ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 12/07/2012 Issue 14532 14532 الخميس 22 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وحدة وطن

      

مما لا شك فيه أن وفاة صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبد العزيز آل سعود الذي اختاره الله إلى جواره قد تركت أسى وحزناً عميقين في الأفئدة على فقده في مرحلة دقيقة من تاريخ المملكة العربية السعودية.

لقد كانت حياته يرحمه الله حافلة بالبذل والعطاء والتفاني في إرساء دعائم الأمن والأمان في ربوع المملكة العربية السعودية وفي محيطه الإقليمي والعالمي، بما حباه الله من حنكة ودراية وروية وأناة وبعد نظر وشجاعة في اتخاذ القرار.. فقد كان أحد الرجال الأوفياء المخلصين الذين وهبوا حياتهم لخدمة الدين والوطن، وكان له دور كبير في الوقوف بكل قوة وصلابة وشجاعة في وجه العابثين بأمن المملكة والتصدي لهم ولمؤامراتهم ونزعاتهم الشريرة للإخلال بالأمن وترويع الآمنين.. وقد شهد العالم بأسره على نجاحه في اجتثاث الإرهاب من المملكة بفضل الله ثم بفضل جهوده الجبارة في هذا الجانب لتبنيه سياسة صارمة في التصدي للفئة الضالة من جهة، ومن جهة أخرى فإنه يرحمه الله قد فتح المجال أمام تلك الفئة من الشباب المغرر بهم للعودة إلى جادة الطريق عبر برنامج المناصحة الذي يرتكز على الحوار الفكري الهادىء ومناقشة الأفكار المتطرفة التي انساقوا وراء من يروجون لها ويغسلون بها أدمغتهم، وذلك بتبصيرهم ببعد تلك الأفكار عن منهج الوسطية والاعتدال الذي يحث ديننا الحنيف على انتهاجه مع نبذ الغلو والتطرف والتكفير والترويع وبث الفرقة بين المسلمين.

وقد تولى الفقيد الراحل ولاية العهد خلفاً لطيب الذكر صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي توفاه الله، الذي لا تحصى مناقبه ومواهبه.. وكان نايف خير خلف لخير سلف -رحمهما الله وجعل الجنة مثواهما-.

وبرحيل صاحب السمو الملكي الأمير نايف الفجائي فقد استقبل الجميع ذلك الخطب الجلل بالأسى والحزن وبالقبول والرضى بقضاء الله وقدره وبالثقة التامة واليقين بأن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود بما حباه الله من قوة إيمان وتسليم بقضاء الله ولما يتمتع به من رباطة الجأش ورجاحة عقل وشجاعة في مواجهة للمواقف الصعبة ومقدرة على معالجة الأمور بالأناة والحكمة والرأي الصائب السديد.

فقد كان أمر خادم الحرمين الشريفين بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وليّاً للعهد هو ما كان الجميع ينتظره ويتوقعه، فقد صادفت الثقة الغالية من لدن خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في أخيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز.. صادفت تلك الثقة من هو أهل لها فقد كان ذلك تعييناً للرجل المناسب في المكان المناسب وفي الوقت المناسب، حيث تم ذلك في غضون ثلاثة أيام من الرحيل المر لصاحب السمو الملكي الأمير نايف -يرحمه الله-.

وقد استبشر الجميع خيراً بذلك الاختيار الموفق، لم لا وقد عرفوا سلمان وأحبوه لما يتمتع به من صفات ومناقب ومواهب قل أن تجتمع في شخص واحد، فقد أتيحت له من خلال ممارسته للعمل أميراً لمنطقة الرياض منذ أن كان في مقتبل العمر إلى وقت قريب.. أتيح له اكتساب خبرات واسعة وقدرات هائلة في الإدارة الناجحة والتعامل مع قضايا الناس ورعاية شئونهم بما تستحقه من الاهتمام والحرص على تذليل مشكلاتهم.. لقد تحولت الرياض على يديه من مدينة صغيرة تفتقر إلى كثير من مقومات المدن الحديثة إلى مدينة كبرى تعتبر من أفضل وأجمل المدن تخطيطاً وإعماراً وتنسيقاً. وتظهر تلك الصورة الجميلة بجلاء لمن عاش في الرياض منذ أربعين عاماً وشهد تطورها ونماءها وازدهارها، وسيدرك من عاش تلك السنوات الماضية المعجزة والتحوّل الكبير في شكل المدينة. كما أن سائر مدن منطقة الرياض قد حظيت باهتمام سموه وتطورت وازدهرت على يديه لتضاهي المدن الكبرى الجميلة في العالم، حيث تتوفر فيها كل مقومات المدن الحديثة.

ولم تقصر مواهبه في النقلة العظيمة والتطوير العمراني في منطقة الرياض فحسب بل تعددت مواهبه وإبداعاته باهتمامه بالجوانب الاجتماعية والثقافية والسياسية، وقد أسهم فيها إسهاماً عظيماً بما لديه من المهارات فهو فضلاً عن دوره على الصعيد المحلي، فإن لسموه حضوراً بارزاً في الساحة السياسية الخارجية وعبر قنوات عدة، فهو بحكم موقعه أميراً لمنطقة الرياض كان له تواصل مع سفراء الدول الأجنبية في الرياض، وكثيراً من يلتقي بهم ويناقش معهم الأمور السياسية الراهنة ويوضح فيها موقف المملكة منها وكذلك الحال عن زيارة كبار الشخصيات الدولية للمملكة فكانت له لقاءات معهم يسخرها لخدمة مصالح المملكة.

فالمتصفح لسيرة سموه الذاتية يدرك بجلاء عبقرية سلمان وتميزه في كثير من المجالات، ولعل الجانب الإنساني هو من أبرز الأعمال الاجتماعية التي تحظى باهتمام بحكم قربه من المواطنين وإحساسه بظروفهم، فامتدت يداه الكريمتان في مجال العمل الخيري والاجتماعي لتغيير أحوال كثير من الفقراء والمساكين بمشروعاته الإنسانية الرائعة.. فقد استرشد باهتمام خادم الحرمين الشريفين بتلك الفئة الفقيرة من المواطنين وحرصه الشديد -يحفظه الله- على تحسين مستوى معيشتهم ونقلهم من حالة البؤس والفقر إلى حالة اليسر والسعة، ولعل زيارة خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله لأحد الأحياء القديمة في مدينة الرياض لتفقد أحوال المواطنين فيها وتوجيهاته الكريمة بأن تجد تلك الفئة من المواطنين الرعاية والاهتمام، كانت تلك الزيارة سبباً من الأسباب القوية التي لفتت الأنظار لأهمية معالجة مشكلات الفقر في المجتمع بابتكار الأساليب والوسائل التي تحقق تلك الغايات السامية النبيلة بأسرع وقت.. فكان مشروع الإسكان الخيري للأمير سلمان محققاً لطموحات وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين؛ ويعتبر ذلك المشروع أحد الدعامات الاقتصادية المهمة التي وفرت المأوى للمئات من الأسر المستورة الحال بتوفير مساكن حديثة لهم تحتوي على جميع متطلبات الحياة لتكون بديلة عن المساكن الصغيرة والخطرة التي كانوا يعيشون فيها فضلاً عما يجده المواطنون فيها من رعاية اجتماعية تهتم بشؤونهم وتعالج مشكلاتهم وتفتح لهم آفاق الإعداد النفسي والاجتماعي والتأهيلي ليتمكنوا من ممارسة أعمال تعينهم على تحمل مسؤولياتهم تجاه أسرهم. ويعتبر ذلك المشروع من المشروعات الرائدة لمحاربة الفقر التي ينادي بها خادم الحرمين الشريفين لانتشال تلك الفئة الفقيرة من شظف العيش وقسوة الحياة، ولا تقتصر مساهمات صاحب السمو الملكي الأمير سلمان على ذلك المشروع فحسب بل لسموه العديد من المساهمات الإنسانية الكثيرة والمتعددة لرعايته لكثير من الجمعيات الخيرية كجمعية البر بالرياض وجمعية إنسان وغيرهما من الجمعيات الخيرية واستقطاب سموه للدعم المادي والمعنوي لها من رجال الأعمال.

كما يتميز سموه بالحضور الثقافي فهو محب للأدب والتاريخ من خلال موقعه كرئيس لمجلس إدارة مركز تاريخ مكة المكرمة والمدينة المنورة وبوصفه مشرفاً عاماً على مكتبة الملك فهد الوطنية ورئيساً لمجلس إدارة دارة الملك عبدالعزيز، وأميناً عاماً لمؤسسة الملك عبدالعزيز الإسلامية بحضوره لكثير من الفعاليات الثقافية التي تقام في منتديات الرياض الثقافية، ومن ذلك رعايته الكريمة لمركز حمد الجاسر الثقافي.

رحم الله الأمير نايف وجعل الجنة مثواه، وندعو الله أن يوفق صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز ويعينه على أداء مهامه الجسام ومسؤولياته العظيمة، وأن يشد به أزر خادم الحرمين الشريفين ملكنا المحبوب عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود قائد مسيرة الخير والعطاء وباني نهضتنا وحادي مسيرة التطور والازدهار الذي عم جميع ربوع مملكتنا الحبيبة.

محامٍ ومستشار قانوني

 

الاختيار المناسب للرجل المناسب في الوقت المناسب
عمر عبدالله بامحسون

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة