ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Friday 03/08/2012 Issue 14554 14554 الجمعة 15 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

متابعة

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

نضجٌ مثيرٌ للفخر.. وإرادة جماعية متماسكة.. ونموذجٌ إنسانيٌ تجسدت فيه أروع الصور الأخلاقية.. وعمقٌ واحد مشترك في بلورة الأفكار لإسقاط نظرية (الظلم والاستبداد) وهدم صروح أنظمة ضيقت على شعوبها فرص الحياة الكريمة بوعود وهمية خُدِعوا بها لعقود من الزمن.. ذلك ما يميز هذه الحقبة من التاريخ المعاصر.

عالم اليوم ليس بعالم الأمس.. ويخطئ كثيراً من يتصور توقف حركة الزمن عند محاولة المرحلة الافتراضية التي تحولت على أرض الواقع إلى فيضان بشري جارف هزَّ أركان أنظمة مستبدة وأفقدها توازنها أمام ملاحم بطولية غير مسبوقة في تاريخ كل الثورات التي حدثت على مر العصور.

لكن إذا كان التنظيم في عالم افتراضي قد تحول إلى تنظيم في عالم الواقع محدثاً (تسونامي بشري) ثائراً منتفضاً يبحث عن طريق للخلاص من الظلم والاستبداد.. ويتعطش لحرية سُلِبت منه وعدالة حُرِم منها ويطالب بتطبيق أبسط مبادئ الإنسانية قد استطاع بصموده وقوة إرادته التي أبهرت العالم أن يتحرر من ثقافة القمع والقهر وجمود الوعي السياسي بانتفاضاته التي أسقطت أنظمته الفاسدة المستبدة.. إلا أن تساؤلات وتكهنات كثيرة لا تزال تطرح وتثار حول قضايا المشهد السياسي بكل ما يحمله من تناقضات وغموض لخارطة الطريق لمستقبل أوطان الربيع العربي وتبحث عن إجابة.. لكن تظل أسئلة الهواجس المرعبة القاسم المشترك لشعوب الثورة هي الأكثر أهمية رغم غموضها.. وماذا بعد...؟ وإلى أين...؟.

المأساة لا تنتهي بسقوط الأنظمة العقبة الرئيسة في وجه طموحات الشعوب.. المأساة الحقيقية تكمن في المخاض العسير للمرحلة الانتقالية التي هي الأخطر والأكثر تعقيداً.. والخطوة الأهم في صياغة أبرز محددات مستقبل الأوطان والشعوب، فإذا كانت ثورات الربيع العربي هي مطلب حتمي لتحقيق الكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية فإن التسييس والاتكاء على جدار الفوضى وغياب التنظيم السياسي فضلاً عن الخلافات بين مختلف القوى السياسية واتساع دائرة الانقسامات والتناحر بين التيارات الفكرية المؤيدة والمعارضة.. حال دون اكتمال تحقيق جزء كبير من أهداف الثورات الشعبية التي حدثت في أوطان الربيع العربي بل إن الشواهد تشير إلى حالة من التخبط والغموض والضبابية تخيم على واقع المشهد السياسي ما أدى إلى تزايد حالات القلق والتوتر وتفاقم حالة الانفلات الأمني واتساع دائرة الاحتجاجات فانحرفت الثورات عن مسارها بعد أن حققت شوطاً كبيراً من النجاح.. واُستُغلت الاستحقاقات الشعبية كمطية للصراع على السلطة.. فضلاً عن الانتهازية والنفاق والتملق والمحاباة وصولاً إلى الهتاف والتصفيق في المناشط وبعد الخطب والبيانات والشعوب التي انتفضت تسمع جعجعة ولا ترى طحناً.

ترى هل كل من صعد بانتهازية على أكتاف شباب الثورات يملك من الحنكة القيادية والحصافة السياسية والتفكير والتخطيط السياسي ما يؤهله ويمكنه من إدارة دولة والنهوض بوطن وتحقيق إرادة الشعب؟ الطوفان البشري الذي انتفض في غفلة من الزمن وبكل فئاته العمرية وطبقاته الاجتماعية والثقافية.. لم ينتفض ويصمد ويضحي ليستبدل الاستبداد والطغيان بالشلل والعجز أو يغير قيادة فاسدة بقيادة غير قادرة على استثمار هبات شعوبها فتسعى لبناء دولة المواطنة وتنمية اقتصادها الوطني وتحقيق العدالة والتنمية.. وبالتالي تقيس نجاحاتها بمدى إسهاماتها في البناء التنظيمي والإنجازات الفعلية التي تحققها على أرض الواقع بعيداً عن التنظير وأوهام القرارات الارتجالية التي تشبعت منها شعوب الربيع العربي على مدى عقود من الزمن.. الطريق لا يزال طويلاً أمام اكتمال نجاح التغيير وتحقيق الطموحات والتطلعات.. والباب لا يزال مفتوحاً أمام كل الاحتمالات.

zakia-hj1@hotmail.com
 

عود على بدء
حقبة مميزة من تاريخ معاصر.. ولكن!!!
زكية إبراهيم الحجي

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة