ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 12/07/2012 Issue 14532 14532 الخميس 22 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

تقارير

 

تطهير اليونان

رجوع

 

إنّ انتخابات يوم الأحد في اليونان سوف تقرر ما إذا كانت شروط اتفاق إعادة تمويل اليونان مع منطقة اليورو قد تتغيّر بالمواجهة أو من خلال المفاوضات. فبدلاً من مساعدة اليونان للتغلُّب على أزمتها، انزلقت اليونان بفعل سياسات التقشُّف التي تبنّتها منذ شهر مايو - أيار 2010 إلى الركود العميق الذي أدى بدوره إلى إدامة العجز المالي وتفاقم عدم الاستقرار المالي.

لقد بات من الواضح على نحو متزايد أنّ منطقة اليورو سوف توقف صرف القرض إذا ذهبت اليونان إلى أي تحرك من جانب واحد - سواء بإلغاء قوانين التقشُّف التي لم تحظ بشعبية كبيرة أو بالتخلّي عن اتفاق القرض ذاته. وسوف يستحيل على الحكومة أن تفي بالتزاماتها الأساسية، مثل الرواتب ومعاشات التقاعد، وتعجز البلاد رسمياً عن سداد ديونها. وسوف تكف البنوك الدولية عن تمويل المؤسسات والمشروعات اليونانية بما في ذلك الواردات، وهذا من شأنه أن يؤدي إلى عجز في الوقود، والغذاء، والأدوية. ومع انخفاض الثقة في بقاء اليونان في منطقة اليورو إلى أدنى مستوياتها، فسوف يتسبب التكالب على استرداد الودائع لدى البنوك إلى انهيار النظام المصرفي بالكامل - ثم في النهاية الاقتصاد الحقيقي.

وسوف تكون الخطوة التالية الخروج القسري من اليورو وإعادة العمل بالدراخما، الأمر الذي يعني ضمناً انخفاضاً حاداً في مستويات المعيشة، وهو ما يرجع جزئياً إلى الخفض الفوري لقيمة العملة الجديدة وارتفاع مستويات التضخُّم. ومن ناحية أخرى فإنّ الفوائد من حيث القدرة التنافسية سوف تكون محدودة للغاية، نظراً لقاعدة الصادرات الضيقة التي تتمتع بها البلاد، وسوف تتبخّر في حلق مفرغة من خفض القيمة ورفع أسعار الفائدة.

والنتيجة المرجّحة للمواجهة مع منطقة اليورو هي الركود الطويل الأمد وارتفاع معدلات البطالة، الأمر الذي لا يترك خياراً سوى مسار المفاوضات. والواقع أنّ التوازن السياسي الجديد الناشئ في أوروبا بعد انتصار الاشتراكيين في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، من شأنه أن يخلق مجالاً للتغيير في شروط اتفاق القرض على النحو الذي قد يساعد في تعزيز النمو الاقتصادي.

ويفترض خيار إعادة التفاوض انتصار القوى السياسية المؤيدة لليورو في انتخابات الأحد. وينتمي حزب الديمقراطية الجديدة، وحزب باسوك، وحزب اليسار الديمقراطي إلى هذه المجموعة، في مقابل حزب سيريزا وبعد الأحزاب الأصغر على أقصى اليمين واليسار، والتي تدعم موقف المواجهة مع منطقة اليورو، وهو ما يعني في نهاية المطاف الخروج من اليورو. وإذا نشأت أغلبية مؤيدة لليورو في السابع عشر من يونيو - حزيران، فإنّ التحدي الجديد في مواجهة الحكومة سوف يتلخّص في اقتراح أجندة سياسية جديدة، ثم التفاوض على اتفاق معدل مع منطقة اليورو.

إنّ المفتاح إلى النمو يتخلّص في زيادة القدرة التنافسية من خلال زيادة الإنتاجية وخفض تكاليف الإنتاج. ففي تسعينيات القرن العشرين، وأثناء فترة الإعداد للالتحاق بعضوية منطقة اليورو، حققت اليونان مكاسب كبير على هذه الجبهة. فمع الانخفاض الحاد الذي سجلته معدّلات التضخُّم، ارتفعت الدخول الحقيقية، وانخفض العجز المالي. كما تم تنفيذ إصلاحات بنيوية مهمة، وبخاصة الخصخصة. وتسارع الاستثمار، وتم تنفيذ مشاريع البنية الأساسية الكبرى. وفي ظل ظروف من الاستقرار تحققت معدّلات نمو مرتفعة.

ولكن من المؤسف أنّ هذه الجهود توقفت على مدى العقد الماضي. فكانت الغَلَبة للمصالح الأنانية. وحاولت المجموعات التجارية الاستيلاء على أسواق بعينها. وكافحت النقابات المهنية من أجل الحفاظ على امتيازاتها. وازداد ضعف الانضباط الضريبي. وتحوّلت دولة الرفاهة إلى نظام مستوطن من تبديد الموارد. ثم نشأت فجوة بين القاعدة الإنتاجية للاقتصاد الذي ظل راكداً، وبين توقعات اليونانيين (ومطالبهم) التي كانت في ارتفاع سريع.

ولقد حاول الاتفاق مع منطقة اليورو غلق هذه الفجوة بطريقة خرقاء ومضللة. فبدلاً من التركيز على الإصلاحات البنيوية لتحرير القوى الإنتاجية للاقتصاد، اعتمد الاتفاق على خفض الدخول وزيادة الضرائب. وكان افتقار الحكومات التي نفّذت الاتفاق إلى الكفاءة سبباً في تفاقم ذلك العجز من خلال تهميش الإصلاحات البنيوية وتنفيذ الشروط التي تتعلق بالتقشُّف فقط.

وينبغي لعملية إعادة التفاوض أن تركز على تغيير مزيج السياسيات في الاتجاهات التالية:

- تمديد الجدول الزمني لخفض العجز المالي من أجل الحد من عمق الركود.

- تجنُّب أي خفض جديد للدخول أو زيادة الضرائب، مع البدء فوراً في خفض الضرائب غير المباشرة.

- تنفيذ تدابير الحماية الاجتماعية، وبخاصة لصالح العاطلين عن العمل.

- تنفيذ خطة مارشال أوروبية، من خلال المنح المقدمة من صناديق الاتحاد الأوروبي البنيوية والقروض المقدمة من بنك الاستثمار الأوروبي، من أجل دعم النشاط الاقتصادي وخلق فرص عمل جديدة.

إنّ تحقيق هذه الأهداف يستلزم سلفاً أن تنفذ الحكومة اليونانية الجديدة كل التغييرات البنيوية التي تم الاتفاق عليها مع منطقة اليورو. وعلى مدى الأشهر القليلة المقبلة لابد أن تتقدم وبسرعة خطط الخصخصة، وفتح الأسواق والمهن المغلقة، وتشجيع روح المبادرة، والقضاء على إهدار الموارد في القطاع العام.إن خطة مارشال الأوروبية من شأنها أن توفر فرصة فريدة لإعادة توجيه سياسات النمو. ويتعيّن على اليونان أن تتحرك إلى ما هو أبعد من تركزيها التقليدي على قطاعات مثل السياحة، والشحن، والبناء، والبحث عن مجالات جديدة من التميز التنافسي في الطاقة المتجددة، والخدمات ذات القيمة المضافة المرتفعة، والخطوط المنتقاة من التصنيع التي تستفيد من الإمكانيات البحثية في البلاد.

إذا نجحت اليونان في الوفاء بمتطلّبات اتفاق مالي معدّل مع منطقة اليورو، فقد تكسب رهان الثقة من خلال إقناع الأسواق المالية بأنها عازمة على تحقيق الأهداف.

وسوف تفتح الثقة الباب أمام التعافي الاقتصادي، وينحسر الخوف من عودة الدراخما. وتبدأ مستويات الاستهلاك في التعافي، ويتوقف تدفق الودائع إلى الخارج، ويتم تعزيز النظام المصرفي، ويعيد المستثمرون تقييم الفرص لتنفيذ مبادرات جديدة. وقد تبدأ حلقة حميدة في التحرك، فتقود البلاد في نهاية المطاف إلى الهروب من منطقة الأزمة.

إن النتائج التي ستسفر عنها انتخابات يوم الأحد سوف تحدد في أي اتجاه سوف تذهب اليونان - وبكل تأكيد، كيف قد تؤثر الدراما اليونانية الجارية على مستقبل منطقة اليورو.

أثينا - يانوس بابانطونيو

- خاص الجزيرة

- وزير الاقتصاد والمالية في اليونان أثناء الفترة 1994-2001، ويشغل حالياً منصب رئيس مركز بحوث السياسات التقدمية (وهو معهد أبحاث مستقل).

حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت، 2012.

www.project-syndicate.org
 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة