ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 27/07/2012 Issue 14547 14547 الجمعة 08 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

صحافة العالم

 

!عنان.. كبير مهرجي الدبلوماسية العالمية

رجوع

 

سيمون كنت :

الحرية لا لون لها، كما أنها لا تحمل طعمًا أو رائحة أو صوتًا، ولكن عندما يلتقي بها الناس للمرة الأولى فإنهم يعلمون بالضبط ماهيتها، ويهرعون بشغف لتبنيها ونيلها، ولقد رأينا ذلك مؤخرا في ليبيا لأول مرة منذ عام 1964 بعد أن ذهب الناخبون إلى مراكز الاقتراع وأدلوا بصوتهم لتشكيل المجلس الوطني المكون من مائتي عضو، وهذا شيء كان يفعله الكنديون على المستوى الفيدرالي منذ عام 1867.

لقد صوت ما يقرب من 2.9 مليون ليبي، أو 80% من عدد الناخبين المؤهلين للتصويت المسجلين في الانتخابات للاختيار من بين ثلاثة آلاف مرشح طرحوا أنفسهم للاستفتاء الشعبي. وقد حظي الليبيون بتلك الفرصة بفضل الإطاحة بالعقيد معمر القذافي، وهو ما ساعدت فيه قوات النيتو التي قامت بحماية الثوار آنذاك في معاركهم ضد نظام الديكتاتور الليبي.

لقد كانت مهمة للنيتو لعبت فيها كندا دورًا قائدًا واشتركت في تنفيذ المهام بحرًا وجوًا، وكانت قد فعلت الشيء نفسه في البلقان في تسعينيات القرن الماضي، وهو ما أدى في النهاية إلى هزيمة القوات الصربية في يوغوسلافيا السابقة.

وقد نجحت كلا العمليتين للنيتو لأن الأفعال دعمت الكلمات، وكان تعتمد على القوة وليس على محض حديث مستمر داخل أروقة الأمم المتحدة، والتركة التي خلفوها وراءهم كانت المؤسسات الديمقراطية وحكم القانون (بالرغم من أنها لا تزال في أيامها الأولى في الحالة الليبية).

هل الديمقراطية من النوع الذي يتمتع بها الكنديون هي سلعة يمكن تصديرها؟ الإجابة هي نعم يمكن ذلك إذا ما دعمتها الأفعال، أما إذا صاحبها محض كلمات وعبارات جوفاء فلن تجني الأمم المتحدة سوى الفشل الذريع، وستذهب كل مناشدات كوفي عناء هباء بالرغم من سعيه لوقف القتل في سوريا، فقد عمل كوفي عنان في معظم الفترات الأخيرة من حياته كموظف إداري محترف، بدأ عمله مع منظمة الصحة العالمية، ثم انتقل بعد ذلك إلى الأمم المتحدة، ثم تقلد السكرتير العام السابق للمنظمة الدولية في 23 فبراير 2012 منصب المبعوث الخاص للأمم المتحدة وللجامعة العربية لدى سوريا، بصلاحيات فورية لوقف القتل، ولكن منذ ذلك الحين فإنه لم ينجز شيئًا تقريبًا، فقد قتل في تلك الشهور الدموية الخمسة أكثر من 12 ألف شخص على يد القوات السورية الموالية للرئيس بشار الأسد، وكل ذلك يؤكد على أن كوفي عنان ما هو إلا كبير مهرجي الدبلوماسية العالمية وممثلها الأكبر.

بعد كل ذلك الحديث، والمصافحات المخلصة، والثرثرة المستمرة بشأن «إحراز تقدم» و»التوصل لاتفاق»، ظل القتل مستمرًا، وسوف يستمر لأي فترة قادمة تستمر فيها الأمم المتحدة ووكالاتها في الحديث واسترضاء السوريين، فقط بمجرد الكلمات.

في أحد الأيام عنان يزور دمشق، وفي اليوم التالي يزور طهران، مع توقف في بغداد أثناء الطريق، وبعد هدوء قصير يكون في جنيف، ثم بعد ذلك يعود إلى مقار الأمم المتحدة في نيويورك، دائمًا كلمات في كلمات، دائمًا ما يكون هو الدبلوماسي، ودائمًا ما يكون هو الفاشل، ولكن ضعفه ذلك لا يجسد سوى العجز الإداري والهيكلي للأمم المتحدة وعدم قدرتها على منع القتل الذي ترتكبه الدولة السورية، حتى بالرغم من أنه يتم مباشرة أمام ما يسمى بـ»مراقبي السلام».

وهنا يجب تحميل المسئولية للأمم المتحدة، ليس فقط بسبب سوريا، ولكن أيضًا بسبب رد فعلها العاجز أمام مذابح رواندا عام 1994 عندما قتل أكثر من 800 ألف شخص كانوا في ظل الحماية الأممية آنذاك، كما وقفت الأمم المتحدة عاجزة مرة ثانية عندما وقعت مذابح جماعية لسكان سربرنيتشيا عام 1995، والتي تصادفت ذكراها الأسبوع الماضي، ثم جاءت مذبحة دارفور التي اندلعت عام 2003 وحصدت 400 ألف نفس وهجّرت أكثر من مليوني ونصف مليون شخص في ذلك الركن المظلم من القارة الإفريقية.

والعنصر المشترك في كل تلك المآسي الثلاثة كان كوفي عنان، فمن 1993 وحتى 1995 كان يعمل كمدير لعمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ثم بعد ذلك عمل كسكرتير عام للمنظمة من ديسمبر 2006، والآن عاد ليكون المبعوث الخاص للأمم المتحدة لدى سوريا، حيث كان يمثل أملاً لكل الأشخاص الذين لقوا حتفهم في النهاية. ولا أحد ولو للحظة يتهم عنان بتشجيع القتل طواعية، إنه فقط غير مناسب لمهمة وساطة السلام.

الوقت الآن قد حان ليفكر النيتو في بعض أشكال التدخل العسكري، حتى لو كان ذلك في السماء السورية، لأن الأمم المتحدة بصورة عامة، وكوفي عنان بصورة خاصة يشكلان معًا ثنائية غير كفأة، ومن الواضح أنها غير مناسبة لتحقيق السلام.

*(تورنتو ستار) الكندية

 

رجوع

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة