ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 11/07/2012 Issue 14531 14531 الاربعاء 21 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

لو كانت الفكرة إنساناً لاحتويتها واحتضنتها حين أصادفها في الطريق في أي وقت أو زمن تفاجئني فيه إطلالتها، سأشدّها من يدها وأناشدها أن تأتي معي إلى غرفة ما ليس فيها سوى أنفاسي وضياء حضورها، سأحدثها حديثاً صامتاً لا ينتهي وسأصغي لها كثيراً، سأقول لها إن اسمي لم يسجل يوماً ضمن اللصوص أو قاطعي الطريق، ولا مفرقي الجماعات وهادمي اللذات، هي وحدها لذتي الروحية التي أستمتع فيها معها وبرفقتها، عليها أن تفتح أبوابها كما شاءت وأن تطلعني على ملفاتها كيف شاءت فليس ثمة ما تخشاه، سأقول لها بأنني صديقة ولست عدوة فلماذا تناهضني العداء أحياناً ولماذا تود مجافاتي أو مخالفة الطريق الذي أسير فيه؟ سأقول لها بأنه لا غنى لي عنها في كل الأوقات وأني مهما استكنت وأرهقتني تفاصيل الأيام والأحداث فلن أزهد فيها..

أتخيلها امرأة جميلة برداء حريري أبيض (تحديد الجنس هنا مراعاة للدين والمجتمع وأشياء أخرى) ترتدي كعباً عالياً، يشع وجهها بنظرة طاغية حانية، عذبة آسرة، مقبلة متمنعة، واثقة إلى درجة الغرور، في الوقت ذاته قريبة، مستكينة متواضعة، حتى أخالها بين يدي، لكن هيهات، وهذا سر من أسرار أناقتها، هي أشبه بالأم تيريزا حيناً وأشبه بساحرة أسطورية حيناً آخر، مرة تشابه ديانا، أميرة ويلز الراحلة ومرة تشبه العربية هند التي ورد اسمها في الأبيات الشهيرة لعمر بن أبي ربيعة:

ليت هنداً أنجزتنا ما تعد

وشفت أنفسنا مما تجد..

واستبدّت مرة واحدة

إنما العاجز من لا يستبد

مرةً شبيهة بزرقاء اليمامة بكل ما تحمله حكايتها من واقعية وخيال حول حكمتها وقدرتها على التنبؤ والرؤية الثاقبة علاوة على قوة النظر حيث كانت ترى القادم إلى قومها قبل قدومه بثلاثة أيام مشياً على الأقدام، حتى جاء ذلك اليوم الذي حذرتهم فيه من شجر قادم، فظنوا أنها جنّت أو أنها فقدت قدرتها على التمييز، إلا أنها صدقت حيث هاجمهم الأعداء الذين استخدموا أغصان الشجر للتمويه وإخفاء أنفسهم.. مرة هي زرقاء اليمامة ومرة تبدو لي شبيهة بهند بنت النعمان، بذكائها وشموخها وتفوقها على الحجّاج في ذلك الموقف الشهير حين قالت (الحمدلله الذي أبدلني الدرهم بدينار).

سأمنحها ساعات من زمني على أن تمنحني أسرارها وألا تغادرني إلا بوعد أكيد للقاء آخر قريب، لم لا يكون مع إشراقة كل فجر بهي لا يشبهه سواه. فقط حين ألقاها، وهذا يتطلب ألا تواجهني ببقية قصيدة عمر بن أبي ربيعة في البيت الأخير التابع للأبيات أعلاه:

كلما قلت متى ميعادنا

ضحكت هندُ وقالت بعد غد

 

فجرٌ آخر
فقط.. لو تأتي!
فوزية الجار الله

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة