ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 30/07/2012 Issue 14550 14550 الأثنين 11 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

يُفاجئكَ ديبلوماسي أوروبي متقاعد، يُمضي بقية حياته في فيينا، بالتأكيد على أن إسرائيل اكتشفتْ، بعد فوات الأوان، أنها خسرت مغامرتها، لأكثر من عام ونصف العام، في الرهان على بقاء نظام الأسد، فسارعت، مُهرولة، إلى بناء جدار عازل على خطّ الهدنة، القائم،

بهدوء منقطع النظير، منذ العام 1974م، مع سورية، استعداداً لسقوط نظام الأسد ومجيء نظام، لن يدع خطّ الهدنة هذا هادئاً.

ثم يُدهشكَ هذا الديبلوماسي الأوروبي، على التوالي، بالقول إن نجاح الثورة السورية، الذي استسلمت له تل أبيب، قبيل أيام فقط، أماط اللثام عن عجز إسرائيل الصارخ، رغم مرور أكثر من ستين عاماً على قيامها، على فهمها الشعب السوري بخاصة، وسائر الشعوب العربية بعامة، مع أنها أقنعت واشنطن، طيلة الثلاثين عاماً المنصرمة، على أنها الأقدر والأوعى والأذكى والأبرع في معرفة ما يجري وما سيجري في المنطقة العربية.

يُعيد الديبلوماسي الأوروبي المتقاعد إلى ذاكرتكَ ما أعلنه بشار الأسد، قبيل أشهر من انفجار الثورة السورية، لصحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، عن أن الشعب السوري ليس مُهيأً للثورة، لأن صلته بالنظام صلة وثيقة.كما يُذكّركَ برسالة رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد والقابض على المصير الاقتصادي السوري، عبر صحيفة “النيويرك تايمز”، الأمريكية أيضاً، إلى النظام الإسرائيلي، بأن أمن هذا النظام مرتبط باستقرار النظام العلوي في دمشق، بُعيد فترة بسيطة من تفجّر الثورة السورية.

يُفسّر الديبلوماسي الأوروبي تصريح الأسد المُوجّه للدوائر الأمريكية ورسالة مخلوف إلى النظام الإسرائيلي، بأنهما نتيجتان بديهيتان لتفاهم إسرائيلي سوري، يعتبره الديبلوماسي الأوروبي أعمق من تحالف النظام السوري مع النظام الإيراني، الذي وثق حينها بمضامين هاتين الرسالتين، ومضى في طريقه إلى مغامراته المريضة في زعزعة أمن واستقرار دول الخليج العربي، رغم أن أوساطاً في النظام الإيراني حذَّرت، وما زالت تُحذّر، المرشد الخامنئي، من خطورة مضاعفات الثورة السورية، وذهبت إلى نصحه بأن يُكرّس النظام الإيراني جهوده وطاقاته لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه من النظام السوري. لكن خامنئي طمأن ناصحيه بأن نجاح نظام الأسد في سحق “المؤامرة الأمريكية الصهيونية “ الكونية، هو بشير صاعق بظهور المهدي الذي ينتظره ويُهيئ له نظام ولاية الفقيه في إيران.

يعتقد الديبلوماسي الأوروبي أن لا إسرائيل ولا إيران ولا الولايات المتحدة ولا روسيا، ولا النظام في سورية بشكل خاص، توقّع اندلاع الثورة السورية، بل وحتى قبيل ثلاثة أشهر لم يتوقّع هؤلاء جميعاً أن تذهب الثورة السورية إلى ما آلت إليه حتى اليوم.

وعن الأسلحة الكيميائية والبيولوجية، التي هدّد نظام الأسد باستخدامها، سخر الديبلوماسي الأوروبي، مُشدّداً على أنها فقاعة إعلامية صرفة، نصحت بها إسرائيل الأسد، كآخر محاولاتهما للتشبث ببقاء نظامه. لافتاً إلى أن التهديد بهذه الأسلحة لو كان واقعياً وحقيقياً وعملياً وجدياً، لكانت ردّة فعل إسرائيل غير التي بدت منها، إذ اقتصرت على تمتمات إعلامية إعلانية وتحركات تلفزيونية، يغلب عليها التمثيل والمسْرحة، وكأننا نشاهد فيلماً أمريكياً تجارياً.

بعد تفكير طويل، يُجيبكَ الديبلوماسي الأوروبي عن سؤالك عن ما إذا الأسد، كآخر ورقة يلعبها، أعد لإقامة دولة علوية في جبل العلويين وفي اللاذقية على الساحل السوري وفي جزء من حمص وحماة، فقال إن بعض كبراء العلويين، يُعدون العدة لإقامة دولة علوية منذ العام 1936م، وقد نقل حافظ الأسد كميات الذهب الخاصة بتغطية العملة السورية إلى قرداحة، مسقط رأسه، في جبل العلويين، منذ الثمانينيات، كما نقل بشار الأسد معظم الأسلحة الدقيقة، التي يُحرّكها ضباط علويون، إلى جبل العلويين.

يلفتُ الديبلوماسي الأوروبي انتباهك، قبل أن تطرح عليه سؤالك التالي، فيقول إن إسرائيل وإيران قدّمت لبشار الأسد قبل نحو سنة مشاريع جدوى اقتصادية لإقامة أرقى المنتجعات السياحية في جبل العلويين ومناطق اللاذقية. قال الإسرائيليون والإيرانيون لبشار الأسد إن النفط ينفد، أما المشاريع السياحية فلا نفاد لها، تشجيعاً منهم لإقامة الدولة العلوية، التي يهمّ كل من إيران وإسرائيل قيامها، طالما أن إيران تشعر، في أعماقها، بأنها دولة أقلوية دينية في المنطقة، وكذلك هو شعور الإسرائيليين، ولكن بشكل أكثر وضوحاً وارتباكاً، وإحساساً، لا يمكن إخفاؤه، بزعزعة الوجود نفسه.

يُحذّر الديبلوماسي الأوروبي، الذي انضمّ قبيل سنتين إلى مركز ألماني عريق للأبحاث الشرق الأوسطية، من الأخطار التي تُحيط بمستقبل ومصير العرب، مما يحوكه ضدهم التحالف العلوي الإسرائيلي مع حركة ولاية الفقيه، لا سيما إذا ما استمرّ الأمريكيون يُعطون آذانهم صاغية إلى مشاريع إسرائيل في المنطقة.

يخلص الديبلوماسي والباحث الأوروبي إلى القول: تم اجتراح “مصطلح!” الشرق الأوسط. أنتَ إذا أردتَ أن تتكلم عن العالم العربي، بالأحرى عن الوطن العربي، في أي محفل دولي، فعليك أن تستخدم هذا “المصطلح!”، الذي يخفي هوية المنطقة الثقافية في هوية جغرافية خالية من المعنى. أي إن المحافل الدولية تمحو هوية أكثر من ثلاثمائة مليون عربي، كي لا تنخدش مشاعر خمسة ملايين يهودي إسرائيلي.

Zuhdi.alfateh@gmail.com
فيينا
 

متى نخدشُ مشاعر 5 ملايين إسرائيلي و1.5 مليون علوي
زهدي الفاتح

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة