ارسل ملاحظاتك حول موقعنا Monday 06/08/2012 Issue 14557 14557 الأثنين 18 رمضان 1433 العدد 

الأخيرة

منوعات

دوليات

الرياضية

الأقتصادية

محليات

الأولى

الرئيسية

 
 
 
 

الرأي

      

بعد انتصاف شهر الخير رمضان، واقترابنا من لياليه العشر الأواخر حريٌّ بنا أن نسلط الضوء على أبعاد ما نزعم أنها مكتسبات معنوية ناجزة، تعيد للنفس طمأنينتها، وأخرى في المقابل قد نقول عنها أنها خسائر محسوسة، تفقد بعضنا خشوعه وتقاه، لتخرجه من روحانية هذا الشهر الكريم.

ومن هذه الخسائر ما هو مادي محسوس نستشعر أننا لم نحقق من خلاله ما يفيد في هذا الشهر الكريم، إذ يتمثل في عجزنا الواضح عن لجم ظاهرة الإنفاق المبالغ فيه لشراء الأطعمة والكماليات، والإسراف في متطلبات الشهر الكريم من المواد الاستهلاكية التي قد نكون في غنى عن أكثرها، فضلا عن أن يكون هذا الشهر معيارا حقيقياً للتقشف والإحساس بالحاجة والجوع، ومشاطرة البسطاء والجياع حياتهم ومعاناتهم اليومية!!

فالظاهرة التي تفاقمت هذه الأيام، وبلغت ذروتها في رمضان على وجه التحديد تمثلت في تضاعف المبيعات التي قد لا يكون لها أي علاقة بالصوم والصيام، على نحو ارتفاع مبيعات الأدوات الكهربائية والأواني والمفروشات بشهادة تجار الجملة والتجزئة أو المفرق، وأصحاب الوكالات، حيث زاد الإقبال على كل شيء في السوق، وكأن هذا الشهر الكريم فرصة سانحة للتسابق للشراء بلا أي مبرر!!

أضف إلى ذلك أنه ومع بداية الشهر الكريم بالغ التجار بلا حياء أو خوف أو رادع في رفع الأسعار بشكل غير مسبوق وذلك بشهادة أهل السوق أنفسهم، حيث يؤيد قولهم ما سعت إليه “هيئة حماية المستهلك” من رصد لرفع الأسعار بلا مبرر، إلا أنه لا حول أوطول لهذه الهيئة المسكينة .. فهي تتفرج كعادتها على المشهد المأساوي للعبث في سوق المواد الغذائية والفاكهة والخضار والتمور، وإن شاركت هذه الهيئة في تعرية الواقع فإنها فقط تسهم بمزيد من النواح والأسف على ما يحدث.

الغريب في ذاكرة أهل الصيام هذه الأيام أنها باتت هشة لا تحفظ جماليات هذا الشهر الكريم، ولا تترجم أبعاده الروحية والإنسانية، ولم تعد تتفاعل للأسف مع أي ألم اجتماعي يقع علينا أو على من حولنا، بل بتنا ونحن صيام لا نتأثر بما حولنا من كوارث ومصائب تحل بالشعوب المجاورة والبعيدة، فبات الأمر في رمضان - للأسف - مجرد مناسبة تكثف فيها المصاريف، وتنشط فيها المأكولات والمشروبات، وكأننا وصلنا للتو جياعاً وعطاشاً من جزر بعيدة لا تعرف معنى الغذاء والارتواء.

العجيب أن هذا الشهر لم يشهد أي زيادة في المداخيل الشهرية، أو السنوية للناس فكيف يتم الإنفاق في ظل اعتيادية الأمور وطبيعتها؟! .. فرمضان هو كسائر الشهور.. فلماذا إذاً هذه الحملة النهمة؟! وهل سببها العمل الرسمي المتمثل في تباطؤ العمل الوظيفي وتخفيف ساعات العمل والعطل وتكاثر الإجازات، أم تراه بواعث الجانب الاستهلاكي الذي تغلغل في كل شيء حتى في تفاصيل هذا الشهر الكريم؟ ..

ألم نتحول في ليالي هذا الشهر للأسف إلى ما يشبه قاعات العرض المرئي للمسلسلات الدرامية المزعومة، ومشاهد الترفيه المتهالك، والمسابقات المكررة والنمطية، والحكايات التي يبترها الإعلان، وكأن القضية التي تناقش هي حول مادة الإعلان الذي يصطخب بشكل غير مسبوق بالأزياء والألوان والمكياج لا أكثر ولا أقل.

hrbda2000@hotmail.com
 

بين قولين
ذاكرة الصيام
عبد الحفيظ الشمري

أرشيف الكاتب

كتاب وأقلام

 

حفظارسل هذا الخبر لصديقك 

 
 
 
للاتصال بناخدمات الجزيرةالأرشيفالإشتراكاتالإعلاناتمؤسسة الجزيرة