقدر على ذلك إلا العلماء الربانيون بعلاقاتهم الحميمية مع ولاة الأمر، علاقة مباشرة لا علاقة مواقع التواصل الاجتماعي والقنوات الفضائية التي تفسد أكثر مما تصلح.

قضية القدوة من أهم القضايا التي يجب على العلماء الاهتمام بها كونها الموجِّه الأقوى للجيل، وكثيرًا ما سمعنا من صغار طلاب العلم قولهم هذا ما كان يفعله فلان من كبار العلماء مما يدل على أن القدوة من أخطر الأمور وأكثرها أثرًا، فعلى علمائنا (وليس مثلي من يوجه ولكنها المشاركة) أقول عليهم أن يصنعوا جيل المستقبل من العلماء بالقدوة الحسنة التي تربطهم بولاة الأمر كي يسود مجتمعنا الأمن والأمان تحت مظلة عقيدة التوحيد. والله المستعان..

almajd858@hotmail.com
تويتر: @almajed118
 

حديث المحبة
القيادة والعلماء...علاقة تدين
إبراهيم بن سعد الماجد

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة