ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 23/07/2012 Issue 14543 14543 الأثنين 04 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

بمناسبة دخول شهر رمضان المبارك يَسُّرني أن أَزفُّ إلى الجميع التهنئة؛ سائلاً الله الكريم أن يشملهم ويكرمهم بالرحمة والمغفرة والعتق من النار. وهذا الشهر المبارك - إضافة إلى كونه موسماً من مواسم الخير والطاعة لأُمَّتنا -

شهر انتصارات عظيمة لها عبر تاريخها الممتد أكثر من أربعة عشر قرناً. وكنت قد حاولت التعبير عن شيء من تلك الانتصارات المجيدة في أبيات من قصيدة ألقيتها في أحمد مهرجانات التراث، التي يقيمها الحرس الوطني، والتي من مظاهرها سباق الهجن في الجنادرية؛ موضحاً علاقة الإبل الوطيدة بالإنسان العربي على مدى تاريخه، ومُستهلاًّ ذلك بالقول:

ومَن ذا الذي لا تملك الهجن قلبه

وللهجن من حلو الصفات مناقبُ؟

رَفيقةُ درب اليَعْربي وخِدنُه

صفا زَمنٌ أم كدَّرته نوائب

ومنذ أضاء الفجر تاريخ أُمَّتي

تلاقى به إنسانها والركائب

وفي لَيلةٍ لاحت تباشير سعدها

وجادت بنور الحق منها كواكب

سَرَتْ ذات يُمْنٍ سَدَّد الله خطوها

وحَفَّت بها عن كُلِّ سوء مواكب

على ظهرها من حَطَّم الشرك هديه

وزالت بما أُوحي إليه غياهب

سَرَتْ من حِمى البيت العتيق.. وطَيبةٌ

إلى حضنها تهفو المُنى والرغائب

أَناخت بها “مأمورة” فتأسَّست

لمسجده حيث استقرَّت جوانب

وقامت على التوحيد أَفضلُ دولةٍ

تَحقَّق للإنسان فيها مكاسب

***

وهَبَّت جيوش الفتح تنشر رحمةً

وتُرهبُ باستبسالها من يحُارِب

وجاوز أركان الجزيرة خالد

وإخوانه الصِّيد الكماةُ الغواضب

فَأُسْدٌ على أرض العراق مُغيرةٌ

وأخرى على أرض الشآم ثَوائَب

وما انهزمت لابن الوليد كَتيبةٌ

ولا صَعُبت مما أراد مطالب

عدا من ربوع الرافدين مُغرِّباً

وفي كَبِد الصحراء تغلي اللَّواهب

طَوَى بالركاب البِيدَ مُسرعةَ الخُطَى

وبالعزم تُجتازُ القِفار السباسب

وفوق ثرى اليرموك عَطَّر جنده

سحائب من نصر الإله سواكب

***

وما فترت للمؤمنين عزائم

ولا وقفت للفاتحين مواكب

تَخطَّت حدود الصين منهم طلائع

وفي جَنَبات الغال جالت كتائب

وأصبحت أَنَّى سرت شَرقاً ومَغرباً

تَراءت لعيني إخوةٌ وأقارب

ففي الهند أتباع لديني ومِلَّتي

وفي المغرب الأقصى لقلبي حبائب

***

وأمضي مع التاريخ أسبر غوره

وأتلو من الأمجاد ما خَطَّ كاتب

ويبدو صلاح الدين فوق جواده

بحطِّين والنصر المُبين مُوَاكِب

وأمضي وأمضي والحضارة قبلتي

فتأسرني للعُرْب منها مواهب

وأَلمح صحرائي.. فَألثمُ ثَغرها

ويغمرني بالطُّهر جِيدٌ وحاجب

وينساب في سمعي هُجَينيُّ رفتيةٍ

بأكبادهم شوق إلى البيض لاهب

على ضُمَّرٍ فَحلُ الشرارات جَدُّها

شماليل شابت من سُرَاها الغوارب

أرادوا بها “هِيتاً” فتاه دليلهم

وليس لهم من دون “هِيتٍ” مشارب

و”للتَّرْفِ مَنْسوعِ الجديلة” بسمة

يطيب لمرآها السُّرى والمتاعب

ومَرَّت أمامي حُرَّة صَيْعريَّةٌ

عليها من الغُرِّ الميامين راكب

“مُصيِّحة” لم تعرف البيد مثلها

إذا ما دعاها في الملمَّات واجب

إذا انطلقت تهوي مع الدرب مثلما

هَوَى من ذُرَا نائي المدارات ثاقب

وبعد تلك الإشارات إلى شيء من ماضي أُمَّتنا اختتمت تلك القصيدة بالقول:

وعدت إلى نفسي فأبصرت واقعاً

يَلفُّ مُحيَّاه الأَسى والمصائب

فكم دولةٍ شادت على الجور حكمها

ومَزَّق جسم الشعب منها مخالب

وكم مُدَّعٍ حُبَّ الجماهير.. زيفه

مشارقها ضاقت به والمغارب

تَمرَّس في فَنِّ الخداع فأصبحت

له طُرُقٌ مشهورة ومذاهب

وفي كلِّ مصرٍ من مواطن أُمَّتي

كُرُوم عَثَتْ في مجتناها ثعالب

ولي إخوة صَبَّ الرِّفاق عليهمُ

من الظلم ما لم ترتكبه الأجانب

أما حان للفجر الجميل بَوادرٌ

بمقدمها الميمون تُجلَى الغياهب؟

أما بعد كل ما سبق:

فإن من فضل الله على أُمَّتنا أن أعانها فانزاح عنها عدد من الحكام الذين بلغوا من الظلم والفساد ما بلغوا. وكنت قد نشرت قصيدة في شهر يناير من عام 2010م من أبياتها:

يا عاماً مَرَّ وكاتبه

سَطَّر عن وَضعيَ ما سَطَّر

عن شَعبٍ دُجِّن مقهوراً

وزعيمٍ أَخرسَ من يُقهَر

عند المُحتلِّ له نَفَسٌ

أطيب من رائحة العنبر

وحديث سبك عبارته

أَحلى في الطَّعم من السكَّر

وعلى محكومٍ مُضطَهدٍ

أمضى في السطوة من عنتر

ومُولَّى ينكر معروفاً

ويمارس في النادي المنكر

وعصابة سوء فاسدةٌ

في نهب المال هي الأشطر

وكان ختامها:

يا عاماً مَرَّ وطابعه

ذُلٌّ في المَظْهرِ والمخبر

داست صهيون كرامتنا

وبقينا بالشكوى نجأر

أَوَ ما في الأفق سنا أَملٍ

بربيع مُخضلٍّ أخضر؟

وأباةُ سيف عزائمهم

يجلو أدران من استكبر؟

سَيفٌ للأُمَّة مَسلولٌ

يَستأصل شأنها الأبتر؟

بعد عام من نشر تلك القصيدة هَبَّ الشعب المصري العظيم ضد ذلك الحاكم في إطار ما سُمِّي بالربيع العربي. وإذا كان شهر رمضان قد شهد انتصارات لأُمَّتنا عبر تاريخها الماضي فقد شهد تاريخها المعاصر شيئاً من تلك الانتصارات كما حدث في رمضان عام 1393هـ حين أثبت المقاتل العربي عظمته على الجبهتين المصرية والسورية وإن كان قد حال دون جني ثمار تلك العظمة من حال من الساسة. وفي شهر رمضان، العام الماضي، أزيح كابوس من كوابيس الظلم والجبروت المُتمثِّل في القذافي. وبوادر إزاحة كابوس آخر من هؤلاء الحكام، الذين ظَلَّت أسرته تحكم سوريا أكثر من أربعة عقود، تبدو في الأفق بعون الله المنتصر للمظلومين.

 

رمضان شهر انتصارات لأُمَّتنا المسلمة
د.عبد الله الصالح العثيمين

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة