ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 26/07/2012 Issue 14546 14546 الخميس 07 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الثقافية

 

الثقافة يا وزارة الثقافة
فيصل أكرم

رجوع

 

منذ تأسيس المملكة العربية السعودية ووزارة الإعلام فيها من أنجح الوزارات وتقوم بأداء دورها على الوجه الأكمل، على الصعيد الرسمي الإخباري والسياسي والاجتماعي، حتى على الصعيد (الثقافي) لم تكن وزارة الإعلام مقصرة أبدا، بل كانت على الحياد تماماً، لا تضايق أديباً مبدعاً ولا تفرض منسوبيها أو منسوبي المؤسسات القائمة تحت إشرافها وتكرّسهم على حساب الثقافة والأدب والإبداع.

ذلك كان الحال مع (وزارة الإعلام)، وحين تم إنشاء وزارة (الثقافة) وألحقت بالإعلام لتصبح (وزارة الثقافة والإعلام) باركنا تلك الخطوة ورأينا ثمراتها، بخاصة عندما تولى وكالة الوزارة للشؤون (الثقافية) الدكتور المثقف عبدالعزيز السبيل، فكان لمعارض الكتب تنظيم وانتظام كنا نطمح إليه منذ زمن، وكان لدعم المؤلفين السعوديين التقدير الذي لمسناه ليس مادياً - بل تم تقنينه مادياً بشكل معقول - ولكنه الدعم الثقافيّ حين أصبحنا نرى الكتب التي تشتريها الوكالة من مؤلفيها تعرض في مهرجانات دولية وتعطى كهدايا لضيوف المملكة من المثقفين، بعد أن كنا في أزمنة مضت نبيع نسخاً من مؤلفاتنا لوكالة الإعلام الداخلي ونسلّمها لمستودعات الوزارة، ثم لا نعرف أبداً أين تذهب تلك الكميات؟!

كل شيء صار حسناً حتى وقت قريب، حين اختلطت الأمور أو ازدادت عن حدها حتى لم تعد تترك مجالاً للمثقف أن يكون مثقفاً، ولا للأديب أن يكون أديباً، ولا للمبدع أن يكون مبدعاً يتقدم الصفوف بحرية من أمامه ودعم من وراءه كما كان سابقاً، إذ أصبحت (الأندية الأدبية) بانتخاباتها واستقالاتها ومخصصاتها هي الشغل الشاغل للوسط الثقافي وتحول عدد ضخم من المثقفين والأدباء - أو من كنا نحسبهم كذلك - لمتخصصين في الكتابة عما يحدث في أروقة الأندية الأدبية، وصار كل من ينضمّ كعضو في أحد الأندية أديباً وشاعراً حتى لو لم يكن يجيد كتابة سطرين، فبمجرد أنه عضو مجلس إدارة في ناد أدبي - وما أكثر أعضاء تلك المجالس المكتظة! - فهو بالضرورة أديب وشاعر!

حتى هنا والأمر بالنسبة لي لا يدعو إلى أيّ قلق، ولا أرى له أيّ تأثير حقيقيّ على مسيرة المثقف أو الأديب أو الشاعر الحقيقيّ، ولكن النشاط يزداد ويتزايد بين منسوبي (وزارة الثقافة) فصرنا نرى منهم بين فترة وأخرى كتباً في مجلدات تضم مختارات من أعمال (رموز) الأدب في بلادنا - بحسب وصفهم! - وحين نتصفحها نجد أنها تضم جميع منسوبي الأندية الأدبية أو وزارة الثقافة، فهم وحدهم الأدباء والشعراء، ومن يظلّ يحلّق بمنأى عن تلك الدائرة فهو بنظرهم غير مثقف وغير أديب وغير شاعر حتى وإن كان أحد أهم الأسماء الأدبية والشعرية في العالم العربي كله!

إلى أين تذهب بالثقافة وزارة (الثقافة)؟ حتى مسألة الدعم المتمثل في شراء نسخ من كتب المؤلفين السعوديين، بمجرد وصول نسخة من الكتاب (الجيّد) إلى الوزارة، وقد كنتُ ربما الوحيد الذي بارك تطورها على يد الدكتور السبيّل، وكتبتُ عن ذلك بعد استقالته حتى لا يتهمني أحدٌ بما ليس من آدابي.. أرى لجنتها الآن أبدعت في صياغة بنود كثيرة جداً تملأ كراسة من ست صفحات اسمها (استمارة عرض كتاب للشراء) وأكاد أجزم أن أحداً لن يستطيع تعبئة تلك الاستمارة والإجابة عن كل أسئلتها وهو يرتدي قناعة الأديب أو المثقف أو المبدع المنتج - ولن أقول كرامته - بل لا بد أن يتصوّر نفسه متقدماً إلى (وظيفة) ليصبح أحد منسوبي وزارة الثقافة حتى يقوم بذلك العمل الذي يشبه امتحانات الالتحاق والقبول في الوظائف (!) والسؤال المزدوج الذي خطر ببالي وأنا أتصفح تلك الاستمارة: هل لا تزال وكالة الوزارة للشؤون الثقافية تعتمد شراء الكتب لتظهر الوجه الحقيقي لقيمة ومستوى منتجنا الثقافيّ والأدبيّ؟ أم هي باتت لا تريد إلاّ أن تفتح باباً جديداً لكل من لا علاقة له بشيء من الثقافة والأدب أن يصدر أي شيء سريعاً ومن ثم يسهر على تعبئة تلك الاستمارة العجيبة ليفوز بالمبالغ التي توزع بالتساوي على كل صاحب (كتاب) أياً كان، وليكرر العملية ويحصل على (المعلوم) تماماً كأنها مسابقات للتسلية والربح؟

سنتقبل ونتفهم ذلك لو أن المسألة ستنتهي عند التسلية والربح، ولكنها ستصل إلى تشكيل صورة لوجهنا الثقافيّ الذي نطمح أن يكون مفخرة لنا عند من تصلهم تلك الكتب.

أقولُ لأحبتي في وزارة (الثقافة) وفي (وكالة الوزارة للشؤون الثقافية): أرجو أن تعيدوا النظر في الدور الذي تحتاجه منكم الثقافة، وإن كان لديكم من النشاط ما يفوق المأمول منكم فأرجو استثماره فيما يخدم الثقافة فعلاً لا ما يعرقلها ويسبب إحباطاً حقيقياً لأهلها الحقيقيين، كأن تعملوا على الرصد الحقيقي - الذي طالبتُ به أكثر من مرة - يقوم به باحثون محترفون، بشرط أن يكونوا غير متوهمين أنهم شعراء أو أدباء (!) يجمعون لكم ولمتابعي الحركة الثقافية لدينا قائمة بأسماء الذين استحقوا عن جدارة صفة مثقف أو أديب أو شاعر، والقيمة الحقيقية التي تكمن في إنجازاتهم، والتقدير الذي يحظى به منتجهم الفكريّ عند كبار أهل الثقافة والأدب في كل مكان من العالم، ومن ثم ستجدون كم أنتم كنتم تضيّقون عليهم وتعطون مستحقاتهم لغيرهم من منسوبي الوزارة..!

هل تريدون أن نطلق على وزارة الثقافة صفة: (وزارة منسوبي الوزارة)؟!

الكلام يطول إن أردت الشرح بالتفصيل، فمن الأفضل أن أختم: رمضان كريم.

ffnff69@hotmail.com
 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة