ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 27/07/2012 Issue 14547 14547 الجمعة 08 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

ظهرت فكرة (تصدير الثورة) لدى الملالي الإيرانيين عقب نجاح ثورتهم الشعبية عام 1979م بزعامة الخميني، مستشعرين حجم قوتهم ومكمن قدرتهم بعد إطاحتهم بنظام الشاة، الذي ُيعد من أعتى أنظمة منطقة الشرق الأوسط، معتقدين أنه بإمكانهم وضع الأنظمة العربية وبالذات الخليجية تحت العمامة الفارسية.

...خاصة ً أن ثورتهم التي فاجأت العالم قد نالت زخماً إعلامياً غير عادي، وحققت في بداية أمرها تأييداً جماهيرياً على مستوى العالم الإسلامي، الذي لم يلبث أن راح في التراجع بعد اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، لكن الإيرانيين استعادوا توازنهم الذي فقدوه خلال تلك الحرب بعد كارثة غزو الكويت عام 1990م، من قبل نظام صدام محدثاً صدعاً في بنيان التضامن العربي، فكانت الفرصة السانحة لملالي طهران في العودة إلى المنطقة العربية والتصالح مع شعوبها بورقة دعم (المقاومة) في فلسطين ولبنان، ثم جاءت الفرصة الذهبية الكبرى وهي أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م، للتصالح مع الغرب والعمل تحت الطاولة، وبالذات مع الولايات المتحدة الأميركية حتى وإن ردد الغوغاء من شعبها (الموت لأميركا)! فكانت النتيجة إسقاط أهم عدوين لإيران، حركة الطالبان السنية السلفية بأفغانستان، ونظام صدام البعثي القومي في العراق من قبل قوات التحالف الدولي بقيادة أميركا، ما مكن الإيرانيين من التحكم في الحكومة المركزية ببغداد، وبالتالي تشكل لإيران (الهلال الصفوي)، الذي يبدأ من طهران، مروراً ببغداد ودمشق، وينتهي في بيروت. وهو الحلم الذي راود إسماعيل الصفوي وحاول تنفيذه فاصطدم بالعثمانيين.

ثم جاءت ثورات الربيع العربي التي اعتقد الإيرانيون أنها فرصتهم التاريخية لبناء تحالفات في أنظمة كانت ضدهم تمهيداً لابتلاعها، من خلال اللعب على وتر مبادئ الحق والحرية والديمقراطية لدغدغة عواطف شعوبها، فأيدوها بقوة، خاصةً أنها أطاحت بخصومهم في تونس ومصر، وجعلت لهم صوتاً مسموعاً في البحرين! غير أن ما فات على الإيرانيين أن مدّ تلك الثورات قد يصل سواحل بلدان حليفة لهم وتحديداً سوريا، التي اندلعت فيها الثورة المباركة ضد نظام الأسد الحليف الإستراتيجي والمحور المهم لإيران في المنطقة العربية ! هنا اختلف الخطاب السياسي وتغيرت التصريحات الإعلامية، سواءً من قبل الإيرانيين أو عملائهم في المنطقة، وعلى رأسهم حسن نصر الله أمين حزب الله في لبنان، الذي ظهر من أشد الناس تأييداً لما أسماه الثورة البحرينية عندما كانت سوريا هادئة! وبعد أن التحقت ثورتها في منظومة الثورات العربية، راح يقلل منها ولم يسمها بذلك، رافضاً كل مظاهرات واحتجاجات الشعب السوري، وأن ما حدث مجرد بضع قتلى وصدامات أو كما يقول (شوية مصابين ومصادمات)! داعياً إلى قبول ما طرحه بشار الأسد من خطوات إصلاحية، لقطع الطريق - كما يزعم - على أميركا وإسرائيل اللتين تريدان تدمير سوريا، كونها درع المقاومة ومحور التصدي للمشروع الصهيوني إلى غير ذلك من ترهات!

غير أن السقوط المريع لخطاب حسن نصر الله كان بعد التفجير، الذي وقع في (خلية الأزمة)، وراح فيه أبرز رؤوس نظام الأسد، الذين أسهموا بشكل مباشر في وضع خطط القتل والتعذيب والاعتقال بحق أبناء الشعب السوري منذ اندلاع ثورته، ناهيك عن المجازر المروعة التي لم يسلم منها الأطفال في الحولة والتريمسة وغيرها!

والمفارقة أن يأتي خطاب نصر الله متزامناً مع ذكرى حرب تموز 2006م! متناسياً كل خطبه المنبرية وتصريحاته الإعلامية عن حق الشعوب في الحرية والعيش بكرامة ودفع الأذى.

لقد كشف نصر الله أن (المقاومة) التي طالما تغنى بها أنها مجرد (أكذوبة) وغطاء سياسي لمشروع (صفوي) انكشفت ملامحه، كونها تفتقر لأبسط أبجديات الحق الإنساني في الحياة، عندما يخلو خطابه (المرتبك) عن أية إشارة لشهداء الثورة، متباكياً على رؤوس الإجرام في نظام العبث! فأية مقاومة هذه التي تبكي على الجلاد وُتدين الضحية؟ أية مقاومة هذه التي تتعامل بانتقائية فتسمي ما يجري في البحرين ثورة! وما يجري في سوريا خروج على النظام؟ أية مقاومة هذه التي تؤيد نظام يرتكب المجازر، التي طالت حتى الأطفال ولا تختلف عن إجرام عدو تزعم أنها تحاربه وانتصرت عليه؟ أية مقاومة هذه التي تشيد بنظام لم يطلق رصاصة واحدة على العدو الإسرائيلي وتسميه درع المقاومة وحاميها.

الحقيقة أنها لم تكن مقاومة شريفة نظيفة تتمتع بالقيم الإنسانية وذات هدف محدد هو حماية (لبنان)، بقدر ما كانت أداة في المشروع الإيراني الصفوي، الذي يستهدف المنطقة العربية بابتلاع (العراق وسوريا ولبنان) تمهيداً للسيطرة على الخليج.

kanaan999@hotmail.com
تويتر @moh_alkanaan
 

حسن نصر الله وسقوط خطاب المقاومة!
محمد بن عيسى الكنعان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة