ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 15/07/2012 Issue 14535 14535 الأحد 25 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

شيع استعمال كلمة النانو منذ عام 1980 من قبل العالم أرك دركسلر عندما كان يتكلم عن بناء مكائن ومصانع عديدة؛ متناهية في الصغر إلى قياس حجم الجزيئات المؤلّفة للمواد في الطبيعة ... (أصغر جزيئه تتألّف من ذرّتين وهي تقاس بالنانو عرضاً)

.. هذا العالِم قضى أكثر من 10 سنوات يوصف ويحلل أجهزه غاية في الصّغر لا تصدّق؛ بمواصفات وخصائص فريدة ومتناهية الدقّة...!! خيالات علميه وتعريفه للتقنية هذه :- كل شيء أقل من 100 نانو متر (النانو هو وحدة قياس وهي 10-9 من المتر.. ومعناها هو 1-1000000000 من المتر).

الأعمال التي تجري اليوم تحت اسم تقنية النانو، هي ليست تقنية النانو بالمعنى الأصلي للكلمة؛ معناه التقليدي بناء الأشياء من الصغر بالدقة الذّرية (أي القياس الذري للأحجام) وهو متوخى من تعريف العالِم الفيزيائي الشهير ريتشارد فينمان 1959 الحائز على جائزة نوبل للفيزياء، عندما قال « بأنه يريد بناء بلايين المصانع المتناهية الصغر والتي تعمل سويتا لإنتاج مكائن من مواد أوليه (هي العناصر الأساسيه في الطبيعة) لتكوين كمبيوترات فائقة الصغر ومن مجموعها تؤلف كمبيوترات هائلة العدد؛ بإمكانها وضع محتوى مكتبة هائلة الحجم من المعرفة في رأس دبوس».. وهو ما نشاهده حالياً «وتقريباً» في الكثير من الجولات وهي كمبيوترات مصغرة؛ وبتقدّمها وتطوّرها المستقبلي سوف تحوي هذه الشرائح الصغيرة معلومات واسعة وعديدة؛ وكثير من شرائح الذاكرة هذه تصب فيها المعلومات بأبعاد ثلاثية لزيادة حيّز التخزين بواسطة التصوير الهلوجرافي (المجوف) بأشعة الليزر... والتطوّر مستمر في هذا المضمار.. لتحويل هذه الشرائح المتناهية الصغر إلى نظام متكامل أو مصنع صغير الحجم بأقل من 100 نانو متر.. وعندها يمكن تجميع عدد كبير منها في حيّز أو حجم صغير؛ وهو ما يُعرف بتقنية النانو تصوّر الإنتاجية الاقتصادية الهائلة لمثل هذه التقنية..!!

كما أسلفنا النانو هو وحدة قياس الطول ويساوي واحد بالمليون من المتر؛ سمك شعرة الإنسان تتراوح بين 20 إلى 180 ألف نانو متر؛ والمتوسط هو 25 ألف نانو متر... والنانو متر الواحد هو عرض 3 إلى 4 ذرات عندما توضع جانباً إلى جنب.. وعرض خيط من مادة الحمض النووي (دي أن أ DNA) هو 2.5 نانو متر..

المتر وأجزاؤه هو الاتجاه الميكروسكوبي (المجهري) في القياس؛ إلى أغوار المادة من جزيئات وذرّات وما تحويها.. وقسّم الإنسان المتر إلى: - 100 سنتي متر؛ وإلى 1000 ملّي متر؛ وإلى مليون مايكرو متر؛ وإلى بليون نانو متر (ألف مليون) (وحدة القياس الحالية في علم الليزر)؛ وإلى 10 بلايين انكستروم (وهو وحدة القياس الدارجة في البصريات في العقد السابق)؛ و أخيراً «وليس آخراً» إلى تريليون بيكو متر (1000 بليون)...

وكلما تقدّمنا في المعرفة بأغوار المادة احتجنا لتسميات للجزء من القياس ومنها مثلاً بعد البيكو وهو الفمتو.. ونحن الآن في بداية عصر النانو؟!

على سبيل المثال للقياس وتباينه:- حبة البن، قياسها 8X12 ملّي متر؛ حبة الرز 2.5×8 ملّي متر؛ بذرة السمسم 2X3 ملّي متر؛ حبة الملح نصف ملّي متر... طول النطفة أو الحيوان المنوي للإنسان 5 إلى 6 مايكرو متر؛ والبويضة 60 مايكرو متر قبل الإخصاب؛ و120 إلى 150 مايكرو متر بعد الإخصاب (مايكرو متر يسمّى في علم الإحياء مايكرون)... خلية جلد الإنسان 30 مايكرون؛ كرية الدم الحمراء 8 مايكرون؛ جرثومة الحصبة 220 نانو متر؛ فيروس نقص المناعة البشرية (الأيدز) 130 نانو متر فيروس الأنفلونزا أيضا 130 نانو متر؛ الأجسام الحيوية المضادة 12 نانو متر؛ الهيموجلوبين (صبغة الدم) 6.5 نانو متر؛ الكلوكوز (مادة السكر في الدم) 900 بيكو متر؛ جريئة الماء (المتألفة من:- ذرتين أوكسجين + ذرة هيدروجين) 275 بيكو متر؛ ذرة عنصر الكربون 340 بيكو متر..

هل نستنتج من ذلك أنّه غالباً ما سمّيت التقنية حسب قياسها، فعند اختراع العجلة في العصور السحيقة ممكن تسميتها الآن بتقنية المتر نسبه لحجم العجلة آنذاك؟ (اختلف علماء الآثار حول زمن اختراع العجلة والمعتقد 8000 سنة قبل الميلاد؛ أي 9500 سنة قبل الإسلام. وأقدم عجلة عثر عليها في بلاد الرافدين 3500 قبل الميلاد؛ تقريباً 5000 سنة قبل الإسلام).. وتتابعت الاختراعات والاكتشافات حتى الثورة الصناعية في القرن الثامن والتاسع الميلادي.. هذه التقنية الصناعية أو العصر الصناعي؛ بدئت في بريطانيا وأثرت على الأحوال الاجتماعية والاقتصادية والثقافية للعصر، ثم انتشرت في جميع أنحاء أوربا الغربية وأمريكا الشمالية واليابان وفي نهاية المطاف العالم.. إلى يومنا الحالي لازالت هي التقنية الدنووية المعاصرة..

ثم جاءت تقنية المايكرو في 1960 تعلم العلماء بأنه عند وضع عدد من الترانسستورات، وأنصاف الموصلات، في دوائر متكاملة؛ أنتج خلالها كمبيوترات صغيرة وهواتف متنقلة وأجهزة استشعار، وأجهزة صورة وصوت؛ ومحركات من دوائر متكاملة .. الخ..، وكانت تقنية المايكرو بكل معناه الحالي من أجهزة ومعدّات هائلة من الإلكترونات الدقيقة؛ التي سهلت حياتنا وأوجدت العديد من الفوائد في شتى نواحي الحياة..

والتي ينظر لها الآن؛ لتطويرها وتصغيرها أكثر في قياس تقنية النانو لتجد حلولاً جديدة؛ لمشاكل الدول النامية مثل:- الخدمات الأساسية منها الرعاية الصحية؛ والتعليم؛ والطاقة الموثقة بمزايا تقنية النانو وذلك يشمل إنتاجية عالية، بعمال قليلين، وأراضٍ صغيرة، وصيانة قليلة، ومتطلبات ذات كلفة منخفضة، ومواد، وطاقة قليلة...!!

بلدان عديدة في العالم الثالث؛ مثل ماليزيا، تايلاند، بنجالاديش، شيلي، ..الخ تستثمر الآن موارد كثيرة في بحوث وتطوير تقنية النانو..؟؟. والاقتصاديات الناشئة مثل الصين، البرازيل، الهند، جنوب أفريقيا، تنفق ملايين الدولارات سنوياً على البحوث والتطوير؛ وهي متسارعة في زيادة حصيلتها العلمية كما يبان من عدد المنشورات في المجلات العلمية..؟؟!!

الفرص المحتملة لتقنية النانو هي في تنقية المياه، أنظمة الطاقة، الأدوية والمواد الصيدلانية، الإنتاج الغذائي، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات ... الخ..

نشأت تقنية النانو؛ وتطبيقاتها لازالت متضاربة في معظمها؛ وهناك الكثير من النقاش حول الآثار الإيجابية والسلبية لها، علماء الاجتماع والمنظمات في المجتمع الديني تقترح تقيم التقنية؛ والحكم ينبغي أن يشمل مشاركة الجمهور.. اقترح بعض المراقبين بأنها ستبنى تدريجياً كما حصل مع الثورة الصناعية في القرن الثامن والتاسع حتى تتجمع لتقود ثورة نانوتكنولجيه؛ لتعيد جذرياً تشكيل اقتصادنا وسوق العمل والتجارة الدولية والعلاقات الدولية والهيكلة الاجتماعية والحريات المدنية وعلاقتنا بالعالم الطبيعي وحتى مفهومنا كبشر..

وجهات نظر أخرى تشير إلى أنه أكثر دقة لوصف التغير المتوقع لتقنية النانو بأنه تكنولوجيا تسونامية (مثل كارثة تسونامي)

إذا كانت هذه التقنية ستؤدي إلى ثورة في التصنيع؛ الرعاية الصحية، الاتصالات والإمدادات وربما الدفاع؛ فإنه حتماً سيتم تحويل العمل، ونظامه وتتأثر الهياكل الأساسية للنقل والطاقة والجيش ولا يتم هذا التغير دون تمزق اجتماعي كبير؟

وكثير من النقاد يعتقد أنه قد يكسر الحاجز بين الحياة وغير الحياة عن طريق التقاطع بين تقنية النانو وعلوم الحياة؛ وإعادة تعريف معنى الإنسان..!!

معهد الماسيشوتس MIT؛ أنشأ معهد إعداد الجندي النانو تكنولوجي وهو يزيد:- من قدرات المراقبة المحسنة بواسطة مجسات النانو؛ والخطورة في إنتاج الأسلحة الكيمائية التي سوف تكون الأكثر خطورة من ما هو معمول به الآن؛ حيث سوف يجري تصنيعاً من أساسياتها الذرية أي تركيبها ذرة ذرة..!!

الإنتاج الحالي لتقنية النانو ممكن اختصارها:- في الكيمياء 3 منتج في الأساسيات؛1 منتج في البناء؛ 22 منتج في الطاقة؛ 39 منتج البيئة؛ 19 في الغذاء؛ في 5 الصناعة؛ 9 في تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات؛ 19 في الطب؛ 35 في الهندسة الدقيقة؛ 7 في المنسوجات والملابس؛ 7 في النقل .. الخ.. والتطوّر مستمر..!!

كمثال:- تقنية النانو في الطب إحدى التطبيقات التي تتطور حديثاً هو توظيف الجسيمات النانووية في تسليم الدواء؛ والحرارة؛ والضوء؛ أو أي مواد أخرى إلى نوع محدد من الخلايا مباشرة (مثل الخلايا السرطانية) .. يتم تصميم الجزيئات لكي تنجذب للخلايا المريضة؛ الذي بدوره يسمح للمعاجلة المباشرة لتلك الخلايا؛ هذا الأسلوب يقلل إضرار الخلايا السليمة في الجسم ويسمح للكشف المسبق عن المرض..

قذائف بحجم النانو تستخدم في تركيز الحرارة من الأشعة تحت الحمراء في الليزر لتدمير الخلايا السرطانية.. قذائف النانو المنشطة بواسطة الأشعة السنية للتعويض عن العلاج الإشعاعي للسرطان؛ وجسيمات النانو التي تسلم عقاقير العلاج الكيمائي إلى الخلايا السرطانية مباشرة دون الاعتراض للخلايا السليمة، وهي إزالة الأعراض الجانبية المؤلمة، لمثل هذه العلاجات المعروفة.. الفيبر النانو يحفز إنتاج الكارتلج (الغضروف) في المفاصل التالفة.. ما ورد كلياً؛ هو منتج أو تحت التجربة من هذه التقنية الهائلة..!!

هناك جهود جارية عديدة في تطوير نظم الكشف عن المرض النانو بارتيكيلي.. الكشف عن أربعة أنواع من الأحماض الأمينية المختلفة بواسطة الجسيمات النانووية الذهبية وجسيمات نانوية مغناطيسية للكشف عن عينات البروتين الأحماض النووية ومواد أخرى.. الجسيمات النانووية الذهبية عند إلصاق الأجسام الحيوية المضادة فيها يمكن أن توفر التشخيص السريع لفيروس الزكام.. جسيمات النانو عند عمله على شكل كريم (دهن) ويحتوي على غاز أكسيد النتريك يقتل البكتيريا.. وهى فكرة مرحب فيها في مراحلها الأولية وهي القضاء على العدوى البكتيرية في المريض خلال دقائق بدل من العلاج بالضادات الحيوية لأكثر من أسبوع..!!

نانو روبارتس (الرجل الآلي النانو) يمكن برمجته لإصلاح خلايا محددة مريضة يعمل بطريقة مشابهة للأجسام الحيوية المضادة في عملية شفائنا الطبيعية في جهاز المناعة؛ الهدف النهائي للطب النانوي هو تنفيذ الإجراءات العلاجية المحددة على الخلايا في الجسم البشري بطريقة الروبوت أي الإنسان الآلي..!!؟

watban@hotmail.com
دكتوراه علم الليزر - رئيس الأكاديمية العالمية لتطبيقات الليزر
 

النانو.. وما أدراك ما النانو
د. فاروق بن عبدالله الوطبان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة