ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Thursday 26/07/2012 Issue 14546 14546 الخميس 07 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

 

الصبر وما فيه من الثواب والأجر
عبد الرحمن بن محمد بن إبراهيم الريس

رجوع

 

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله أجمعين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد...

إخواني: اعلموا أن الصَبْرَ خَصْلَةٌ محمودة، وسَجِّيةٌ مرغوبة، وخُلُقٌ فريد، جميلُ العواقب، حميدُ الآثار، جَمَّ الفوائد، وكريمَ العوائد، يعطي المسلمَ فرصة يُفَكِّرُ فيها بما ينفعه، ويتروَّى في أمرهِ فلا يَقْدُمُ إلاَّ على ما هو محقَّقُ النَّفْعِ ومأمونُ النتيجة.

فالصبر المحمود في الشرع ينير لك الطريق، ويهديك للخير، ويكون نوراً وضياء ونبراساً يوضح لك معالم الأمور، فعن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الطهور شطر الإيمان، والحمد لله تملأ الميزان، وسبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض، والصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء، والقرآن حجة لك أو عليك، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).

والصبرخصلة من خصال البر، وقد أثنى الله تعالى على الصابرين في حال الفقر والحاجة، وفي حال المرض والسقم، وفي حال القتال، فقال سبحانه: {وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} (البقرة177).

قال ابن كثير رحمه الله : والصبر من صفات عباد الرحمن التي استحقوا بها الجنة العالية، ولقوا فيها التحية والسلام، قال تعالى: {أُوْلَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَاماً خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماًْ} (الفرقان 75-76).

واعلموا رحمكم الله أن المسلم عندما يتحلى بهذا الخلق فهو يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي صبر وصابر على أذى قومه في سبيل تبليغ دعوة الله تعالى، حتى إنهم وضعوا سلى الجزور على رأسه الشريفة، ووضعوا على رأسه التراب وهو راكع، ووضع عقبة ابن أبي معيط ثوبه في عنق النبي صلى الله عليه وسلم فخنقه خنقاً شديداً وهو يصلي في حِجْر الكعبة، فأقبل أبو بكرٍ حتى أخذ بمنكبه ودفعه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال: (أتقتلون رجلاً أن يقول ربي الله) وأُخرج النبي صلى الله عليه وسلم من بلده مكة، وضُيِّقَ الخناق على دعوته وعلى أتباعه، فذهب إلى الطائف علَّه يجدُ مَنْ يؤمن برسالته، لكنَّ سفهاء الطائف وصبيانهم قذفوا النبي صلى الله عليه وسلم بالحجارة بتسليط من كبرائهم حتى أدموا عقبيه، ومع ذلك كله صبر وصابر صلوات الله وسلامه عليه.قال خباب بن الأرت رضي الله عنه شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو الله لنا فقال: (قدكان في الذين من قبلكم، يؤخذ الرجل فيحفر له حفرة في الأرض فيجعل فيها، فيُجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، ما يصده ذلك عن دينه، والله لَيُتِمَّنَّ الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف إلا الله والذئب على غنمه ولكنكم تستعجلون).

(فيا من انتابته الأمراض وتنوعت عليه الأوصاب، اذكر ما جرى لأيوب عليه السلام وكيف أثنى الله عليه بالصبر وحصول الزُّلْفى حيث قال: {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ} (ص44).

ويا من فَقَدَ سمعه أو أخذ الله عينيه: أما علمت أن الله لا يرضى بعوض سوى الجنة لمن صبر حين يأخذ حبيبتيه، ويا من فجع بأحبته وقرة عينه وأولاده أما علمت أن من حمد واسترجع بنى الله له بيت الحمد في دار كرامته، وكان زيادة في إيمانه، وثقلاً في ميزانه، وأن من مات له ثلاثة من الولد أو اثنان أو واحد فصبر واحتسب كان حجاباً له من النار، ورفعةً له في دار القرار، أما سمعت أن من صبر على الفقر والجوع والخوف ونقص الأموال والأنفس والثمرات فإن له البشارة بالهداية والرحمة من ربه والثناء والصلوات، ويا من أصيب بآلام أو جروح أو أمراض تعتري بدنه وتغشاه، أما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يصيب المؤمن من همٍ ولا غمٍ ولا أذى حتى الشوكة يشاكها إلا كَفَّرَ الله بها من خطاياه) وقوله عليه الصلاة والسلام: (عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير: إن أصابته سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له، وليس ذلك إلا للمؤمن).فعليكم إخواني بالصبر على ما أصابكم والاحتساب، فإن ذلك يخفف المصيبة، ويجزل لكم عند ربكم الثواب، ألا وإن الجزع يزيد في المصيبة، ويحبط الأجر، ويوجب العقاب.

فيا سعادة من رضي بالله رباً فتمشى مع أقداره بطمأنينةِ قلبٍ وسكون، وعَلِمَ أن الله أرحمُ به من والديه، فلجأ إليه، وأنزل به جميع الحوائج والشؤون.

همسة

قال الإمام الشافعي رحمه الله:

وَلَرُبَّ نازلةٍ يضيق لها الفتي

ذرعاً وعند الله منها المخرج

ضاقت فلما استحكمت حلقاتها

فُرِجَت وكنت أظنها لا تفرج

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

* الإدارة العامة لتطوير الخطط والمناهج بوكالة الجامعة لشئون المعاهد العلمية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

a.m.alrayes@hotmon.com
 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة