ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Saturday 28/07/2012 Issue 14548 14548 السبت 09 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

وجهات نظر

      

بنظرة ثاقبة إلى أهداف التعليم بالمملكة، نجد أن هذه الأهداف تنطلق من الحرص على تعميق العقيدة الإسلامية التي تقوم عليها حياة الأمة لهذه البلاد الطاهرة، من أجل أن يؤدي وظيفته في إيجاد جيل راسخ الإيمان، مثقف القلب، قابل للتضحية والفداء في سبيل الأهداف والغايات الكبيرة في الحياة. لذا، فإنَّ أهداف التعليم في بلادنا العزيزة مرسومة في مناهجها التي نستمدها من قيمنا وتراثنا المجيد، فهذه الأهداف الراقية أعطت صورة عالية ومتقدمة، إلا أن الواقع على الأرض لا يسير بشكل كامل وفقاً لهذه الأهداف، مما جعلنا نطرح هذا السؤال: مَنْ هو المسؤول عن ضعف التعليم والثقافة والجانب العلمي بين أجيالنا؟

هل هو مسؤولية التمويل الحكومي للتعليم، أم هو عدم اهتمام الدولة بالتعليم والاهتمام بأجيالنا؟

الإجابة: لا والله، فالدولة تبذل وبسخاء وهي حريصة كل الحرص على بناء جيل متعلم قادر على تحمل المسؤولية، لأنها ترى -وبكل وعي- أن التعليم بجميع مستوياته العام والجامعي يلعبان دوراً محورياً في التطور الاقتصادي والاجتماعي للدولة.

فهي تنظر إلى التعليم الجيد بأنه يمثل قاعدة تأسيسية واجتماعية وثقافية واقتصادية، من أجل بناء دولة قوية قادرة على الحفاظ على أمنها واستقرارها ومواجهة التحديات، ومن خلال هذه النظرة الاستثمارية والإستراتيجية إلى التعليم والحرص على بناء جيل قوي يعتمد عليه في بناء هذا الوطن، لذا فإن الكرة في ملعب من أوكل إليهم مسؤولية التعليم على هذه الأرض المباركة لوطننا العزيز.

فالمجتمع بجميع فئاته يسمع ويرى أن هؤلاء المسؤولين يسمعوننا دائماً عن إبراز منجزات التعليم من حيث التطور الكمي وعدد المدارس والمدرسين والزيادة الرأسية في ميزانيات التعليم ونسبتها إلى الميزانية العامة وما إلى ذلك، والمعروف أن الإحصاء هو شكل لا يدل دائماً على المضمون، وأن العبرة في التعليم ليست في النواحي الكمية بل في آثار التعليم وماذا أضاف إلى الإنسان في فكره، وعقله، وتجاربه وثقافته. فهل نمى التعليم في إمكاناته العقلية والجسمية والعاطفية من هذه الإمكانيات في هذا الجيل من الناشئة؟ وهل أثر التعليم في تغيير اتجاهات المجتمع نحو ما هو مطلوب؟ ثم ما هي التحولات الاجتماعية والاقتصادية التي أحدثها التعليم؟ وما هي المجالات التي نجح فيها التعليم، والمجالات التي تعثر فيها، وما هو المردود الاقتصادي للتعليم في سنوات خطة معينة؟

ثم ما هي الانعكاسات الإيجابية والسلبية للظروف الاجتماعية والاقتصادية على التعليم؟ وما هي الظواهر التي تعوق مسيرة التربية؟ وما دور المناهج؟ وما مدى مناسبتها تربوياً؟ هذه الأسئلة وغيرها التي يفترض أن تشغل ذهن العاملين في التعليم إلى جانب الإحصاءات والتقارير واللجان والاجتماعات وغير ذلك. فالتعليم الهادف والمنتج هو الذي يؤمن أمن الدولة والمجتمع الذي يعتمد على قوة العلم والمعرفة والتطوير التكنولوجي الذي يهدف إلى قيام مجتمع صناعي زراعي حديث يساهم في توفير مقومات الحياة وحفظ كرامة الأمة من خلال تأكل مما تزرع وتلبس وتسير حياتها، مما تصنع وتوظف القوة الاقتصادية والعلمية من أجل ضمان أمن المجتمع وحمايته من كل تهديد. أما الضعف الثقافي فمع أن التعليم بنظامه ومناهجه التقليدية والشكلية سبباً أساسياً فيه، إلا أن البيت عامل أكثر أهمية من المدرسة في ضعف الثقافة العامة، حيث إن البيت السعودي في غالبه غير قارئ حتى ولو كان أهله متعلمين.

إن عادات القراءة والتعود عليها وجعلها جزءاً من حياة الإنسان نحتاج إليه، كما نحتاج إلى الطعام والشراب، وهي أمر مطلوب في عصرنا. ومع أن بعضهم يملكون مكتبات ضخمة في بيوتهم إلا أنها لا تعدو أن تكون جزءاً من (ديكور) البيت ومظهراً تفاخرياً ليس أكثر. ومع أن التقنية قدمت لنا نمطاً جديداً من الكتاب وهو الكتاب الإلكتروني وأصبح قريناً للكتاب بالنمط القديم، من أجل تحبيب القراءة للناس، لذا فإن الإنسانية في القديم والحديث لم تجد بديلاً من الكتاب كوسيلة ثقافية جادة لا لمعرفة مع ما استحدثه الإنسان من وسائل ثقافية عجزت كلها أن تقدم عشر ما يمكن للكتاب أن يقدمه.. إن ما يحز في النفس أيضاً بأن نجد علاقة طالب الجامعة بالكتاب ضعيفاً، حيث نجد أن حوالي 72% من طلاب الجامعة وعلى وشك التخرج لم يستعيروا كتاباً واحداً من مكتبة الجامعة طوال حياتهم الدراسية بالجامعة، وهذه النسبة جاءت من نتائج دراسة أجريت حول استعانة طلاب الجامعة بمكتبة الجامعة واستعارة الكتب منها، فليست هناك كارثة يمكن أن تلم بالشباب أكثر من ذلك، فالطالب ينشغل بالامتحانات الفصلية ويعتمد فيها على كتاب صغير أو مذكرات تغطي علماً قليلاً. والحقيقة أن الذي يطلع على تقسيمات مسارات بعض المواد في دليل الجامعة أو الانتساب يحس بمدى بساطة المناهج المعتمدة على فهارس الكتب المقررة. وكم أتمنى لو تجري جامعاتنا دراسة تقويمية شاملة لنظام الساعات المعتمدة وبالتالي إجراء دراسة مقارنة لنظام التعليم في الجامعات السعودية للوصول إلى أفضل نظام يمكن تطبيقه في الجامعات الحديثة، لأن التعليم في العالم المتقدم بمقاييس عصرنا يركز على جانب الثقافة العامة والتحصيل الذاتي أكثر من المعلومات التي تلقن للطالب في فصول الدراسة، فالطالب في تلك البلاد وفي المراحل جميعها يذهب إلى المدرسة ويعود دون أن يحمل في يده دفتراً أو كتاباً مقرراً إلا كتاباً يستعيره من المكتبة العامة في المدرسة، ومع ذلك فإنه يكتسب من العلم والمهارة والقدرات ما لا يكتسبه الطالب عندنا حتى يترك الدراسة، إذ ليس هناك نظام يعطل الثقافة أو يحارب العلم أكثر من النظام التعليمي الذي يثقل كاهل الصغار والكبار بالكتب التي يحملونها غدواً ورواحاً، والواجبات المنزلية المرهقة لأجساد الصغار وعقولهم والمحطمة لرغباتهم في العلم والتعلم

وللموضوع بقية..

Twhad-alfozan@yahoo.com
جامعة المجمعة - كلية التربية
 

مسؤولية مَن ضعف التعليم والثقافة والتخلف العلمي بين أجيالنا؟! 1-2
د. محمد بن أحمد بن عبدالعزيز الفوزان

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة