لو قابلت أي موظف يعمل في أي قطاع سواء كان عاماً أو خاصاً فحتماً لو سألته عن جو العمل لديه وبيئته سيجيبك أنه رديء أو جيد، وهذا الوصف لا يتعلق بالجو المعنى التقليدي لهذه الكلمة، بل هو يتعلق بأسلوب العمل والإدارة لديه؛ فإما أن تكون إدارة ديناميكية متجددة ومتطورة أو إدارة ضعيفة تقليدية لا تزال تستخدم الطامس عدة مرات في خطاباتها التقليدية الركيكة التي لا تخرج بمضمون إداري منجز وفاعل، وإضافة إلى هذه الأجواء الإدارية الملوثة والمعتمة للرؤية فإنها فيها من التناقضات والحساسيات والخلافات بين منسوبيها ما يكفي لتعطيل عجلة العمل الإداري الصحيح فيها.

وأعتقد أنه من خلال التجارب التي نمر ومررنا بها كموظفين أن أهم عامل يسبب هذه السلبيات هو المدير ومكتبه ورؤساء الأقسام لديه؛ فإذا كان رأس الهرم في هذه الإدارة يعاني من علة إدارية فإنه ينتج أوامر وقرارات معلولة ومريضة تنتقل إلى بقية رؤساء الأقسام والموظفين لديه، ودائماً عندما نرى أي إدارة ما يوجد بها تسيب وعدم إنتاجية أو بيروقراطية يتضح لنا أن السبب هو المدير؛ لأنه هو مصنع ومصدر هذه النتائج، فلو كان صحيحاً وينتج خطوات إدارية صحيحة لكان ذلك منعكساً على منسوبيه وأعمالهم (والمثل يقول: إذا كان صاحب البيت للدف ضارباً فشيمة أهله كلهم الرقص).

والبيئة الإدارية الصحيحة يجب أن تكون متمثلة في شخص المدير وصفاته الإدارية والنفسية، فلا بد أن يكون المدير مدركاً لعمله وفاهماً لأهداف إدارته، وأن يكون شجاعاً في اتخاذ قراراته بمعنى ألا يكون متهوراً بقرارات لا تنشد المصلحة أو غير قابلة للتطبيق، بل تكون قوية في أهدافها وتأخذ طريقها للتنفيذ بدون عوائق، ثم أن يكون مهيَّأًً نفسياً ولديه القدرة والذكاء والخبرة للتعامل مع إفرازات العامل والموظفين ويعالج مشاكلهم بشكل جيد دونما تحايل من أحد يحاول الالتفاف على الأعمال الإدارية أو يحاول عرقلة الأداء، وأن يتخذ الحزم واللين ويستخدمهما كل في موقعه، وأن يحرص على مكافأة وتشجيع المتميزين بكافة السبل؛ لأن ذلك سيحقق الرضا للجميع بل سيحفز الكل للإبداع والارتقاء بالعمل.

لأننا دائماً ما نعاني في إداراتنا من مشكلة المدير وتصرفاته وإدارته التي غالباً ما تكون بين المد والجزر فإما ابتلينا بمدير ضعيف أو بمدير متسلط وكليهما بدون إنتاجية، وما يزيد الطين بلة هي طريقة اختيار هؤلاء المديرين التي غالباً ما تكون بالمجاملة دون تقصي معايير المدير الناجح.

شقراء