ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Tuesday 10/07/2012 Issue 14530 14530 الثلاثاء 20 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

كان لتدني أسعار النفط في النصف الثاني من ثمانينات القرن الماضي انعكاسات أملت ضبط الموازنة العامة وتقليص المصروفات مما انعكس على مسار الوظائف والتوظيف. وكان من بين ما اتخذ من إجراءات وقف استحداث وظائف حكومية جديدة، والتوجيه للقطاع الخاص بالقيام بواجباته،

وقد انطلقت منذ ذلك التاريخ سياسة توطين الوظائف في القطاع الخاص بما عرف بالسعودة، إلا أن القطاع الخاص فيما يبدو لم يستجب بالشكل المتوقع، مما راكم في أعداد الباحثين والباحثات عن العمل، حتى ظهر اليوم برنامج نطاقات وحافز وغيرها من البرامج التي تستهدف معالجة ما أحدثه ذاك الضيق الذي أعلن فيه خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز عندما كان وليا للعهد سياسة “ شد الحزام “ وقد أكد سلامة هذه السياسة ما نراه ونعيشه اليوم من وضع اقتصادي مريح في حين تمر بعض الدول اليوم بأزمات اقتصادية طاحنة، وشاهد القول، إنه إذا كان القطاع الخاص قد أخفق في تحقيق المستوى المنشود منه في امتصاص ولو جزء معقول من أعداد الباحثين عن العمل في ذلك الوقت مما راكم الأعداد وأنتج ظاهرة البطالة اليوم، فإن ديوان الخدمة المدنية أو وزارة الخدمة المدنية فيما بعد تتحمل أيضا نصيبا من هذا الإخفاق، فقد كان لشح الوظائف المتوفرة آنذاك مسالك عبر من خلالها بعض الباحثين والباحثات عن العمل للحصول على وظائف تحت بنود مؤقتة أو أجور عمالية وأحيانا وظائف رسمية بمراتب أقل بكثير مما يحملونه من مؤهلات علمية وعملية، وبعد أن انفرجت الضائقة الاقتصادية المؤقتة، التفت هؤلاء إلى المناشدة بتعديل وظائفهم ومراتبهم، وقد استجابت فعلا حكومة خادم الحرمين الشريفين لذلك وظهرت التوجيهات المتتالية بتصحيح هذه الأوضاع الخاطئة مبتدئة ذلك بما عرف بالبند 105 وهكذا حتى وصلنا مرحلة تعديل وظائف ومراتب من تعين على أقل من المستحق.

وتواجه وزارة الخدمة المدنية اليوم معضلة تقاطع الزمن المتحرك وغير الثابت مع النظم المقننة والثابتة، فمن تعين قبل عشر أو عشرين عاماً على وظيفة في مرتبة معينة أصبح اليوم يتقاضى راتباً أعلى من راتب الوظيفة أو المرتبة التي يستحقها حسب ما يملك من مؤهلات، فإن تم التعديل دون النظر في ذلك فقد ينتج عنه نقص في المرتب الشهري وتقدم في المرتبة، وإن أبقي على وضعه فقد يشتكي من تعيين المستجدين على مراتب أعلى من مرتبته رغم أنه يرأسهم، وقد ذكرت لي بعض الموظفات في إحدى الجهات الحكومية إحساسهم وشعورهم بالغبن، وأرسلن لي صورا من مناشداتهن لبعض الجهات يطالبن بدراسة وضعهن، غير أن متواصلاً آخر ذكر لي أنه استقال وهو في المرتبة الثامنة ثم عاد للعمل في المرتبة السادسة وعبثا حاول على الأقل ترقيته في الدرجة ليحصل على نفس مرتبه السابق إلا أن وزارة الخدمة المدنية خيرته بين البقاء كما هو أو رفعه إلى المرتبة الثامنة ولكن على الدرجة الأولى وهو ما يعني أن مرتبه الشهري سيقل بأكثر من ألف ومائتي ريال، ويقول الأستاذ محمد إنه تقاعد الآن بعد أن وصل إلى المرتبة الثانية عشرة، وإن تواصله ليس إلا لبث الشجن وتأييد ما جاء في مقالي الذي نشر الشهر الماضي بعنوان (وزارة الخدمة المدنية والخلطة السحرية) وهذا ليس كل شيء، فقد بث آخر شكواه من عدم احتساب وزارة الخدمة المدنية لشهاداته الأكاديمية وخبراته الطويلة في القطاع الخاص حين تم تعديل مرتبته بحجة أن مسمى الوظيفة التي يشغلها الآن لا علاقة لها بما يحمله من مؤهلات علمية وعملية وحين احتج بأنهم - أي الوزارة - احتسبوا شهادته الثانوية التي لا علاقة لها أيضا بمسمى الوظيفة التي يشغلها الآن قالوا: هذا هو النظام.

هذه القضايا الصامتة في اعتقادي تحتاج إلى مراجعة عميقة من وزارة الخدمة المدنية، فهناك على ما يبدو خلل خفي في صحة هذه المعادلة، فإن استهنا بالخدمة الطويلة والتضحية بالمستحق مقابل الهروب من البطالة فإننا نظلم من حيث لا ندري، وإن اعتمدنا فقط على النظام الأصم فإننا نظلم النظام بعجزنا نحن عن الارتقاء برؤيتنا في التطبيق بكل ما يتوجب علينا ملامسته واعتباره، وإذا درأنا عجزنا بالمبررات والتسويف فإن هذا سيراكم أعداد المتظلمين ويصعب بالتالي الحلول في المستقبل، وإن كنا مررنا بمرحلة تقلصت فيها الخيارات أواسط الثمانينات من القرن الماضي فإننا اليوم ننعم بفرص واسعة للتصحيح، وليس ذلك وحسب بل وللاستفادة من الأخطاء السابقة والتي اضطررنا للقفز عليها لضيق مساحات الاختيارات وآن اليوم أوان بحثها بعمق ورسم طرق معالجتها وضمان عدم تكرارها، من خلال الإسراع بالاستفادة من واقع اليوم لمواجهة غد قد يكون مختلفا، وليس من الصواب أو الحكمة التعالي على الحقيقة في الاتجاه للمستقبل باطمئنان بواقع يحمل بين طياته قضايا لا زالت تعيش منذ عشرات السنين، خاصة وأن توجيهات مقام خادم الحرمين الشريفين جاءت لتنهي ما تراكم من أخطاء فلماذا نعالجها بأخطاء جديدة؟!

Hassan-Alyemni@hotmail.com
Twitter: @HassanAlyemni
 

وزارة الخدمة المدنية والخطأ المزدوج
حسن اليمني

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة