ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Wednesday 25/07/2012 Issue 14545 14545 الاربعاء 06 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

إسرائيل أقرب إلى جمهوريات الموز

رجوع

 

نير إيزيكوفيتش

بعد تبرئته من اتهامات الفساد أصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق إيهود أولمرت في وضع جيد للعودة إلى الحياة السياسية من جديد. وإذا عاد أولمرت، فإن النقاش السياسي في إسرائيل سيتغير، حيث سيتجدد التركيز على القضية الفلسطينية.

والحقيقة أن تبرئة أولمرت من أغلب تهم الفساد التي وجهت إليه تجعل من يوم 10 يوليو وهو يوم صدور حكم البراءة لحظة مهمة بالنسبة للدولة الإسرائيلية وللمنطقة ككل.

في الوقت نفسه فإن تبرئة أولمرت من اثنين من أهم الاتهامات التي وجهت إليه تنسف مصداقية الادعاء العام في إسرائيل. وهذا هو ما يفسر الكلمات القاسية التي وجهتها المحكمة بشأن مصداقية ونزاهة شاهد الإثبات ضد أولمرت. الآن فإن الكثيرين من الإسرائيليين يتعجبون من السهولة التي وجه بها المدعي العام الاتهامات إلى أولمرت ليلقي بالبلاد كلها في دوامة من الفوضى استنادا على مثل هذه الشهادة.

أيضا فإن هذه البراءة يمكن أن يكون لها تأثير سلبي على استعداد النائب العام للتحقيق في قضايا الفساد السياسي في المستقبل. ومن الناحية الدستورية فإن الحكم القضائي الأخير أحيا الدعوات إلى مراجعة سلطات النائب العام بما في ذلك إمكانية تقسيم هذه السلطات بين عدة هيئات قضائية مختلفة أو إنشاء مكتب جديد مستقل يتولى مراقبة ومراجعة قرارات مكتب النائب العام.

وبطريقة أو بأخرى فإن ما كان يعد قبل أربع سنوات أمرا مثيرا للإعجاب بالنظام القضائي الإسرائيلي وسيادة القانون التي تتيح التحقيق وتوجيه الاتهام إلى رئيس الوزراء الموجود في السلطة، أصبح الآن أمرا يدعو إلى السخرية ويجعل إسرائيل أقرب إلى جمهوريات الموز حيث تمت الإطاحة برئيس وزراء من السلطة في توقيت حرج للغاية بالنسبة للبلاد اعتمادا على دليل ملفق بصورة مؤكدة.

ولكن التداعيات الأكثر أهمية لقرار المحكمة هي التداعيات السياسية. فقد كان أولمرت صاحب أشمل اقتراح قدمته حكومة إسرائيلية لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي. فقد عرض أولمرت عام 2007 على الرئيس الفلسطيني محمود عباس ليس فقط العودة إلى حدود عام 1967 مع مبادلة بعض الأراضي بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وكذلك السماح بعودة عدد رمزي من اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وإنما عرض أيضا وهو الأهم تقسيم القدس وتكوين إدارة دولية يشارك فيها الفلسطينيون والإسرائيليون والأمريكيون والأردنيون وأطراف أخرى للمناطق المقدسة في المدينة.

وفي مذكراتها ذكرت وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة كونداليزا رايس أنها أعجبت جدا بهذه الأفكار وقالت إن رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق رابين اغتيل على يد متطرف يهودي بسبب عرضه لتنازلات أقل كثيرا مما عرضه أولمرت.

حكم المحكمة ربما يفتح الطريق واسعا أمام عودة أولمرت إلى السياسة الإسرائيلية، لكن عودته الكاملة مازالت تتوقف على إنهاء قضية أخرى متهم فيها بالحصول على رشاوى مقابل الموافقة على مشروعات سكنية عندما كان عمدة لمدينة القدس. كما أن عودته تتوقف على ما إذا كان القضاة الذين نظروا القضية يرون أن الاتهامات البسيطة التي أدين بها لا تمثل عقبة أمام هذه العودة. ومن المقرر صدور الأحكام النهائية في هذه القضايا في سبتمبر المقبل.

والحقيقة أن هذه العوائق ليست مهمة على الإطلاق. فالقضية المتعلقة بالرشاوى تستند إلى شهادة شاهد أقل مصداقية من الشاهد في القضية الأساسية التي حصل فيها على البراءة. ووفقا لصحيفة هاآرتس الإسرائيلية فإن أولمرت قال لبعض المقربين منه قبل قليل من صدور حكم البراءة إنه أفضل مرشح لمعسكر الوسط لمنصب رئيس وزراء إسرائيل. وقد شهد تاريخ إسرائيل عددا من الشخصيات التي تولت السلطة ثم خرجت منها «بصورة دائمة» قبل أن تجد نفسها مرة أخرى في مركز القيادة مثل ديفيد بن جوريون وإسحاق رابين وإيهود باراك. والآن فإن أولمرت في موقف جيد للغاية لكي يعود إلى المشهد السياسي. فالتيار الليبرالي من الشريحة العليا للطبقة الوسطى في إسرائيل سيدعمه باعتباره السياسي الإسرائيلي الذي قدم أشجع مشروع لتحقيق السلام مع الفلسطينيين. والتيار اليميني من أبناء الطبقة الوسطى والطبقة العاملة الذين يشعرون عادة بالسخط على السياسيين المرفهين من مدخني السيجار سينظرون إليه باعتباره ضحية للمؤسسة الحاكمة دفع حياته السياسية ثمنا لممارسة «عصابة سيادة القانون» في إسرائيل. والحقيقة أن طريق عودة أولمرت إلى زعامة حزب كاديما المعارض ممهدا. كما يمكنه إقامة تحالف سياسي مع واحد من أهم شخصيات تيار الوسط في إسرائيل حاليا وهو صديقه الصحفي والشخصية الإعلامية بالبارزة يائير لبيد. فقد أسس لبيد مؤخرا حزبا سياسيا باسم «ييش أتيد» الذي يركز برنامجه على تحسين الرعاية الصحية وتوفير المساكن بأسعار مقبولة وتحسين التعليم العام والنظام الحكومي وغيرها من القضايا التي تهم القطاع العريض من الطبقة الوسطى.

إذا عاد أولمرت إلى السياسة ستتغير طبيعة النقاش السياسي في إسرائيل بعد أن فرض رئيس الوزراء بنيامين نتينياهو قضايا المواجهة مع إيران وتجنيد اليهود المتدينين في الجيش الإسرائيلي على ساحة النقاش.

سيعيد أولمرت تركيز إسرائيل على الملف الفلسطيني. وسواء استطاع أولمرت هزيمة نتنياهو في الانتخابات العامة المقبلة، فإن مجرد عودته ستمثل هزة كبيرة للمشهد السياسي الإسرائيلي وسيجعل نتنياهو في أسوأ الظروف يواجه خصما عنيدا في الانتخابات ويفرض عليه مناقشة مجموعة أكبر من القضايا السياسية.

وربما أصبح الوقت مناسبا تماما لإنهاء ملف ينطوي على قدر كبير من النفاق. ففي إحدى زنازين سجن حارديم بالقرب من تل أبيب يقبع زعيم سياسي آخر وهو الزعيم الفلسطيني مروان البرغوثي. وهو على عكس أولمرت مدان بجرائم الإرهاب والقتل وصدرت ضده خمسة أحكام بالسجن مدى الحياة. لكن الحقيقة أيضا تقول إن هناك العديد ممن حصلوا على جوائز نوبل للسلام تورطوا في عمليات قتل وإرهاب أكثر مما تورط فيها البرغوثي.وبقدر من التفاؤل والنظرة الصائبة ممكن أن نتخيل رئيس وزراء المستقبل إيهود أولمرت وقد أصدر قرارا بالإفراج عن البرغوثي والتوصل معه إلى اتفاق سلام. إن الإسرائيليين والفلسطينيين في حاجة إلى دي كليرك ومانديلا الخاصين بهما. هذان الزعيمان هما فريدريك دي كليرك رئيس النظام العنصري السابق في جنوب إفريقيا ونيلسون مانديلا زعيم نضال السود ضد النظام العنصري والسجين في سجون حكومة دي كليرك اللذان توصلا إلى اتفاق تاريخي أنهى التفرقة العنصرية في جنوب إفريقيا وحقق السلام للجميع.

وربما جاءت براءة أولمرت لكي تحيي الأمر في الوصول إلى هذه اللحظة.

(*) أستاذ الفلسفة القانونية والسياسية في جامعة سوفولك الأمريكية (كريستيان ساينس مونيتور) الأمريكية

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة