ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 15/07/2012 Issue 14535 14535 الأحد 25 شعبان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

خلال اللقاء الذي نظمته لجنة شباب الأعمال في الغرفة التجارية الصناعية بالرياض قبل عدة أشهر وكان المتحدث الرئيس للقاء معالي وزير التخطيط الدكتور محمد بن سليمان الجاسر وكان عنوان كلمته” الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي”،

وقد تطرق معالي الوزير في بداية كلمته إلى أن الرؤية المستقبلية للاقتصاد السعودي هي بيد الشباب كما هي بيد الدولة وباليدين تتحقق الطموحات. ولاشك أن الدولة هي الراعي الأساسي والمحوري لمسيرة الاقتصاد السعودي وبأنه آن الأوان لمشاركة الشباب مشاركة فاعلة لمساعدة الدولة في إنجاح خططها التنموية والتي هي في المحصلة النهائية مساعدة لأنفسهم في النهوض بالاقتصاد السعودي نحو أفق أرحب. أفق يحتاج إلى الكثير من التخطيط والذي غاب لردح كبير من الزمن عن مسئولي التخطيط خصوصاً فيما يتعلق بوضع إستراتيجيات قابلة للتنفيذ من أجل تنمية مستدامة ( Sustainable Development) تخلق وظائف باستمرار. ويؤكد معالي الوزير في كلمته على أن تضافر الجهود بين القطاع الحكومي والخاص هو الطريق نحو بناء المستقبل الاقتصادي والاجتماعي للمملكة, على أنه لم يوضح في كلمته السبل والطرق التي من الممكن أن يساهم فيها القطاع الخاص في التنمية والتي ترعاها الدولة في المقام الأول، فجهود القطاع الخاص في التنمية هي جهود بطيئة وحذرة ولم تقدم ما كان يؤمل منها في خدمة الاقتصاد الكلي للدولة، علماً بأن الدولة قدمت وما تزال للقطاع الخاص دعماً يعتبر طنباً من الأحلام في الدول الأخرى.

تحدث معالي الوزير في كلمته بأن من الإنجازات في مجال التنمية الاقتصادية على ضوء الخطط الخمسية بأن ارتفعت مساهمة القطاع الغير نفطي من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي من 48.5% عام 1970م إلى 72.5% عام 2011م، ثم يعود وفي سياق الكلمة قائلا إن من الصعوبات التي تواجه الاقتصاد السعودي هو اعتماده الكثيف على صادرات سلعة النفط التي تخضع أسواقها العالمية لتقلبات حادة بفعل عوامل اقتصادية وغير اقتصادية يصعب التنبؤ بها ناهيك عن التحكم بها.

تطرق معالي الوزير أن من منجزات الخطة التاسعة 1431هـ, إنجازات في الخدمات الصحية والاجتماعية، وانطلاقا من ما قاله معالي الوزير فالحقيقة التي يتفق عليه الجميع فإن الدولة تقدم سنوياَ ميزانية ضخمة للخدمات الصحية والاجتماعية ولكن الإنجازات على الأرض لا تواكب ما تم رصده من مبالغ ضخمة لهذه الخدمات.

أشار معالي الوزير بأن البنية الديموغرافية(السكانية) في المملكة تمر بوضع استثنائي لا يتكرر إلا نادراً في حياة الشعوب وهو أن فئة الذين في سن العمل ارتفع من 47.5% عام 1992م إلى 60.9% عام 2011م وأن هذا التغير العمري للسكان للسعوديين ينطوي على انخفاض في نسبة الإعانة لصغار وكبار السن مما يتيح فرصة أكبر للذين في الفئة العمرية الشابة للادخار والاستثمار. بيد أنه وكما هو معلوم فإن طبيعة عادات وتقاليد المجتمع السعودي ليست طبيعة ادخارية بل استهلاكية ومرتبطة إلى حد بعيد بثقافة الجماعة لا ثقافة الفرد التي في الغرب. فالذي يدخره السعودي غالبا ينفقه مع حلول مواسم الزواج والأعياد, والصيف وحلول شهر رمضان ودخول المدارس والقائمة في هذه المضمار تطول. غير أن ثقافة المواطن السعودي ولمواجهة القائمة الأنفة الذكر تنحوا باتجاه الاستثمار في المشاريع الصغيرة خصوصاً البقالات ،المطاعم، المغاسل، وورش السيارات والتي نراها وعلى امتداد البصر يمنة ويسرى وفي كل شوارع مدننا وقرآنا وحتى هجرنا.

نوه معالي الوزير عن نقلات عددية في الخطط لنشر التعليم بكل مستوياته وأكد عن أهمية الاقتصاد القائم على المعرفة وإن لم يوضح مفهوم الاقتصاد القائم على المعرفة ومع ذلك فهو اقتصاد يجب أن يرتكز على النوعية في التعليم لتكون متزامنة مع العدد المتزايد للصروح التعليمية والجامعات. فمرحلة العددية في التعليم هي مرحلة لابد من تجاوزها خصوصاً في التعليم الجامعي وحتى يستطيع خريجو هؤلاء الجامعات الذين يخرجون إلى سوق العمل سنوياً أن يكونوا فاعلين في سوق العمل، لا عالة عليه, فلا بد ومن الضرورة إعدادهم الإعداد الملائم لهذا السوق. ويضيف معالي الوزير بأن وزارته عاكفة على إعداد إستراتيجية وطنية للتحول للمجتمع المعرفي. بالتعاون والاستفادة من التجربة الكورية الناجحة في هذا المجال. ولا شك أن معالي الوزير قد وضع في اعتباره أن ما نجح في كوريا ليس بالضرورة أن ينجح في المملكة فلكل مجتمع خصوصية وثقافة تختلف عن المجتمع الآخر فالتنظير من خبراء ليس لديهم المعطيات الكافية شيء والتطبيق العملي شيء آخر يختلف تماماً. ومن هنا فمن الضرورة بمكان مشاركة خبراء اقتصاديين سعوديين لمعرفتهم اللصيقة بخبايا الأرضية التي يقف عليها الاقتصاد الوطني والتي قد لا تتوفر بالشكل الكافي لدي الخبراء الكوريين.

ويضيف معالي الوزير أن التوسع في استخدام الآلات والمعدات لتحل محل عنصر العمل أو ما أسماه معاليه بالتعميق الرأسمالي سيؤدي للارتقاء بالإنتاجية ولكن السؤال المطروح هل نحن في المملكة العربية السعودية الآن في حاجة للتعميق الرأسمالي خصوصاً في ظل الزيادة المضطردة في أعداد العاطلين عن العمل والذي يزداد سنوياً بالآلاف من الخريجين والخريجات الباحثين عن فرص عمل. فتطبيق التعميق الرأسمالي مع وضعنا الحالي في المملكة هو كمن يحاول أن يضع العربة أمام الحصان، فأولاً علينا خلق فرص عمل حقيقية ثم نبحث لاحقاً في تعميقها، وأعتقد أن هذا ما قصده معاليه.

وختم معالي الوزير كلمته بأن موارد المملكة من البترول والغاز الطبيعي والثروات المعدنية غير النفطية كل هذه المعطيات كفيلة بتلبية احتياجات المملكة من رأسمال لاستخدامه في التنمية، وهنا بيت القصيد أو مربط الفرس، وهي سياسة تم تفاديها مرحلياً من خلال تنويع الدخل وثبت ذلك بالنجاح في صناعة البتروكيمائيات، وحتى يمكن أن نقضي على مشكلة البطالة المتفاقمة بين الشباب والشابات وجعل هذه العوامل محركاً للاقتصاد الوطني لا مثبطاً له فهذا يعني أهمية وضع إستراتيجية قصيرة المدى وأخرى طويلة المدى لاقتصاد سعودي جديد يهدف إلى تنمية مستدامة تخلق وظائف باستمرار. وبخصوص الإستراتجية القصيرة المدى فهناك صناعات لم ُيفعل دورها بالشكل المطلوب مثل خدمات الحج والعمرة،السياحة الداخلية، الخدمات الطبية، الخدمات الطبية وتجارة الترانزيت، وكل هذه الصناعات لدى المملكة ما يؤهلها بأن تكون لها الريادة فيها على مستوى منطقة الشرق الأوسط. وفيما يخص إستراتيجية البعيدة المدى لابد من ضخ استثمارات ضخمة في الصناعات الخفيفة والصناعات البترولية والبتروكيمائية والتعدينية. والجدير ذكره هنا فإن من بين الوزارات ذات العلاقة المباشرة لتطوير الاقتصاد الوطني كان لوزارة العمل اليد الطولى في هذا المجال والتي سعت بجهود حثيثة وواضحة في العمل على سعودة ومساعدة سوق العمل الوطني. وكان لبرامجها نطاقات، حافز دوراً إيجابياً في فتح آمال وطموحات خصوصاً لفئة الشباب للمشاركة في سوق العمل الوطني. ولكن جهودها تبقى محاولات غير مكتملة تبدو كمسكنات ضرورية لن تحل مشكلة البطالة من جذورها، وينطبق عليها المثل الشائع بأن اليد الواحدة لا تستطيع التصفيق. وأخيراً، فلابد من تضافر جهود الوزارات والهيئات المعنية للبدء بخارطة طريق لإستراتيجية شاملة للاقتصاد الوطني وذلك من خلال المجلس الاقتصادي الأعلى وهي كل من وزارة العمل, وزارة الخدمة المدنية، وزارة المالية، وزارة التجارة والصناعة، الهيئة العامة للاستثمار، الهيئة الملكية للجبيل وينبع، المؤسسة العامة للتدريب التقني المهني، ووزارة التخطيط والاقتصاد وعلى رأسها شخصية ذات خبرات مميزة وأفكار طموحة خلاقة والتي يؤمل منها أن تكون هي الجوكر في وضع إستراتيجيات الاقتصاد السعودي بآليات قابلة للتطبيق تضع في أعلى سقف أولوياتها تنمية مستدامة تخلق وظائف حقيقية وبصفة مستمرة.

Alfal1@ hotmail.com
باحث اعلامي
 

قراءة متأنية للرؤى المستقبلية لوزارة التخطيط للاقتصاد الوطني
د. محمد بن يحيى الفال

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة