ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 14/07/2012 Issue 14534 14534 السبت 24 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

قبل عشر سنوات تقريباً دعتني مجموعة مقربة من الزملاء والأصدقاء والأقارب لحضور الاجتماع التأسيسي لشركة عقارية كبرى ينوون المشاركة فيها وبمساهمات مالية تقدر آنذاك بأكثر من مئة مليون ريال، ولا أدري على أي أساس تمت دعوتي، فهل كان لصلة القرابة والصداقة والزمالة دور في ذلك، ويا حظ من له مع القوم ولد عم؟ أم أن الجماعة قد شاهدوا علي آثار الثراء الذي لا يخفيه المظهر الخارجي المرتب، وبالتالي وجدوني صيداً ثميناً وداعماً متوقعاً لمشروعهم الطموح؟ إن كان سبب الدعوة الأمر الأول فمعهم حق لأنهم يريدون الخير لأخيهم من باب “حب لأخيك ما تحب لنفسك”، وإن كان السبب الثاني فأجزم بأنهم ضلوا الطريق ووجهوا دعوتهم في الطريق الخطأ. كان المبلغ المطلوب للمشاركة ثلاثة ملايين ريال وحينها كنت على أعتاب تسديد الأقساط الأخيرة من قيمة منزلي وظروفي لا تسمح إذ أتحرك بجيب شبه خاو من النقود وبحال مستورة، وكان يتوجب علي لضمان المشاركة الإقدام على مجازفة ربما تكون غير محسوبة بالنسبة لي على الأقل لجهلي المطبق بدروب التجارة ومكر التجار، والمجازفة تقتضي أن أتهور فأبيع منزلي وسيارتي وأقترض مبلغا من المال لأسلم في النهاية كل ممتلكاتي ومديونياتي لأصحابي ثم أقضي الليالي الطوال في دعاء متواصل أن تكلل المساعي بالنجاح، فإن نجح القوم أفلحنا معهم وإن سقطوا سقطنا سقطة قد لا ننهض منها أبداً، وهي سقطة ستأتي آثارها موجعة على الضعوف والمقاريد وأنا واحد منهم بطبيعة الحال ولا فخر، وكما ذكرت فالمجازفة غير محسوبة والمشروع غير واضح المعالم، ولأني من النوع المتردد وخاصة في أمور التجارة والمال والخوف يسكنني خشية الخسارة اعتذرت والاعتذار أحمد عن حضور الاجتماع، وهو اعتذار لم يؤثر في مضي المؤسسين قدماً في تنفيذ مشروعهم وتأسيس شركتهم، بالتأكيد فأنا فرد واحد فماذا بوسعي أن أضيف بإمكاناتي المحدودة لأولئك الذين غدوا اليوم من الهوامير المعتبرين في سوق لا يرحم ذوي الدخول المحدودة، ولعل من حسن طالعهم أن أراحهم الله من حظي المنحوس تحديدا في التجارة وهي مجال لا أجيد كثيراً السير في دروبها.

أعتقد أن أكثر ما يجعلني لا أهوى المغامرة أو المجازفة في مثل تلك المشروعات وربما معي غيري كثيرون من ذوي الدخول المحدودة الغموض الذي يحيط بها والخوف من الوقوع في مصائد النصب أو الاحتيال أو في أفضل الأحوال تحقيقها لمعدلات عالية من الخسائر قد تضطر المساهمين لإلغاء المشروع وتوزيع الخسائر على المساهمين والخسائر ستأتي بالتأكيد على رأس المال وشقى العمر، وما كل مرة تسلم الجرة وحينها لا بكاء ينفع ولا شكوى تفيد! والسبب الرئيسي للخوف أن أغلب تلك المساهمات تتم دون دراسة جدوى وتقديرات للأرباح المتوقعة وكأنهم يبيعوك سمك في البحر! ولضعف الخبرة دوره في فشل بعض المشاريع والضحية من دفع ماله وبقي منتظراً للفرج، صحيح أن بعض المشروعات تنجح بضربة حظ ولكنها ليست مقياساً وخاصة في دول نامية تفتقد لتنفيذ أبسط أساسيات إدارة المشاريع وللأنظمة الواضحة المحددة للعلاقات بين المساهمين والمؤسسين!

مهما فعلت فبالتأكيد لن أبلغ ما بلغه ستيف جوبز حين جازف ببيع كل ما يملك ومنها آلته الحسابية العلمية ليتمكن من تأسيس شركته التي شهدت النور عام 1976 لأنه كان يدرك أنه في دولة يشهد فيها قطاع الأعمال نضجاً يضمن به الربح لا الخسارة.

Shlash2010@hotmail.com
تويتر @abdulrahman_15
 

مسارات
مجازفة غير محسوبة
د. عبدالرحمن الشلاش

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة