تلقيت رسالة إلكترونية من أحد الزملاء لمقال كتبه أحمد محمد الشريدي الأسبوع الماضي بعنوان فاجعة حريملاء قال: من محافظة حريملاء حمل عمر بن محمد الشريدي 18 عاما والدته وشقيقته العنود 13 عاما في سيارته متوجها إلى الرياض، وفي نفس المكان الذي توفي فيه قبل سنوات بحادث مروري والد الأم وشقيقها ليكون اللقاء الأصعب للعائلة مع الموت، ليلقى الثلاثة حتفهم تحت أكوام من الحديد وكتل الخرسانة، ومع هذا الحدث المفاجئ انطوت صفحة عائلة كاملة؛ الأم الفاضلة وشاب في الجامعة وطفلة في عمر الزهور، وكانت وصية عمر والعنود مكتوبة كل على حدة في مواقع التواصل الاجتماعي قبل ساعات من الوداع الأخير..

كتب عمر لأصدقائه قبل وفاته: رسم ثلاثة قلوب وعبارة لا أدري إن نمت من سيوقظني؟ أهلي أم الملكين لسؤالي.. اللهم أحسن خاتمتي واصرف عني ميتة السوء. وكتبت العنود 13 عاما في الصف الثالث متوسط بمدارس تحفيظ القرآن: أوعدوني حين موتي أن لا تتركوني.. تعلمون أني أخاف الظلام تحدثوا معي بالدعاء واجعلوا قبري نورا. انتهى رحمهما الله رحمة واسعة وأسكنهما فسيح جناته، بلا شك تأثرت كثيرا لأن هذا الشاب وشقيقته يدركان مخاطر الطرق وبخاصة طرق شمال غرب وغرب منطقة الرياض باستثناء طريقي القصيم ومكة المكرمة، بأنها طرق العذاب والموت... طرق الوشم هي واحدة من طرق العذاب والموت، الطريق إلى شقراء الذي يبدأ من مدينة الرياض، صلبوخ، حريملاء، ثادق، رغبة، القصب، شقراء الدوادمي، ويستمر إلى المستوى والقصيم، طريق العذاب اليومي لأنه يجتاز عقبات مرتفعة وهضاب ظهرة جبال طويق وصفرائها، ومن خلال شبكة أودية ومراعي ومنعطفات صعبة ومفاجئة وكذلك تعرجات مع تدرجات حافات طويق وأوديتها الجافة تكمن الخطورة القاتلة...

يخدم هذا الطريق مجمعات أكاديمية كبيرة بتعدد سكاني كثيف، ورحلات طلابية وأعضاء هيئة التدريس لجامعة شقراء والمصالح الحكومية والمؤسسات الأخرى... طريق العذاب اليومي الرياض شقراء الدوادمي يخدم جامعة شقراء التي تضم على هذا المسار أربعة مجمعات أكاديمية للجامعة هي:

أولاً: مجمع الكليات بحريملاء ويخدم بعد اكتماله حوالي 18 ألفاً من أعضاء هيئة التدريس والطلاب.

ثانياً: كلية ثادق تخدم جميع محافظة ثادق والمحمل وقرى الرياض الغربية يتجاوز المنسوبون 5 آلاف من أعضاء هيئة التدريس والطلاب.

ثالثاً: المدينة الجامعية بشقراء وسوف يكتمل معمارها قريباً -بإذن الله- وتستوعب حسب إحصاءات وزارة التعليم العالي 60 ألفاً من أعضاء هيئة التدريس والطلاب.

رابعاً: مجمع الكليات في الدوادمي ويضم 9 كليات وهو أشبة بمدينة جامعية غير معلنة واستيعابها إذا اكتملت نحو 50 ألف طالب وطالبة وأعضاء هيئة التدريس... هذا الطريق الذي شهد فاجعات كثيرة آخرها الأسبوع الماضي أسرة الشريدي تقبلهم الله وجعلهم من الأبرار وألهم ذويهم الصبر والسلوان هم بعد قضاء الله وقدره من ضحايا طريق العذاب والموت المتعرج والمنحنيات المفاجئة والخطرة وانكشافه للإبل والجمال والبهائم وأخطار سيارات الشاحنات التي تحمل الصخور من المحاجر والكسارات، وعدم حمايته بسياج أو حواجز أو إشارات تحذيرية هذا الطريق يسلكه قاطنو تلك المحافظات ورحلات العلم والعمل اليومي من طلاب وطالبات وإدارة أكاديمية برحلة معاكسة قصد منها تخفيف الضغط على مدينة الرياض وتوزيع الخدمات على المحافظات لكنها أصبحت منسية من خدمات الطرق وتركت لمصيرها...

سالكو الطريق تنقبض أرواحهم مع كل منحدر، وتخفق قلوبهم مع كل منعطف جائر، ومع كل تقاطع مروع، يشاهدون الموت (عيان وبيان) ويتوقعون الموت يزرهم في كل لحظة ومع كل لمحة بصر.

هذا يحدث لتجمع محافظات تجاوز تعداد سكانها داخل النطاق الأكاديمي لجامعة شقراء نصف مليون نسمة...

فهل هناك التفاتة لطريق الوشم طريق العذاب اليومي.