ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 12/07/2012 Issue 14532 14532 الخميس 22 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

عن السرقات الأدبية
فيصل أكرم

رجوع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تكلمتُ عن السرقات الأدبية في مقالة سابقة، ولكن.. كلما أجريتُ بحثاً سريعاً عبر محركات البحث الإلكترونية بإدخال جمل متكونة من كلمات دلالية متميزة مقتطعة من بعض القصائد أو المقالات تعجبتُ لكثرة تداولها ونسبها إلى أول سارق لها، وهو بالعادة من الأسماء المعروفة، وطريقة سرقته للعبارات تدل على أن وراءه مؤسسات محترفة تعمل على جمع الجمل والتراكيب الأدبية الثقافية المتطورة ذات المعاني المدهشة لترتيبها في مقالات أو محاضرات يقدمها ذلك الشهير فيزداد معجبوه إعجاباً به وبالتالي تزداد شعبيته في المجتمع، وهذا ما يجعلني أؤكد على أن (السرقات الأدبية) باتت حقلاً من حقول التجارة الحديثة -ذات الطابع الإعلاميّ- التي تدار بأيدي عصابات محترفة..

إذ كانت السرقات الأدبية في القِدَم لا تأتي إلاّ من دافع واحد هو البحث عن المجد الأدبي والشهرة، وكان من يسرق من أدب غيره لا يتقصد السرقة بقدر ما هو ينشغل بقضية أو بموضوع يحاول كتابته واستكماله فتعجزه ثقافته وأدواته عن الوصول إلى الشكل الذي يطمح إليه، عندها فقط يقوم بالسطو على جهد غيره ويسرق من منجزه بعض النقاط ليضمّنها مادته فتكتمل كما يحب.. ثم يصدرها للناس موقعة باسمه!

أمّا اليوم، في عصرنا الكونيّ الذي قولب كل الأشياء بقوالب مادية تبدأ بالتجارة وتنتهي بالتجارة أيضاً، فلا أحد يبحث عن مجد أدبيّ للمجد الأدبيّ، ولا عن الشهرة للشهرة، إنما هو البحث الذي يصل بالناجح فيه آخرَ المطاف إلى (ثروة مادية) لا غير!

من هذا التصور الذي خلصتُ به مما أراه من حولي، أقول: ثمة جهات مؤسساتية ظاهرها إعلاميّ وباطنها خفيّ باتت تعمل على صناعة (المشاهير) صناعة متقنة، بتكريس كل وسائلها لتجييش الجماهير العريضة على شكل مريدين وتلامذة وأتباع، من أجل الوصول بأسماء معينة إلى مرتبة من (الشهرة) في مجالات مختلفة، أدبية واجتماعية ودعوية وتوعوية وأكاديمية وغيرها، حتى يستطيعون الاعتماد على تلك الأسماء في ترويج أيّ منتجات فكرية يطرحونها مصدّرة بأسماء أولئك المشاهير، في سبيل تحقيق (ثروة) مادية طبعاً، ويكون لأصحاب تلك الأسماء الشهيرة -المصنوعة- حصصها من الأرباح دون أدنى شكّ أو خيانة أو غدر بين تلك الأطراف، فالمصلحة (المادية) تجمعهم، ومن تجمعهم المصالح المادية في هذا العصر يكون الوفاء ديدنهم - وهو وفاءٌ للمادة لا ريب!

على ذلك، يكون الإنتاج تلو الإنتاج -والأدبيّ أعني هنا تحديداً- حتى تنضب كل العقول المتعاونة مع تلك المؤسسات، حينها فقط يبدأ (السطو) بسرقة الأفكار الكاملة من هنا وهناك، وبخاصة من الأسماء (المغمورة) لضمان أنّ أحداً لم يطّلع على تلك النتاجات الأصلية التي أفنى أصحابها أعمارهم من أجلها، ومن ثم تبدأ محاولة إعادة صياغتها والتحوير فيها لتكون متوائمة ومنسجمة مع أسلوب ذلك (المشهور - المصنوع) الذي عرفه الناس وأحبّوه ووثقوا به واعتادوا على تلقف كلّ إصداراته!

ختاماً أقولُ: سنظل نتفاءل بتفعيل القوانين الدولية لحماية الملكية الفكرية من مثل تلك العصابات الآخذة في التوسع والتمدد، في كلّ مكان من هذا العالم، والقرارات الصادرة مؤخراً عن بعض الجهات المعنية بحقوق المؤلف في مختلف دول العالم تزيد من تفاؤلنا، بخاصة بعد نشر تلك القرارات ومبرراتها التي فضحت بعض أولئك الذين امتهنوا السرقات (الفكرية) لتحقيق ثروة (مادية) استثنائية ضاربين بثقة الناس ومحبتهم عرض الحائط، ومستغلين أمجادهم المصطنعة من أجل تحقيق أهدافهم التي انكشفت عند عامة الناس. فالمأمول الآن من كل متابع أو محب لشخصية من الشخصيات الشهيرة التي برزت فجأة بحضور طاغ وكأنها (نوابغ) كانت مطمورة وتفجرت الآن لتشكل ظواهر في المجتمع، أن يتقصى بنفسه ويتتبع العبارات المدهشة بالبحث عن منبعها الأول، لكشف السارق من المسروق، فما أسهل البحث الآن بمحركات البحث الإلكترونية، ولو على سبيل التسلية الهادفة!

ffnff69@hotmail.com
 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة