ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Sunday 22/07/2012 Issue 14542 14542 الأحد 03 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

محليــات

      

«يوضع ملعقتين من الدواء + ملعقة من الخل الأبيض..

يضاف إليه قليل من الماء حتى يكون سائلاً..

يعجن وقت المغرب ويترك مكشوفاً حتى الساعة السادسة صباحاً ثم يدفأ ويوضع على الرأس

يوضع بعد ذلك شيلة على الرأس ويوضع فوق الشيلة رباط من الشيلة حول الرأس

بعد وضع الدواء على الرأس لا يأكل ولا يسمح له بالنوم إلا بعد صلاة الظهر

لا يغسل الرأس إلا بعد ثلاثة أيام، ولا يغسل إلا بعد صلاة العشاء..

بعد الغسل يربط بدون دواء وعند الصباح يستعمل الدواء من جديد (يجب أن يكون الدواء دافئاً)

أم .....»

ما ورد أعلاه جزء من وصفة طبية مطبوعة كتبتها معالجة شعبية وذكرت فيها اسم الشهرة (أم.....) وعنوانها وأرقام الاتصال المحلية والدولية على الثابت والمحمول لمريض تقدم بها لتكون عذراً يشفع له في الغياب. والتشخيص الذي نقلته أسرة المريض بناء على قول المعالجة هو»تنسيم في الرأس».

أوردتها هنا تعقيباً على كلام أستاذنا الكبير سليمان الحربش، حينما دعا إلى إرسال البعثات الطبية إلى منفوحة.. بالمناسبة المعالجة التي أوردت وثيقتها الطبية أعلاه تقطن خارج الرياض، لكن شهرتها جعلت مريضنا يسافر إليها. لقد أصبح الناس يسافرون للحصول على العلاج الشعبي، بل إن المعالجين الشعبيين وصلت بهم الثقة إلى كتابة تفاصيل الوصفات وتذييلها بأسمائهم وأرقامهم الثابتة والمحموله.

هناك جانبان للقضية الأول: يتعلق بالوعي والمسببات التي تقود الناس إلى هذا النوع من العلاج غير الموثوق به وغير المقنن علمياً.. والثاني: يتعلق بالجوانب التنظيمية والرقابية ومن يملك حق متابعتهم وإيقافهم وعقابهم، أو حتى التصريح لهم، لو افترضنا أن بعضهم يحمل علماً يوثق به ويحصر نشاطه في جوانب مقننة علمياً.

أهم أسباب انتشار الطب الشعبي هو فقدان الثقة بالخدمات الصحية وخصوصاً في الحالات المعقدة أو الحالات ذات الأبعاد النفسية والاجتماعية.. العجز في تقديم الخدمة المناسبة في المكان المناسب وفي الوقت المناسب للمريض وبالنوعية المناسبة للمريض والعجز في التوعية والتثقيف الذي يجعل الناس تبتعد بذاتها عن مثل أولئك المعالجين غير الموثق بهم. بالطبع نحن نحمل القطاعات الصحية المسؤولية الأولى في مجال الخدمة الصحية وفي برامج التوعية والتثقيف لكن ذلك لا يعفي الجهات الأخرى التعليمية والإعلامية بالذات في موضوع صناعة الوعي لدى الناس. نعم لدينا مشكلة وعي كبرى حين يصدق من يحمل الدرجة الجامعية بما يسمى «تنسيم في الرأس»، بالشكل الحرفي الذي يستوجب وضع خلطات على الرأس تسهم في سد ذلك التنسيم.

الخدمات الصحية تنقسم إلى ثلاثة أقسام؛ متقدمة عبر المستشفيات المتخصصة والمتقدمة وهذه لا يصلها إلى ذي حظ عظيم أو واسطة عظمى. خدمات القطاع الخاص وهذه وعلى تفاوت مستوياتها فإن الجيد منها لا يصله سوى من أوتي المال والتوفيق في الجيد منها. والعامة والأولية وهذه رغم إمكانية الوصول مقارنة بالأخرى إليها إلى أنها تمر بحالة تردي أفقدت ثقة الناس فيها. البعض يراهن بتقدم الخدمة الطبية لدينا بدليل إجراء العمليات المعقدة وينسى أننا عجزنا في خدمة الغالبية الذين يحتاجون رعايتنا وإقناعهم بجودة خدماتنا على المستوى العام. الخدمات الصحية لدينا سطحية في قدرتها على التدخل الطبي مع الأمراض الواضحة فقط، التي توضحها التحاليل أو صور الأشعة لكنها ضعيفة في التشخيص السريع والواضح وفي التعامل مع الحالات المركبة جوانبها وتتداخل فيها العوامل النفسية والاجتماعية والثقافية. أمام هذا الواقع تزدهر المعالجة الشعبية، بالذات التي ترد المرض إلى العين والحسد والسحر ومرادفاتها المختلفة. تلك الثقافة التي تتجاوز الواقع والمألوف عقلاً وشرعاً.

malkhazim@hotmail.com
 

نقطة ضوء
وصفة طبية للرأس المنسم
د. محمد عبدالله الخازم

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة